توقيت القاهرة المحلي 02:56:08 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فى اللامعقول السياسى

  مصر اليوم -

فى اللامعقول السياسى

فهمي هويدي

نشرت صحيفة هاآرتس فى 8/9 الحالى مقالة عبر فيها كاتبها عاموس هاريل عن حفاوته بالضغوط التى تمارسها مصر على حركة حماس. لكنه شكك فى صحة ما تروجه المصادر المصرية عن دعم حماس للجماعات الإرهابية فى سيناء، وعن دورها فى محاولة اغتيال وزير الداخلية المصرى بسيارة مفخخة. هذه الشكوك التى عبر عنها الكاتب الإسرائيلى قد يستغربها كثيرون فى مصر، بعدما نجحت حملة التحريض والشيطنة فى إقناعهم بأن حماس تسعى لزعزعة الاستقرار فيها. وعند هؤلاء فإن هذه الاسطورة تحولت إلى عقيدة راسخة أقرب إلى المسلمات التى لا تقبل النقض أو المناقشة. وليت الأمر وقف عند ذلك الحد، لأن الأبالسة الذين روجوا للاسطورة ذهبوا بعيدا فى التعبئة المضادة والتحريض حتى قرأنا لبعض المثقفين قولهم ان الفلسطينيين (هكذا بالجملة) صاروا جزءا من أزمة مصر. وقد أشرت إلى ذلك أمس، نقلا عما نشرته جريدة الأهرام يوم الثلاثاء الماضى 17/9. هذا الذى يبدو مسلَّمة فى أوساط بعض المصريين، يصيب قيادات حماس بالدهشة والصدمة. وهو ما وصفه الدكتور موسى أبومرزوق نائب رئيس المكتب السياسى للحركة بأنه من قبيل اللامعقول الذى تصور البعض بأنه بات معقولا. خصوصا ان كل ما قيل عن «تآمر» حماس على مصر لايزال أقرب إلى الادعاء والتسريبات التى لم تؤيدها وقائع ثابتة على الأرض أكدها أى تحقيق نزيه. وفى رأيه ان العلاقة بين القطاع الصغير والمحاصر وبين مصر الكبيرة والمفتوحة أكبر وأعمق من أن تحتمل اشتباكا بينهما. ذلك انها تتجاوز الاعتبارات الإنسانية والعلاقات العائلية التى تربط بين أهل الدلتا وسكان القطاع، لتشمل المصالح الاستراتيجية والمنافع المتبادلة، التى لا يخطر على بال عاقل أن يضحى بها لأى سبب، إذ المعلوم للكافة ان مصر تمثل المنفذ الوحيد المتاح الذى من خلاله تتواصل غزة مع العالم الخارجى، بعد استبعاد إسرائيل بطبيعة الحال. وهو ما يفرض على قيادة القطاع ان تحافظ على جسورها مع مصر لا أن تخرب تلك الجسور وتقطعها. وهو ما يضطرها لاحتمال ضغوط كثيرة من القاهرة بسبب الخلافات السياسية التى كانت فى أوجها على عهد نظام مبارك الذى كان أكثر تعاطفا مع إسرائيل. من  ناحية أخرى فإن قطاع غزة يعتمد اعتمادا شبه كلى على مصر، فى تجارته ومستلزمات معيشته وفى تعليم أجياله وفى علاج مرضاه...الخ. وقد أعلن هذا الأسبوع أنه بسبب تضييق مصر على القطاع فى مستلزمات الوقود مؤخرا فإنه بات مهددا بالغرق بمياه الصرف الصحى، لأن ذلك سيؤثر على تشغيل مولدات الكهرباء، مما سيترتب عليه تعطيل قرابة 205 آبار مياه و42 مضخة للصرف الصحى و10 محطات مركزية لتحلية المياه إضافة إلى 4 محطات لمعالجة مياه الصرف الصحى. وإذا كان للقطاع مصلحته الأكيدة فى الحفاظ على جسوره مع مصر، فإن لمصر بدورها مصلحة حقيقية فى الاحتفاظ بعلاقات ايجابية ومستقرة مع القطاع، باعتبار ان ذلك من متطلبات حماية الأمن القومى. ذلك أن البديل عن حركة المقاومة الإسلامية التى تدير القطاع الآن أن يكون سلطة فلسطينية تنسق أمنيا مع إسرائيل وتدخل ضمن «كنزها الاستراتيجى»، وذلك وضع لا أظنه يخدم أمن مصر أو يطمئنها. بقى بعد ذلك السؤال: لمصلحة من تفتعل الخصومة ويستمر الدس، ويروج للمواجهة بين حماس ومصر؟ــ لقد أشرت أمس إلى حزمة الوثائق التى أعلنت عنها حماس والتى اثبتت أن للأجهزة الأمنية الفلسطينية دورها فى السعى المستمر لتوتير وتفجير علاقة الحركة بمصر، (وليس مفهوما ذلك السكوت المصرى على تلك الوثائق، التى كان يفترض ان تخضع للتحقيق والتمحيص عند الحد الأدنى للتثبيت من صدقيتها).. وإذا كان للسلطة فى رام الله ثأرها ضد حماس، فإن الثأر الإسرائيلى اضعافه، لأن حماس لا تزال تمثل شوكة فى خاصرتها ورمزا لتحدى صلفها وكبريائها. وهو ما اثبتته حماس فى أكثر من تجربة أكدت قدرتها على التحدى واصرارها على المقاومة ورفض الركوع. هذه الخلفية تسوغ لنا ان نقول إن المستفيد الوحيد من الوقيعة والدس بين مصر وحماس هم الإسرائيليون أولا، وأعوانهم الذين لا ينسقون معهم فقط ولكنهم يرفضون المقاومة أساسا. ثم إن نجاح تلك المساعى ليس من شأنه ان يضاعف الضغوط على حماس فقط ولا ان يرفع من منسوب المعاناة والعذاب الذى يعانى منه الفلسطينيون فى القطاع فحسب، ولكنه يشكل ضررا بالأمن القومى المصرى الذى يعد استقرار الأوضاع فى القطاع  وفى سيناء من ضروراته، ولأن أى عقل استراتيجى رشيد يحذر من ان تخاصم أى دولة جيرانها، فإن مصر ينبغى أن تحذر دائما من تقاطع مصالحها مع ليبيا والسودان وقطاع غزة، إذا أرادت أن تظل ضمن الراشدين. نقلاً عن "الشروق"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فى اللامعقول السياسى فى اللامعقول السياسى



GMT 08:48 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

بيت من زجاج

GMT 08:46 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

إدارة ترامب والبعد الصيني – الإيراني لحرب أوكرانيا...

GMT 08:45 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب ومشروع تغيير المنطقة

GMT 08:44 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا جرى في «المدينة على الجبل»؟

GMT 08:34 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

طبيبة في عيادة «الترند»!

GMT 08:33 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

الشعوذة الصحافية

GMT 08:32 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ولاية ترمب الثانية: التحديات القادمة

GMT 08:31 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

من الرياض... التزامات السلام المشروط

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:43 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته
  مصر اليوم - عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته

GMT 09:44 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

جورج وأمل كلوني يحتفلان بذكرى زواجهما في أجواء رومانسية

GMT 12:02 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

نصائح وأفكار لإطلالات أنيقة ومتناسقة

GMT 20:58 2016 الجمعة ,28 تشرين الأول / أكتوبر

لجان البرلمان المصري تستعد لمناقشة أزمة سورية

GMT 23:21 2018 الأربعاء ,21 آذار/ مارس

تعرفي على خطوات للحفاظ على "لون الصبغة"

GMT 23:40 2018 الأحد ,04 آذار/ مارس

تعرف على سعر ومواصفات سكودا كودياك 2018

GMT 19:31 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الشرطة تكشف تفاصيل تجريد أستاذ جامعي من ملابسه

GMT 18:47 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

شركة فيات كرايسلر تكشف عن تراجع ديونها بمقدار النصف
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon