توقيت القاهرة المحلي 22:47:21 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أجراس العودة إلى الوراء

  مصر اليوم -

أجراس العودة إلى الوراء

فهمي هويدي

بعدما مر أسبوع على يوم الأربعاء الأسود (14/8) بوسعنا أن نتساءل: هل كان الاعتصام هو أصل المشكلة فى مصر أم أنه فرع عنها؟ ــ وهو سؤال ما كان لنا ان نطرحه خلال الأسابيع التى سبقت الانقضاض على المعتصمين فى ميدانى رابعة والنهضة، لان أبواق السلطة وقنواتها المختلفة ظلت تعتبر ان فض الاعتصام هو الهدف القومى الذى لا ينبغى ان تنشغل الأمة بغيره. وسمعت بأذنى مقدما لأحد البرامج التليفزيونية يعيد ويزيد فى ان التسعين مليون مصرى (لا تدقق فى الرقم) ينتظرون بفارغ الصبر فض الاعتصام، وان اشغال الناس بغير هذه القضية الحيوية بمثابة طعن لثورة 30 يونيو. وإزاء ذلك الحماس الجارف فان مسألة تكلفة استخدام القوة لتحقيق ذلك الهدف «القومى» لم يكترث بها أحد. وانعقد الاتفاق بين المحرضين والمهيجين على انه لا مفر من القوة، ولكن عند الحد الأدنى. ورغم انهم لم يحددوا كم قتيلا ينبغى ان يسقطوا لتوفير ذلك الحد الأدنى إلا انهم امتدحوا الشرطة وأشادوا بحرفيتها وكفاءتها فى ضبط النفس حين سقط 900 قتيل فقط (حسب الأرقام الرسمية) وأصيب ثلاثة آلاف آخرون (هذا فى القاهرة وحدها). هكذا، فانه بعدما تحقق المراد، وتم فض الاعتصام بتكلفته الباهظة، يحق لنا ان نتساءل عما ان كانت المشكلة قد حلت أم انها لاتزال كما كانت قبل الفض، مجمدة ومستعصية على الحل؟ وهو سؤال يضطرنا إلى العودة قليلا إلى الوراء لكى نبدأ بتعريف المشكلة وتحريرها. فمبلغ علمنا ان المشكلة سياسية بدأت بالانقلاب العسكرى الذى أدى إلى عزل الدكتور محمد مرسى وتنصيب آخر مكانه. ومن ثم هدم كل ما تم بناؤه بعد انتخاب الدكتور مرسى وفى المقدمة من ذلك حل مجلس الشورى المنتخب وتجميد الدستور المستفتى عليه. وأيا كان رأينا فى تلك المرحلة فالشاهد انها حققت بعض الخطوات على طريق الممارسة الديمقراطية. ورغم القصور أو الخطأ فى تلك الخطوات، فاننا كنا نعرف على الأقل ان ثمة آلية ديمقراطية تمكننا من تصويب الخطأ ومحاسبة من أخطأ واستبداله بغيره ان كان ذلك ضروريا. وهو ما اختلف بعد انقلاب 3 يوليو، الذى استدعى إلى الواجهة شرعية جديدة استندت إلى التأييد الشعبى الذى اتكأت عليه القوات المسلحة، وهذه حلت محل شرعية الصندوق التى استند إليها نظام الدكتور محمد مرسى، ومنذ حسم الصراع بين الشرعيتين لصالح الأولى دون الثانية انفجرت الأزمة فى العلن ومرت محاولة حلها بأطوار عدة، كانت الجهود الدبلوماسية الدولية من بينها. ومن الواضح ان تلك الجهود فشلت. لا نعرف تفاصيل الاتصالات التى جرت فى تلك المرحلة، لكن صحيفة نيويورك تايمز ذكرت فى تقرير نشرته يوم 17/8 الحالى ان وزير الدفاع الأمريكى أجرى 17 اتصالا هاتفيا بهذا الخصوص مع الفريق السيسى، وان كل اتصال كان يستغرق ما بين 60 و90 دقيقة، كما تحدث التقرير عن تيار نافذ فى دائرة القرار بمصر ظل رافضا للتفاهم ومؤيدا لفكرة التصعيد «للتخلص من الإخوان بصفة نهائية»، بعد تكريس الانطباع بأنهم جماعة إرهابية. وإذا صحت هذه المعلومات فانها تفسر لماذا كان الصدام حتميا ولماذا كان استخدام القوة فى فض الاعتصامات قرارا مسبقا؟. لم يتح لنا ان نسمع وجهة نظر الإخوان إلا ان صورتها كجماعة إرهابية واجبة الإقصاء والاستئصال ظلت تعمم طول الوقت من خلال تصريحات السياسيين والأبواق الإعلامية، إلى ان انتهى الأمر بالتضحية بعدة ألوف بين قتيل وجريح. وفى أعقاب ذلك قرأنا أمس ان مجلس الوزراء سيبحث مقترحات جديدة لحل الأزمة أعدها الدكتور زياد بهاء الدين نائب رئيس الوزراء. ولا نعرف ما إذا كانت الحكومة صاحبة قرار فى هذه المسألة أم لا، إلا ان فكرة تقديم المقترحات بحد ذاتها تعنى ان فض الاعتصام لم يحل الأزمة، ولكنه عالج بعض اعراضها فى الأجل القصير على الأقل، وهو ما يعنى أيضا وضمنا ان الأزمة لاتزال تراوح مكانها تنتظر الحل. واننا بعد التكلفة الباهظة التى دفعت عدنا إلى المربع رقم واحد، ولاتزال تحيرنا إجابة السؤال مع العمل؟ ظاهر الأمر ان الأزمة سوف تستمر إلى أجل غير قريب. وعندى من القرائن والإشارات ما يدل على ان الرغبة فى حلها بشكل جاد لم تتوفر بعد، وان مصر فى صدد الدخول فى أجواء الخمسينيات والستينيات من القرن الماضى التى تأجج فيها الصدام بين الرئيس عبدالناصر والإخوان (هل يكون ذلك سببا فى استدعاء اسم عبدالناصر هذه الأيام؟). وهو ما يعنى ان مصر بصدد العودة إلى الوراء لأكثر من خمسين عاما على الأقل. والمشكلة فى هذه الحالة لن تتمثل فى مصير الإخوان، رغم أنها تبدو مهيمنة على الخطاب السياسى والإعلامى هذه الأيام، ولكن المشكلة الأكبر ستكون من نصيب مصير المسار الديمقراطى، الذى إذا كنا قد رأينا لصالحه ضوءا فى نهاية النفق بعد ثورة 25 يناير، إلا اننا فى ظل الانسداد الراهن صرنا نتلمس النفق ذاته فلا نجده. نقلاً عن "الشروق"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أجراس العودة إلى الوراء أجراس العودة إلى الوراء



GMT 08:48 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

بيت من زجاج

GMT 08:46 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

إدارة ترامب والبعد الصيني – الإيراني لحرب أوكرانيا...

GMT 08:45 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب ومشروع تغيير المنطقة

GMT 08:44 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا جرى في «المدينة على الجبل»؟

GMT 08:34 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

طبيبة في عيادة «الترند»!

GMT 08:33 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

الشعوذة الصحافية

GMT 08:32 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ولاية ترمب الثانية: التحديات القادمة

GMT 08:31 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

من الرياض... التزامات السلام المشروط

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:43 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته
  مصر اليوم - عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته

GMT 09:44 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

جورج وأمل كلوني يحتفلان بذكرى زواجهما في أجواء رومانسية

GMT 12:02 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

نصائح وأفكار لإطلالات أنيقة ومتناسقة

GMT 20:58 2016 الجمعة ,28 تشرين الأول / أكتوبر

لجان البرلمان المصري تستعد لمناقشة أزمة سورية

GMT 23:21 2018 الأربعاء ,21 آذار/ مارس

تعرفي على خطوات للحفاظ على "لون الصبغة"

GMT 23:40 2018 الأحد ,04 آذار/ مارس

تعرف على سعر ومواصفات سكودا كودياك 2018

GMT 19:31 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الشرطة تكشف تفاصيل تجريد أستاذ جامعي من ملابسه

GMT 18:47 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

شركة فيات كرايسلر تكشف عن تراجع ديونها بمقدار النصف
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon