توقيت القاهرة المحلي 03:34:59 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هذا الخائن

  مصر اليوم -

هذا الخائن

فهمي هويدي

المذكور أعلاه هو الدكتور محمد البرادعى نائب رئيس الجمهورية السابق، الذى قرأت أمس إشارة له دمغته بذلك الوصف وطالبت بمنعه من دخول مصر. والسبب فى ذلك أن الرجل كتب تغريدة «حقيرة» ــ هكذا وصفت ــ اتهم فيها مصادر سيادية بشن حملة فاشية ممنهجة ضد من يصرون على إعلاء قيمة الحياة وحتمية التوافق الوطنى. وفى اليوم الذى اتهم فيه الرجل بالخيانة كانت قد صدرت توصية بإسقاط عضويته من نقابة المحامين ضمن آخرين. وقبل هذه وتلك كان أحد أساتذة القانون قد رفع ضده قضية اتهمه فيها بخيانة الأمانة. ما عاد الدكتور البرادعى بحاجة إلى تعريف بشخصه أو دوره، خصوصا فيما جرى يوم 3 يوليو، حيث بات معلوما للكافة انه أحد مهندسى الانقلاب الذى وقع، وفى مختلف الخطوات التى اتخذت بعد عزل الدكتور محمد مرسى. أردت باستدعاء هذه الخلفية أن أذكر بأن الرجل فى موقفه الأساسى كان معارضا وخصما للدكتور مرسى ونظامه. وانه من الناحية الاستراتيجية يقف فى مربع النظام الحالى، وان اختلافه الذى دعاه إلى الاستقالة ومغادرة البلاد كان منصبا على الوسائل وليس الغايات. ورغم اننا لنا احاطة كافية بالتفاصيل، إلا ان القدر المعلن والمشهد منها يوحى بأنه عارض اسلوب البث وفض الاعتصام بالقوة، الأمر الذى افضى إلى مذبحة الرابع عشر من أغسطس التى أوقعت آلاف القتلى والمصابين غير آلاف المعتقلين. وهو ما نفهمه من انتقاده فى تغريدته للاطراف التى تشن حملة فاشية ضد المدافعين عن الحق فى الحياة وعن حتمية التوافق الوطنى. أدرى ان البعض عارض الحملة على الدكتور البرادعى. ومنهم من دافع عن حقه فى التعبير عن رأيه، لكن المتابع لما تنشره الصحافة المصرية لا يخطئ فى ملاحظة ان الذين اتهموه بالخيانة ولاحقوه بالاتهامات واللعنات يشكلون أغلبية المعلقين، بحيث بدت أصوات الداعين إلى احترام الرجل وتفهم موقفه نادرة واستثنائية. ما قاله فى تغريدته (الحقيرة!!) ليس فيه سر، وكل الذى فعله انه أكد لنا ما نعرفه. ذلك ان صدور هذا الكلام من رجل شغل منصب نائب رئيس الجمهورية لبعض الوقت، يبصر الجميع بجانب من المخاطر التى تهدد استقرار الوضع الجديد، بقدر ما تهدد الآمال التى علقها أنصاره عليه، وما قاله عن الدور الذى تقوم به بعض المصادر السيادية لشن حملة فاشية ضد معارضى سياسة القمع، هذا الكلام ينبغى أن يؤخذ على محمل الجد، بحيث يعد بمثابة جرس إنذار ينبه الجميع. إذ القائل فى هذه الحالة شهادته على دراية بالوقائع ومعايشة لها. بسبب من ذلك، فبدلا من ان يستوقف العقلاء والراشدين بحيث يدعوهم إلى صد رياح الفاشية التى تهب على مصر، حتى طالت سهامها الأنصار الذين حملوا النظام الجديد، بدلا من ذلك فإن الرجل تعرض للتخوين والاغتيال السياسى، ولو ان ذلك الذى قرأناه أمس كان رأى فرد لهان الأمر، ولكن الحاصل ان الكلام كان جزءا من معزوفة ردح هابطة استهدفت البرادعى. كما استهدفت كل صوت محترم حاول ان يصوب المسيرة ويوقف الاندفاع الراهن فى منحنى الفاشية الذى يكاد يجهض الآمال التى علقت على الثورة، والتى حفرها الثوار على جدار الوطن بدمائهم. لقد أصبحت كلمة الخيانة إحدى المفردات الشائعة فى الوضع المستجد، كأنما أريد لنا ان نتجاوز تهمة التكفير التى استخدمها البعض فى ظل نظام الرئيس مرسى، لتدخل فى عصر التخوين فى ظل النظام الجديد، مع فارق أساسى ان التكفير فى السابق كان يتردد على ألسنة أفراد أو حتى مجموعات شاردة لا تعبر عن السلطة، اما التخوين فهو صادر عن أصوات لها ظهيرها الذى يدعمها فى أروقة السلطة. ناهيك عن ان التكفير ظل شذوذا يقابل بالرفض والاستياء من جانب الأغلبية، فى حين أن التخوين يلقى قبولا وحماسا من جانب الأغلبية فى الوقت الراهن، بمن فيهم أعداد غير قليلة من المثقفين والسياسيين الذين باتوا يؤيدون الاغتيال السياسى ولكنهم يفضلون إتمامه بقفازات حريرية وناعمة. ان موقف الجوقة التى أطلقت معزوفة سبابها للبرادعى بسبب ما قاله لا يختلف كثيرا عن منطق الأهل الذين أبلغهم الطبيب بأن مرضا خبيثا يزحف على جسم ابنهم المريض، فلاحقوه وانهالوا عليه بالسب والشتم وقرروا اغتياله. ان الخبث يسرى فى جسد مصر، فى الوقت الراهن، ونحن بحاجة شديدة إلى جهد الذين يوقفونه، وليس إلى الذين يتسترون عليه ويباركونه. نقلاً عن "الشروق"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هذا الخائن هذا الخائن



GMT 08:48 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

بيت من زجاج

GMT 08:46 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

إدارة ترامب والبعد الصيني – الإيراني لحرب أوكرانيا...

GMT 08:45 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب ومشروع تغيير المنطقة

GMT 08:44 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا جرى في «المدينة على الجبل»؟

GMT 08:34 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

طبيبة في عيادة «الترند»!

GMT 08:33 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

الشعوذة الصحافية

GMT 08:32 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ولاية ترمب الثانية: التحديات القادمة

GMT 08:31 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

من الرياض... التزامات السلام المشروط

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:43 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته
  مصر اليوم - عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته

GMT 09:44 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

جورج وأمل كلوني يحتفلان بذكرى زواجهما في أجواء رومانسية

GMT 12:02 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

نصائح وأفكار لإطلالات أنيقة ومتناسقة

GMT 20:58 2016 الجمعة ,28 تشرين الأول / أكتوبر

لجان البرلمان المصري تستعد لمناقشة أزمة سورية

GMT 23:21 2018 الأربعاء ,21 آذار/ مارس

تعرفي على خطوات للحفاظ على "لون الصبغة"

GMT 23:40 2018 الأحد ,04 آذار/ مارس

تعرف على سعر ومواصفات سكودا كودياك 2018

GMT 19:31 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الشرطة تكشف تفاصيل تجريد أستاذ جامعي من ملابسه

GMT 18:47 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

شركة فيات كرايسلر تكشف عن تراجع ديونها بمقدار النصف
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon