توقيت القاهرة المحلي 05:04:09 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أيكون يسرًا بعد عسر؟

  مصر اليوم -

أيكون يسرًا بعد عسر

فهمي هويدي

فى الأسبوع الماضى كان القتل عنوانا لثلاثة أيام متعاقبة. يوم الأحد 17/11 قتل فى القاهرة ضابط الأمن الوطنى الكبير الذى قيل إنه أحد المسئولين عن ملف الإخوان. يوم الاثنين قتل ثلاثون مصريا من جراء ارتطام قطار بحافلة كانت متجهة إلى الفيوم. صباح الأربعاء قتل 11 مجندا فى سيناء فى عملية انتحارية استهدفتهم، الأمر الذى أدى إلى إصابة 35 آخرين. لم يكن ذلك كل ما جرى خلال الأسبوع بطبيعة الحال، لأن الفضاء المصرى ظل حافلا طوال الوقت بالمظاهرات والمداهمات والاعتقالات إلى غير ذلك من النوازل التى غدت أخبارا عادية تحولت إلى خبز يومى يقدم إلينا كل صباح. إلا أن حوادث القتل التى تتابعت وجهت إلينا حزمة رسائل مكتوبة بدماء المصريين. واحدة تقول لنا إن ثمة تطورا نوعيا فى المواجهة الراهنة مع الأجهزة الأمنية. الثانية تقول إن ثمة إهمالا جسيما فى الخدمات التى تقدم للمواطنين خارج العاصمة. الثالثة تقول إن سيناء لم تعرف الهدوء بعد، رغم كل ما ينقل إلينا من أخبار عن القضاء على البؤر الإرهابية وإخماد نار الفتنة فيها. هى رسائل مؤرقة وموجعة حقا. لكن أغرب ما فيها هو أصداؤها فى الفضاء الإعلامى المصرى. ذلك أن أغلب تلك الأصداء لم تتجاوز محاولة توظيف الأحداث وتسييسها، بمعنى استثمار ما جرى فى تكريس التهمة للإخوان وتأكيد شيطنتهم، لتسويغ الإجراءات القمعية التى تتخذ بحقهم. فحادث قتل الضابط الكبير مثلا اعتبره الجميع جريمة إخوانية ثابتة تكرر جريمتى قتل الخازندار والنقراشى باشا قبل أكثر من خمسين عاما. وهى أحكام أطلقت قبل أى تحقيق فى الأمر. وأثار الانتباه أن المتحدث العسكرى انضم إلى جوقة المسارعين إلى التنديد والتوظيف السياسى للجريمة، فنسبها بدوره إلى الإخوان، الذين وصفهم «برأس الأفعى» التى صدرت لمصر مختلف الشرور والرزايا. ولم يكن ذلك فقط استباقا للتحقيق فيه من النزق أكثر مما فيه من المسئولية، ولكنه أيضا يعد انتهاكا للمعايير الدولية الرافضة للحض على الكراهية، التى تعتبر أن التورط فيها جريمة ضد الإنسانية. ضاعف من الحيرة أن جماعة أنصار بيت المقدس أصدرت بيانا أعلنت فيه مسئوليتها عن مقتل ضابط الأمن الوطنى، وهى التى كانت أعلنت من قبل مسئوليتها عن محاولة اغتيال وزير الداخلية الحالى اللواء محمد إبراهيم. وإذا صح ذلك الادعاء فإنه يحول مسار التحقيق من اتهام الإخوان إلى تتبع خيوط اعتراف أنصار بيت المقدس. وإلى أن يتوصل التحقيق والتحرى إلى نتيجة يطمئن إليها فإن المحاكمات الإعلامية السابقة تعد نوعا من التحريض والتهريج الذى لا يحمى الأمن أو العدالة، ولا يخدم الاستقرار بأى حال. ليس المقصود تبرئة ساحة الإخوان، لأن الأهم هو معرفة الحقيقة ليس فقط لكى يأخذ العدل مجراه، ولكن أيضا لكى نتعرف على الفاعل الأصلى بما يمكننا من التعامل معه وعقابه بما يستحق. إلا أن ذلك ليس كل ما فى الأمر، لأن ثمة جانبا من المشهد مهجورا ومسكوتا عليه. ذلك أن الجهد المبذول الآن مقصور على وصف ما جرى والتنديد به وتوزيع الاتهامات على المشتبهين فيه، وتلك وظيفة أجهزة الأمن والتحقيق بالدرجة الأولى، الأمر الذى عزز سيادة العقلية الأمنية على مختلف منابر التعبير، وحول كثيرين إلى مخبرين يخدمون تلك الأجهزة بأكثر مما يخدمون القارئ أو الحقيقة. إن السؤال الكبير الذى ينبغى أن ينشغل به أهل الرأى الغيورون على مستقبل البلد ومصالحه العليا هو: لماذا جرى ما جرى؟ أعنى لماذا فشل الحل الأمنى فى أنحاء مصر وفى سيناء؟ ولماذا ظل الاهتمام بمصالح الناس وشئون حياتهم اليومية فى المرتبة التالية من الأهمية؟ بحيث ما عاد صوت يعلو فوق صوت تأمين النظام وبسط سلطانه. إن الصوت العالى فى الفضاء المصرى صار يدور فى فلك معارك النخبة وليس معارك المجتمع أو هموم الفقراء والمستضعفين. ولا غرابة فالنخبة التى تتصدر المشهد ليست اختيار ذلك المجتمع، وإنما فرضت عليه فرضا. وبالتالى فإن ولاء هؤلاء ظل لمن اختارهم، وبقى معبرا عن مصالحهم وتطلعاتهم، وليس لأولئك الفقراء والمستضعفين الذين ما عادوا يظهرون فى الصورة إلا حين يصبحون ضحايا لمختلف الكوارث والفواجع. وإذا صح ذلك التحليل فهو يعنى أننا بإزاء مشكلة فى بناء السلطة ذاتها وفكر التغلب المهيمن على أدائها. وحين يكون التغلب معولا على قوته وسلطانه فمن الصعب أن تحدثه فى السياسة أو تطالبه بها، إلا إذا اضطرته النوازل إلى ذلك. وربما كان ذلك هو اليسر الذى يستصحب الإفاقة ويلوح بعد الكدر والعسر الذى نحن بصدده. نقلاً عن "الشروق"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أيكون يسرًا بعد عسر أيكون يسرًا بعد عسر



GMT 08:48 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

بيت من زجاج

GMT 08:46 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

إدارة ترامب والبعد الصيني – الإيراني لحرب أوكرانيا...

GMT 08:45 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب ومشروع تغيير المنطقة

GMT 08:44 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا جرى في «المدينة على الجبل»؟

GMT 08:34 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

طبيبة في عيادة «الترند»!

GMT 08:33 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

الشعوذة الصحافية

GMT 08:32 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ولاية ترمب الثانية: التحديات القادمة

GMT 08:31 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

من الرياض... التزامات السلام المشروط

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - ترامب يوافق على خطة لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله

GMT 22:43 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته
  مصر اليوم - عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته

GMT 09:44 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

جورج وأمل كلوني يحتفلان بذكرى زواجهما في أجواء رومانسية

GMT 12:02 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

نصائح وأفكار لإطلالات أنيقة ومتناسقة

GMT 20:58 2016 الجمعة ,28 تشرين الأول / أكتوبر

لجان البرلمان المصري تستعد لمناقشة أزمة سورية

GMT 23:21 2018 الأربعاء ,21 آذار/ مارس

تعرفي على خطوات للحفاظ على "لون الصبغة"

GMT 23:40 2018 الأحد ,04 آذار/ مارس

تعرف على سعر ومواصفات سكودا كودياك 2018

GMT 19:31 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الشرطة تكشف تفاصيل تجريد أستاذ جامعي من ملابسه

GMT 18:47 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

شركة فيات كرايسلر تكشف عن تراجع ديونها بمقدار النصف
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon