توقيت القاهرة المحلي 10:49:55 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أزمة المنتخب أم المجتمع؟

  مصر اليوم -

أزمة المنتخب أم المجتمع

فهمي هويدي

طوال الاسبوع الماضى ظلت مصر تشحن و تعبأ لصالح ذلك اليوم. و لم تقصر وسائل الاعلام عندنا فى احاطتنا علما بتفاصيل من كان جاهزا من الفريق و من توعك و من ينتظر تقرير الطبيب، و من ترشح و من استبعد. حتى اذا حل موعد السفر فاننا تابعنا الرحلة و شاع القلق بين البعض حين علموا ان الفندق الذى سينزلون فيه لم يكن مريحاً بما يكفى. حتى اذا اقترب موعد المباراة فان جريدة «الاهرام» اعتبرتها احد اهم حدثين فى الكرة الارضية، فكان العنوان الرئيسى الاول لعدد الاثنين 14/10 ان امريكا مهددة بالافلاس، و قد نشر باللون الاسود. اما العنوان الرئيسى الثانى فقد كان عن احتفال مصر بالعيد و تطلعها الى مجد كروى جديد- و لانه الحدث الاهم اعلاميا فقد جرى ابرازه على ثمانية اعمدة و باللون الاحمر. لم يكن ذلك موقف الاهرام وحده، و لكن بقية الصحف شاركت فى التعبئة بنفس الدرجة من الحماس. فمنها من اعتبر المباراة لحظة انطلاق الفراعنة نحو المجد، و منها من اعتبر الفوز هو «العيدية» التى سيتلقاها المصريون هذا العام، و منهم من ادعى ان السنة الحجاج المصريين ظلت تلهج بالدعاء على عرفات راجية من الله سبحانه و تعالى ان يسدد «خطى» اللاعبين المصريين فى مباراة كومباسى. و عبر احدهم عن استعداده للتضحية مؤقتا بمشاعره المعادية للاخوان فكتب عن ابو تريكة قائلا انه رغم انه محسوب عليهم، فيمكن ان نغفر له جريرته اذا احرزنا الاهداف بقدمه المبروكة. و لم يقصر آخرون فى مغازلته (على عيبه!) فوصف فى اكثر من تعليق بانه صانع بهجة المصريين. ثم كانت الصدمة بالنتيجة التى ليس لدى ما اقوله بخصوصها، لان ذلك شان غيرى من اهل الاختصاص، و ان كنت قد لاحظت ان ابو تريكة احرز هدفاً واحداً لا اعرف ان كان سيوفر له بعض الغفران ام لا. لاحظت ايضا ان التعليقات التى انهالت على مواقع التواصل الاجتماعى ادخلت السياسة فى الموضوع. فنسب احدها تصريحا للمتحدث العسكرى قال فيه ان الاهداف ليست سوى مؤامرة من شبكة الجزيرة صاحبة الحق فى بث المباراة، و حيت تعددت تعليقات- و مزايدة- مؤيدى النظام و معارضيه قرأنا لمن قال ان الشماتة دليل على انفصال الجماعة عن الوطن، الامر الذى وجدته دالا على المدى الذى اختزل فيه الوطن بحيث اصبح المنتخب القومى رمزا له. و هو ما اشعرنى بالذنب فى لحظة، لاننى لم اكن مهتماً بالموضوع من الاساس، الامر الذى يرشحنى بمقتضى ذلك المعيار للخروج و معى ملايين المصريين من امثالى من اطار الجماعة الوطنية. ما دعانى للنظر الى الموضوع هو الاسراف فى التعامل معه الى الحد الذى وضع الهزيمة فى غانا على قدم المساواة مع نكسة يونيو عام 1967. و ارجو ان تكون قد لاحظت ان اعتراضى الاساسى منصب ليس على الاهتمام بالموضوع لكن ذلك الاسراف فى الاهتمام به. و اذ افهم ان كرة القدمة اصبحت شيئا مهما فى حياة المجتمعات الانسانية المعاصرة، و ان المهووسين بها موجودون فى الدول المتقدمة و النامية على السواء، لكننى افرق بين ان تكون احد الاشياء المهمة فى المجتمع، و بين ان تصبح اهتمامه الوحيد. و ازعم فى هذا الصدد ان توازن المجتمع بل و تقدمه ايضا يقاس بمقدار ما يحققه من انجاز فى العديد من المجالات و منها كرة القدم بطبيعة الحال. ان ما يشعرنى بالاحباط و خيبة الامل ان يصدم المجتمع المصرى جراء الهزيمة القاسية التى لقيها المنتخب القومى فى غانا، فى حين لا تهتز شعرة فى بر مصر و لا يعبر احد عن الاسف و الحزن حين يعلن تقرير التنافسية العالمية (لعام 2013-2014) مثلا ان مصر تحتل المرتبة الاخيرة فى جودة التعليم الاساسى. و حين يسجل التقرير السنوى الذى يصدره المنتدى الاقتصادى العالمى شهادة محزنة تسجل معدلات التخلف و التراجع التى تعانى منها مصر فى الوقت الراهن، فى مجالات الكفاءة و الاقتصاد. و لا تسال عن الديمقراطية و حقوق الانسان بطبيعة الحال. اتصور ان المسئولين فى مصر سوف يعلنون الطوارئ بعد عودة المنتخب من غانا لمحاولة انقاذ مستقبل «الفراعنة» فى رحلة المونديال. و استحى ان ادعو بالمناسبة الى توسيع نطاق المناقشات المفترضة بحيث يضم الى جانب ملف كرة القدم بقية ملفات التراجع و الانتكاسات الحقيقية الاخرى، لا لكى نحلها و ان تمنيت ذلك، و لكن لكى ننتبه الى انها موجودة، ربما فكر احد فى حلها فى وقت لاحق. بالمناسبة هل يمكن ان يفسر لى احدهم لماذا لا نتذكر الفراعنة الا فى كرة القدم فقط؟ و هل نكون فراعنة اذا انتصرنا، و اذا انتكسنا نصبح مصريين فقط؟ نقلاً عن "الشروق"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أزمة المنتخب أم المجتمع أزمة المنتخب أم المجتمع



GMT 04:32 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

ما قال... لا ما يقال

GMT 04:30 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

وزن تأريخ الأردن في التوجيهي 4 علامات.. أيعقل هذا ؟!

GMT 04:27 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

لكنّها الطائفيّة... أليس كذلك؟

GMT 04:24 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

العلويون جزء من التنوّع الثقافي السوري

GMT 04:22 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

سوريا والصراع على الإسلام

GMT 04:19 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

عن الحيادِ والموضوعيةِ والأوطان

GMT 04:16 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

أين يُباع الأمل؟

GMT 04:11 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

الجميع مستعد للحوار

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 11:46 2024 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

مبابي أفضل لاعب فرنسي في موسم 2023-2024 ويعادل كريم بنزيما

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 09:32 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

إطلالات للمحجبات تناسب السفر

GMT 10:42 2018 الخميس ,19 إبريل / نيسان

بولندا خرقت القانون بقطع أشجار غابة بيالوفيزا

GMT 23:19 2018 السبت ,07 إبريل / نيسان

كلوب يحمل بشرى سارة بشأن محمد صلاح
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon