توقيت القاهرة المحلي 15:56:07 آخر تحديث
  مصر اليوم -

خوف على سيناء وليس منها

  مصر اليوم -

خوف على سيناء وليس منها

فهمي هويدي

رأينا فى الصور التى خرجت من سيناء أمس حاملة عسكرية تقوم بنشر المدرعات، وبلدوزر يدك أحد الأنفاق، وقرأنا فى التقارير المنشورة عن طائرات الأباتشى التى تواصل قصف البؤر الإرهابية، وعن تدمير مخازن للأسلحة فى الشيخ زويد ورفح وعن سقوط تسعة من الإرهابيين الذين استهدفتهم الحملة العسكرية. وهذا الذى طالعناه أمس تكرر بصورة أو أخرى طوال الأيام السابقة، خصوصا منذ صدمة قتل 25 من جنود الأمن المركزى على أيدى بعض الإرهابيين فى 18 أغسطس الماضى. الشاهد أن سيناء فى الإعلام المصرى والوجدان العام أصبحت ساحة مسكونة بالبؤر الإجرامية من ناحية، وعصابات التهريب من ناحية ثانية، ثم إنها مصدر لأخطار وشرور تهدد أمن مصر تأتيها عبر الأنفاق المنتشرة على طول الحدود مع قطاع غزة. ويبدو أن هذه الصورة استقرت فى أذهان النخب القابضة على السلطة حتى باتت تخاطب سيناء بالمدرعات والأباتشى والبلدوزرات. أدرى أن لغة القوة هذه ظهرت إلى السطح فى أعقاب تعدد حوادث الاشتباك والتفجير خصوصا تلك التى استهدفت جنود الأمن المركزى كما استهدفت رموز السلطة والأمن فى شمال سيناء وجنوبها، وليس لدى أى كلام فى ضرورة محاسبة الذين ارتكبوا تلك الحوادث، لكن تحفظى ينصب على أمرين هما. اسلوب المحاسبة الذى ينبغى أن يحتكم فيه إلى القانون وتتوفر له ضمانات العدالة المتعارف عليها، ثم نطاق المحاسبة الذى ينبغى ألا يهدر حقوق الأبرياء من خلال الاستخدام المفرط للقوة العمياء. اننى أخشى فى التعامل مع سيناء من التعويل على القوة وليس القانون، وعلى الانفعال وليس الحكمة. كما اننى أخشى من اعتبار الأصل فى السيناويين هو الاتهام وليس البراءة ومن تصنيف سيناء بحسبانها جبهة قتال وليست جزءا من وطن، فى الوقت ذاته فإننى أكرر وأشدد على أن الأمن فى سيناء قضية أكبر بكثير من أن يتولاها رجال الأمن دون غيرهم. صحيح أن الجرائم التى ارتكبت فى سيناء تستحق الغضب وتستدعى الاستنفار والحساب. إلا أن ذلك لا يبرر بأى حال الانتقام من أهالى سيناء. ولا اعتبار ما جرى بمثابة لعنة تطارد الجميع أو ثأر يجب الأخذ به ورد الصاع فيه بصاعين. ذلك ان غضب السلطة له ضابط من القانون وله حدوده المحكومة بالمصالح العليا، أما حين تطلق السلطة العنان للانفعال المتجاوز للضوابط والحدود، فان ذلك يفتح الباب واسعا لمسلسل الكوارث والشرور. أقول هذا الكلام وبين يدى كم من الرسائل والشهادات الآتية من سيناء، التى توحى بان المحظور وقع، وان ما أحذر منه أصاب أناسا أبرياء فى معايشهم وأرزاقهم ودورهم وزروعهم. الأمر الذى أحدث جروحا غائرة يصعب التئامها فى الأجل المنظور. واحدة من تلك الرسائل تلقيتها من الأستاذ إسماعيل الإسكندرانى الذى عرف نفسه بأنه حقوقى وصحفى قادم من سيناء. وقد رسم فيها صورة صادمة ومفجعة. إذ تحدث عن مسجد قصف مرتين بطائرات الأباتشى، وعن امرأة مسنة قتلت برصاص خارق للجدران أصابها وهى جالسة فى بيتها. وعن السيارات التى أحرقت، والبيوت التى تم تفتيشها ولم يعثر فيها على شىء. فأخرجت منها أنابيب البوتاجاز ثم أشعلت النيران فى أثاثها، تحدث أيضا عن الاستيلاء على محتويات بعض البيوت بما فى ذلك حلى النساء، وعن أشجار زيتون جرفت وأبراج حمام دمرت وأغنام قتلت وعشش وخيام أحرقت. وذلك قليل من كثير تحدثت عنه الرسالة التى أرفقها بصور تم التقاطها لتلك المشاهد، التى أرجو أن تكون محل تحقيق من جانب منظمات حقوق الإنسان على الأقل. إذا كان يدهشنا ذلك الذى يحدث فى سيناء باسم مكافحة الإرهاب، فإن ما يحدث على الحدود مع قطاع غزة يحيرنا، لاننا لا نعرف بالضبط سببا مقنعا له ولا مصلحة وطنية فيه. اتحدث عن تدمير الانفاق وإقامة منطقة عازلة بطول 13 كيلو مترا على الحدود. وينتابنى شعور بالخزى حين يخطر لى ان إسرائيل هى المستفيد وصاحبة المصلحة الحقيقة فى الاثنين، هى مستفيدة من خنق القطاع وتجويعه وهى المستفيدة من المنطقة العازلة التى لم يستطع نظام مبارك المضى فيها قبل خمس سنوات (عام 2008) فأوقفها توقيا لغضب الأهالى. لا يستطيع المرء إلا أن يسلم بأن التعبئة ضد الانفاق وإيهام المصريين بخطرها حققت نجاحا مشهودا، إلا أن كل من له ضمير حى لابد أن تقلقه الكارثة الإنسانية التى تهدد القطاع جراء احكام هدم الانفاق، ولابد أن تتضاعف حيرته حين يجد ان فتح معبر رفح لمرور البشر والبضائع واخضاعه لرقابة السلطة المصرية يمكن ان يمثل بديلا يطمئن المصريين ويريح أهالى القطاع، لكن مشكلته الوحيدة أنه لن يحظى برضى الإسرائيليين. نقلاً عن "الشروق"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خوف على سيناء وليس منها خوف على سيناء وليس منها



GMT 15:28 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

حماية المريض والطبيب بالحوار

GMT 15:26 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

نفس عميق!

GMT 15:25 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

الأزهر لا سواه لها

GMT 15:24 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

أُسطورةُ فى جباليا!

GMT 15:23 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

شركاء فى الجريمة

GMT 07:13 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

علاقات بشار التي قضت عليه

GMT 07:12 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

«في قبضة الماضي»

GMT 07:11 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

كَذَا فلْيكُنِ الشّعرُ وإلَّا فلَا!

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 15:49 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

شيرين عبد الوهاب تعود لإحياء الحفلات في مصر بعد غياب
  مصر اليوم - شيرين عبد الوهاب تعود لإحياء الحفلات في مصر بعد غياب

GMT 19:21 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

برشلونة يحتفل بذكرى تتويج ميسي بالكرة الذهبية عام 2010

GMT 11:32 2020 الجمعة ,25 كانون الأول / ديسمبر

دبي تهدي كريستيانو رونالدو رقم سيارة مميز

GMT 04:41 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

وزارة الصحة الروسية تسمح بتغيير نظام اختبار لقاح "Sputnik V"

GMT 21:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

أول تعليق من نيمار بعد قرعة دوري أبطال أوروبا

GMT 06:29 2020 السبت ,17 تشرين الأول / أكتوبر

حمادة هلال يهنئ مصطفي قمر علي افتتاح مطعمه الجديد

GMT 07:23 2020 الجمعة ,16 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الجبس في مصر اليوم الجمعة 16 تشرين أول /أكتوبر 2020
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon