توقيت القاهرة المحلي 05:04:09 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ضوء فى النفق

  مصر اليوم -

ضوء فى النفق

فهمي هويدي

هذه لقطة جديرة بالرصد والملاحظة. طوال نهار أمس الأول (الثلاثاء 26/11) شهدت القاهرة مظاهرات خرجت احتجاجا ورفضا لقانون التظاهر الجديد ولمحاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية. فى المساء كانت حوارات القنوات الفضائية تنتقد المتظاهرين وتندد بهم. وإذا قمنا بتجميد المشهدين وتفرسنا جيدا فى وجوه الذين خرجوا إلى الشوارع فى النهار والذين ظهروا على شاشات التليفزيون فى المساء، ثم انصتنا إلى هؤلاء وهؤلاء، فسوف نكتشف ان الأولين يرددون أصوات وأشواق 25 يناير، وان الاخيرين يمثلون تحالف نظام مبارك مع النظام الجديد الذى استجد بعد 3 يوليو. وإذا صح ذلك فهو يعنى اننا بصدد لحظة كاشفة وبوادر ومنعطف مهم، يستصحب إرهاصات الإفاقة وعودة الوعى، يتجدد فى ظلها تصويب المسيرة وإعادة ترتيب الصفوف ورسم خرائط الفعل السياسى فى مصر. ليس ذلك مفاجئا تماما، لأن الروائح فاحت والقرائن تلاحقت خلال الأسابيع الماضية موحية بأن السكرة لن تستمر طويلا، وان أوان الفكرة فى الطريق. إذ لاحظنا خلال تلك الأسابيع ان وجوه عصر مبارك قد عادت إلى الشاشات وإلى المحيط الإعلامى مرة أخرى، وتابعنا ارتفاع منسوب الغمز فى 25 يناير والتنديد والتجريم الذى استهدف الثائرين الذين خرجوا آنذاك. فقد وصفت الثورة بأنها نكسة ووكسة وقرأنا لمن وصف الثوار بأنهم «مرتزقة يناير»، ومن وصفهم بأنهم أولاد الشوارع. بالتوازى مع ذلك تناهت إلى أسماعنا أصوات بعض المثقفين وعناصر النخبة الذين أبدوا تحفظاتهم على بعض الممارسات التى تجرى، حين لاحظوا أن المسيرة تنزلق فى اتجاهات تتعارض مع قيم وروح ثورة 25 يناير، وكان الانسحاب السريع للدكتور محمد البرادعى من مؤسسة الحكم واستقالته من منصب نائب رئيس الجمهورية أول إشارة علنية فى ذلك الاتجاه. تلك التحفظات لاحظناها أيضا فى كتابات بعض المثقفين الذين انحازوا إلى الثورة وليس إلى السلطة، ومن ثم انفصلوا عن ركب المهللين والمتشنجين وتبنوا مواقف مستقلة وناقدة. ومنهم من كان من زبائن البرامج التليفزيونية، لكن مواقفهم التى أعلنوها حجبتهم بحيث ما عدنا نرى وجوههم على الشاشات. ذكرى أحداث شارع محمد محمود التى حلت فى 19 نوفمبر كانت علامة دالة فى هذا الاتجاه. ذلك ان الجموع التى خرجت يومذاك أعادت إلى الأذهان أجواء ثورة 25 يناير التى جسدت حقيقة التلاحم الجماهيرى من ناحية وحقيقة الخصم من ناحية ثانية ووحدة الأهداف والمطالب من ناحية ثالثة. وهى العناوين التى اهتزت وأصابها التآكل جراء الممارسات التى تعاقبت خلال السنوات الثلاث التى أعقبت الثورة. صحيح أن مظاهرات 19 نوفمبر لم تغير شيئا مما أصاب تلك العناوين، لكنها استحضرتها فى الوعى والذاكرة على الأقل وأزالت بعضا مما ران عليها من صدأ. إذا صح ذلك التحليل فهو يعنى أننا على أبواب طور جديد فى مسيرة الجماعة الوطنية المصرية، سمته الإفاقة وعودة الوعى. ولعلى ألمح فى ذلك الطور القسمات التالية: انه يشكل وفاء لقيم وأهداف ثورة 25 يناير، التى عزز الحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية. وهو ما يستصحب بالضرورة قطيعة مع نظام مبارك بممارساته القمعية وسياساته الاقتصادية التى قامت على الاستجداء والتبعية. انه يرفض حكم الإخوان، ولا يرى سبيلا لاستعادة تلك التجربة بمختلف تجلياتها. وهناك اتجاهان داخل هذا الموقف، أحدهما يرفض نظام الإخوان ولا يرى خصومة مع الجماعة، ومن ثم يميز بين قيادة الجماعة وسياستها وبين قواعدها التى كانت شريكة فى الثورة. والثانى يرفض الاثنين. إنه يرفض عسكرة الدولة المصرية، ويعارض إقحام الجيس فى السياسة، أو إضفاء ميزات استثنائية للقوات المسلحة، مع الحفاظ على الاحترام لها شأنها فى ذلك شأن بقية مؤسسات الدولة الوطنية. تبنى موقف المفاصلة مع الفاشية الجديدة التى أصبحت تطل برأسها بين القوى المدنية، وعبرت عنها فى الآونة الأخيرة أصوات بعض المثقفين والإعلاميين الذين أبدوا استعدادا مدهشا للتضحية بأهداف الثورة وحق الوطن مقابل الخلاص من حكم الإخوان. محاكمة المسئولين عن كل الجرائم التى ارتكبت بحق الثوار والمجتمع سواء أثناء الثورة أو فى ظل حكم المجلس العسكرى أو حكم الإخوان أو حكم النظام القائم منذ الثالث من يوليو. إعادة هيكلة وزارة الداخلية بصورة شاملة، تطهرها من أدران الاستبداد والقمع الذى لايزال يعشش فى جنباتها، والتى يدفع المجتمع ثمنا باهظا لها كل حين. استعادة مصر لدورها القيادى القائم على الاستقلال الوطنى فى القرار والتحالفات الإقليمية والدولية، والمنطلق من ديمقراطية حقيقية تعبر عن إرادة الشعب دون تزوير أو تدليس. إذ أرى هذه الإشارات فى الأفق فإننى أرجو ألا أكون قد أفرطت فى التفاؤل، وخلطت بين القسمات والأمنيات. نقلاً عن "الشروق"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ضوء فى النفق ضوء فى النفق



GMT 08:48 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

بيت من زجاج

GMT 08:46 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

إدارة ترامب والبعد الصيني – الإيراني لحرب أوكرانيا...

GMT 08:45 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب ومشروع تغيير المنطقة

GMT 08:44 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا جرى في «المدينة على الجبل»؟

GMT 08:34 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

طبيبة في عيادة «الترند»!

GMT 08:33 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

الشعوذة الصحافية

GMT 08:32 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ولاية ترمب الثانية: التحديات القادمة

GMT 08:31 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

من الرياض... التزامات السلام المشروط

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - ترامب يوافق على خطة لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله

GMT 22:43 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته
  مصر اليوم - عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته

GMT 09:44 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

جورج وأمل كلوني يحتفلان بذكرى زواجهما في أجواء رومانسية

GMT 12:02 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

نصائح وأفكار لإطلالات أنيقة ومتناسقة

GMT 20:58 2016 الجمعة ,28 تشرين الأول / أكتوبر

لجان البرلمان المصري تستعد لمناقشة أزمة سورية

GMT 23:21 2018 الأربعاء ,21 آذار/ مارس

تعرفي على خطوات للحفاظ على "لون الصبغة"

GMT 23:40 2018 الأحد ,04 آذار/ مارس

تعرف على سعر ومواصفات سكودا كودياك 2018

GMT 19:31 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الشرطة تكشف تفاصيل تجريد أستاذ جامعي من ملابسه

GMT 18:47 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

شركة فيات كرايسلر تكشف عن تراجع ديونها بمقدار النصف
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon