توقيت القاهرة المحلي 21:14:46 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عن العدالة الانتقائية

  مصر اليوم -

عن العدالة الانتقائية

فهمي هويدي

هذا بالضبط ما كنا نريده، أن نعرف من فعل ماذا؟ فقد ذكرت الصحف هذا الأسبوع أنه تم إلقاء القبض على المتهم الرئيسى بحرق كنيسة كرداسة. كما يجرى التحقيق مع عدد من الأشخاص لتحديد المسئول عن مقتل مساعد مدير أمن الجيزة، اللواء نبيل فراج، وكانت الصحف قد تحدثت عن القاء القبض على ثلاثة من المتهمين بقتل الجنود المصريين فى رفح خلال شهر أغسطس الماضى، وأن أحدهم، اسمه عادل حبارة، اعترف باشتراكه فى الجريمة. صحيح ان ذلك لا يحسم الامر تماما، لاننا لازلنا بصدد تحريات للشرطة وتحقيقات للنيابة، فى حين ان الإدانة تثبت بحكم القضاء. الا اننا على الأقل تعرفنا على خيط فى تلك القضايا قد يوصل إلى المتهم الحقيقى، بعد استيفاء الإجراءات والضمانات التي تسمح للعدالة بأن تأخذ مجراها. بمعايير زماننا فالتعرف على هوية المتهمين فى أى قضية متعلقة بالأوضاع الراهنة يعد تطورا ايجابيا مهما، ذلك اننا درجنا على ان نقرأ فى الصحف اتهامات تهدر مبدأ شخصية الجريمة، فتنسب الوقائع وتوزع التهم على جماعات من غير المرضى عنها سياسيا، اعتمادا على تقارير وتحريات الأجهزة الأمنية. بالتالى فان الإدعاء والمحاكمة والحكم ذلك كله يتم على صفحات الصحف، دون أن يكون لتحقيقات النيابة أو أحكام القضاء صلة بالقضية. وليس ذلك أغرب ما فى الأمر. لأن الأغرب من ذلك أن هناك قطاعات استمرأت هذا الأسلوب. وقبلت مبدأ الادعاءات والمحاكمات الإعلامية، حتى أصبحت تستنكر التحذير من التسريبات الأمنية التى أصبحت تصفِّى الحسابات السياسية من خلال وسائل الإعلام. ومن المدهش أن بعض المثقفين أصبحوا يرحبون بتلك الادعاءات لمجرد انها تتفق مع أهوائهم. ومنهم من عبر عن تململه واستيائه حينما دعوت إلى عدم الاستباق وانتظار تحقيقات النيابة ورأى القضاء فى الموضوع لكى تتحدد المسئولية بوضوح، ويحاسب الفاعل على ما اقترفته يداه. وكنت ولازلت أستغرب ان يفسر ذلك الموقف باعتباره تحيزا فكريا، فى حين أنه ينطلق بالأساس من احترام القانون والدفاع عن قيمة العدل. ينبغى أن تحمد الجهد الذى يبذل لتحديد هوية المتهمين فى بعض الجرائم الأخيرة التى صدمت الرأى العام واستفزته، إلا أننا لا نستطيع أن نكتم تساؤلا حول الأسباب، التى من أجلها لم يبذل ذلك الجهد فى قضايا أخرى جرى إهمالها حتى طواها النسيان. يحضرنى هنا مشهد تبرئة ضباط الشرطة الذين اتهموا بقتل المتظاهرين فى عدة محافظات بالدلتا، الأمر الذى استدعى سؤالا كبيرا عمن قتل أولئك المتظاهرين إذن؟ ليس ذلك فحسب. وانما بوسعنا أن نمد البصر إلى الأحداث التى تلاحقت منذ ثورة 25 يناير عام 2011 والتى قتل فيها مئات وأصيب مئات آخرون بين أناس فقدوا أعينهم أو أطرافهم أو أصيبوا بالشلل الرباعى. ولم نعرف من الذى قتل أو اعتلى الأبنية ليقوم بالقنص أو هاجم المتظاهرين فى موقعة الجمل. لا يغير من ذلك ان ضابطا وصف بأنه قناص العيون حكم عليه بالسجن ثلاث سنوات، وان جنديا حكم عليه بالسجن فى موقعة ماسبيرو التى قتل فيها أكثر من 30 شخصا، فتلك استثناءات لها ظروفها ولا يعتد بها. يثير دهشتنا وتساؤلنا ذلك السكوت لا ريب، لكن تلك الدهشة تتضاعف حين نعلم أن لجنة موقرة قامت بتقصى حقائق أحداث تلك المرحلة، رأسها المستشار عادل قورة رئيس محكمة النقض الأسبق، ثم أعلنت نتائج عملها فى مؤتمر صحفى عقدته فى 14 أبريل من عام 2011، حددت فيه الجهات المسئولة عن الحوادث التى وقعت، وأشارت صراحة إلى دور الأجهزة الأمنية وضلوعها فى وقائع القتل والقنص، كما ذكرت أسماء بذاتها اتهمتها بارتكاب بعض تلك الجرائم (واقعة الجمل مثلا)، لكن ذلك كله تم تجاهله، فى الأغلب لأنه أشار إلى من أريد لهم ان يظلوا بمنأى عن الحساب. الأمر الذى يعنى أنه حتى الكشف عن الجناة يخضع للحسابات والملاءمات السياسية. إننى أؤيد تماما الدعوة إلى محاسبة الذين تلوثت أيديهم بدماء أبناء الوطن، وأرجو ألا يتم ذلك بطريقة انتقائية أو تبعا للهوى السياسى. لذلك أزعم ان ضمير الوطن لن يستريح إلا إذا فتحت كل الملفات دون استثناء، بحيث نعرف القتلة الحقيقيين الذين استباحوا دماء المصريين. ظل الحكم العسكرى وتحت رئاسة الدكتور مرسى وبعد 3 يوليو الماضى.. من يجرؤ على ذلك؟ نقلاً عن "الشروق"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن العدالة الانتقائية عن العدالة الانتقائية



GMT 15:28 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

حماية المريض والطبيب بالحوار

GMT 15:26 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

نفس عميق!

GMT 15:25 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

الأزهر لا سواه لها

GMT 15:24 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

أُسطورةُ فى جباليا!

GMT 15:23 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

شركاء فى الجريمة

GMT 07:13 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

علاقات بشار التي قضت عليه

GMT 07:12 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

«في قبضة الماضي»

GMT 07:11 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

كَذَا فلْيكُنِ الشّعرُ وإلَّا فلَا!

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 15:49 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

شيرين عبد الوهاب تعود لإحياء الحفلات في مصر بعد غياب
  مصر اليوم - شيرين عبد الوهاب تعود لإحياء الحفلات في مصر بعد غياب

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 21:45 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

فجر السعيد تفتح النار على نهى نبيل بعد لقائها مع نوال

GMT 20:43 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

الأمير هاري يتحدث عن وراثة أبنائه جين الشعر الأحمر

GMT 20:11 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

تكريم توم كروز بأعلى وسام مدني من البحرية الأميركية

GMT 10:34 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024

GMT 10:52 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 12:13 2019 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

معوقات تمويل الصناعات الصغيرة والمتوسطة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon