توقيت القاهرة المحلي 08:43:39 آخر تحديث
  مصر اليوم -

درس فى الاستباحة

  مصر اليوم -

درس فى الاستباحة

فهمي هويدي

أوافق على كل ما قيل من استهجان واشمئزاز إزاء تسجيل الاتصالات الهاتفية للناشطين المصريين، ثم تسريبها من خلال قنوات مشبوهة وأشخاص ليسوا فوق الشبهة. وأزعم أن الفضيحة الحقيقية لم تكن من نصيب الأفراد الذين تم استهدافهم، ولكنها لطخت وجه النظام القائم وشوهت صورته. إذ من حق أى أحد أن يقول إنه إذا كانت تلك أدوات النظام فإنها لا تطمئننا إلى عقله وسياساته. وفى هذه الحالة فإن النظام لكى يبرئ ساحته ويبيض صفحته يتعين عليه أن يسارع بايقاف العملية القذرة، وحبذا لو تعهد بعدم تكرارها. لكنه إذا التزم الصمت على استمرار بث تلك الأشرطة البائسة، فسوف يحزننا، أن نعتبر ذلك من علامات الرضا، الأمر الذى يثير السؤال التالى: عن أى طرف فى النظام تعبر؟ الرسالة الظاهرة من العملية أن المراد بها ابتزاز وتخويف الناشطين وتشويه صورتهم أمام الرأى العام، عقابا لهم على أنهم لم ينضموا إلى مواكب المهللين والمهرجين الذين بَصَموا بالعشرة، وصفقوا لكل ما جرى ويجرى. ليس ذلك فحسب وإنما فى الرسالة شق يظهر العين الحمراء لكل من تسول له نفسه أن يقف بعيدا عن المظاهرات المنطلقة أو السرادقات المنصوبة للتصفيق والتبريك والمبايعة. لكن الأمر فى حقيقته أبعد من ذلك وأعمق، حيث أزعم أنه بالصورة التى شاهدناها دال على أن حملة تأديب الناشطين والمعارضين دخلت فى طور «الاستباحة» المعلنة. ذلك أننا جميعا نعرف أن الأجهزة ظلت تتنصت على الناشطين والمسئولين وتسجل حواراتهم الهاتفية طوال عهود الدولة الأمنية، وربما يذكر كثيرون أن الأمر أثير فى مجلس الشعب إبان حكم الرئيس الأسبق، وهو ما لم ينكره وزير داخليته اللواء العادلى فقال إن على من يقلقه ذلك أن يكون حذرا فى مكالماته. لكن المكالمات التى كانت تسجل فى العهود السابقة كان يتم تداولها فى دوائر محدودة للسلطة، فضلا على إنها كانت تستخدم فى تصفية الحسابات السياسية وغير السياسية، ونادرا ما كان منها يخرج إلى العلن. وحتى فى هذه الحالة الأخيرة فإن التسجيلات كانت تسرب إلى الأسواق، ولم تكن تبث من خلال المنابر العامة. ومشهورة فى هذا الصدد قصة رجل الأعمال الذى كانت له علاقة بإحدى الراقصات، وسجل شريط لمشاهد تلك العلاقة، استخدم فى اغتيال رجل الأعمال أدبيا وانتزاع بعض التوكيلات التجارية منه. طوال السنوات التى خلت تعايشنا مع هذا الوضع على تعاسته، ليس رضا بطبيعة الحال، ولكن باعتباره من تداعيات أزمة الديمقراطية وغياب الشفافية. الجديد فى هذه المرة أمران أولهما اتساع نطاق التسجيلات بحيث باتت تشمل نشطاء عاديين فى أحاديثهم، تناولت بعض المسائل الشخصية التى لا تهم عامة الناس، ولا علاقة لها بأمن الدولة. وثانيهما بث تلك التسجيلات عبر إحدى القنوات الخاصة لفضح النشطاء وتشويه صورتهم أمام الرأى العام. وكأن الأجهزة الأمنية أرادت أن تتحدى الجميع وتعلن على الملأ بصراحة أن آذانها تتنصت على كل الهواتف، وان أم الدنيا صارت أم التنصت على الخلق. وفيما فهمت من أهل الاختصاص فإن أجهزة التنصت الحديثة تطورت بحيث باتت تلبى جميع احتياجات السياسة الأمنية، وتمكنها من التجسس والتنصت على أكبر عدد من الأفراد، رغم الاحتياطات الحذرة التى يلجأون إليها مثل إغلاق هواتفهم أو إبعادها عن مجالسهم. هذه الجرأة تلفت النظر وتثير الانتباه. ذلك أن ما كان يتم بعيدا عن الأعين، وعلى استحياء، صار يبث فى العلن ودون أى تردد، رغم مخالفة ذلك لنص القانون ولمقتضيات الاحتشام السياسى والاعتبارات الأخلاقية. وتلك من دلائل عملية الاستباحة التى أشرت إليها، التى فى ظلها تهدر كرامة الفرد وتنتهك خصوصيته ويستباح عرضه، لمجرد أنه كان متحفظا أو مختلفا سياسيا مع النظام القائم. كنا نأخذ على المتصوفة تبنيهم لشعار من «اعترض انطرد»، فى حثهم للمريدين على ضروة الانصياع لشيخهم الذى اخذوا عليه العهد. لكننا صرنا بإزاء موقف أكثر تشددا وقسوة شعاره «من اعترض انتحر أو انقرض»! خطورة هذه الاستباحة لا تكمن فى كونها تطلق يد المؤسسة الأمنية فى مصائر المعارضين، بحيث تستبيح حقوقهم وكراماتهم وأعراضهم، ولكن أيضا فى أنها تقدم نموذجا لإدارة الصراع وتصفية الحسابات السياسية يحتذيه الآخرون ممن باتوا يستخدمون أساليب لا علاقة لها بالقانون أو بالأعراف المهنية أو حتى بالأخلاق. وبعض الذين يكتبون فى الصحف هذه الأيام فينهشون لحوم الآخرين وينالون من كراماتهم تلاميذ أوفياء لمدرسة الاستباحة هذه. وحين يحدث ذلك فإننا نصبح فى وضع يبعث على الرثاء فضلا على الخوف على المستقبل. لأن الذين يزرعون الحنظل لا يحصدون سوى الُمر، وآفاق المر ودرجاته فى هذه الحالة لا حدود لها. ربنا يستر.فهمى هويدىسلاحف النينجا تتحدى عمالقة التنس نظمت بطولة ملبورن للتنس المفتوح، مباراة استعراضية للأطفال أمس الأول فى اليوم الذى سبق حفل الافتتاح. وتقام البطولة فى الفترة من 13 إلى 26 يناير الحالى. وفى العرض ظهرت شخصيات كارتونية محببة للأطفال ومنها سلاحف النينجا وسبونج بوب، بجانب نجوم كرة التنس ومنهم الأسترالى ليتون هيويت، وأوجينى بوشار من كندا، والاسترالية سامانثا ستوسور، والسويسرى روجيه فيدرر، وفيكتوريا أزارينكا من روسيا البيضاء. بطولة أستراليا المفتوحة للتنس واحدة من بطولات الجراند سلام وتقام سنويا فى ملعب ملبورن. انطلقت البطولة سنة 1905 واقيمت فى ست مدن مختلفة إلى أن استقرت البطولة فى ملبورن سنة 1972. نقلاً عن "الشروق"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

درس فى الاستباحة درس فى الاستباحة



GMT 07:12 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

سيد... والملّا... والخاتون

GMT 07:10 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زيارة محمّد بن زايد للكويت.. حيث الزمن تغيّر

GMT 07:09 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

غلق مدرسة المستقبل

GMT 07:09 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

إنَّ الكِرَامَ قليلُ

GMT 07:08 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب الثاني... وقبائل الصحافة والفنّ

GMT 07:07 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

مع ترمب... هل العالم أكثر استقراراً؟

GMT 07:06 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب... ومآلات الشرق الأوسط

GMT 07:05 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

اللغة التى يفهمها ترامب

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:43 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته
  مصر اليوم - عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته

GMT 09:44 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

جورج وأمل كلوني يحتفلان بذكرى زواجهما في أجواء رومانسية

GMT 12:02 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

نصائح وأفكار لإطلالات أنيقة ومتناسقة

GMT 20:58 2016 الجمعة ,28 تشرين الأول / أكتوبر

لجان البرلمان المصري تستعد لمناقشة أزمة سورية

GMT 23:21 2018 الأربعاء ,21 آذار/ مارس

تعرفي على خطوات للحفاظ على "لون الصبغة"

GMT 23:40 2018 الأحد ,04 آذار/ مارس

تعرف على سعر ومواصفات سكودا كودياك 2018

GMT 19:31 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الشرطة تكشف تفاصيل تجريد أستاذ جامعي من ملابسه

GMT 18:47 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

شركة فيات كرايسلر تكشف عن تراجع ديونها بمقدار النصف
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon