توقيت القاهرة المحلي 00:57:45 آخر تحديث
  مصر اليوم -

نصدق مَنْ؟

  مصر اليوم -

نصدق مَنْ

فهمي هويدي

نفى وزير الداخلية ما تناقلته المواقع الالكترونية عن وجود تعذيب فى السجون المصرية، وطمأننا إلى أن منظمات حقوق الإنسان تزور السجون باستمرار للتعرف على أوضاع نزلائها. فى اليوم التالى مباشرة ـ الأربعاء 12/2 ـ أصدرت 16 منظمة حقوقية مستقلة بيانا دعت فيه «إلى تحقيق عاجل ومستقل فى ادعاءات متزايدة ومفزعة عن أعمال تعذيب وحشية واعتداءات جنسية تعرض لها محتجزات ومحتجزون فى سجون وأقسام الشرطة ممن تم القبض عليهم فى مظاهرات الذكرى الثالثة لثورة 25 يناير». أيضا طالبت المنظمات التى قدرت عدد معتقلى ذكرى الثورة بألف شخص بالكشف الطبى العاجل على كل المحتجزين، والسماح لوفد من المنظمات الموقعة بزيارة مستقلة وغير مشروطة لأماكن الاحتجاز وإجراء مقابلات مع المعتقلين. أضاف البيان أن الداخلية رفضت باستمرار الإذن لمنظمات حقوق الإنسان المستقلة بزيارة أماكن الاحتجاز، واحتجت فى ذلك بأنه لا يوجد فى القوانين المصرية ما يسمح بذلك للجهات غير القضائية. وأعربت تلك المنظمات عن قلقها ودهشتها من قيام النيابة بإضافة تهمة قتل المتظاهرين إلى قائمة الاتهامات الموجهة إلى أولئك الشباب، وهم الذين كان ينسب إليهم عادة التظاهر بدون تصريح والتجمهر وقطع الطريق والاعتداء على رجال الأمن. وذكرت فى بيانها أنه من الغريب أن تتهم النيابة المتظاهرين بقتل زملائهم الذين سقطوا بطلقات الرصاص فى ذكرى الثورة. تصريحات الوزير ومساعدوه التى أنكرت التعذيب صدرت بعد انتشار شهادات المعتقلين التى أكدت وقوعه، وكان أحدثها ما رواه خالد السيد أحد ثوار 25 يناير وتحدث فيه عن الأهوال التى تعرض لها هو وزملاؤه فى أقسام الشرطة وسجن أبوزعبل. وقد عرضت له يوم الأربعاء 12/2، وهو اليوم الذى أصدر فيه حزب الوسط بيانا ندد فيه بالتنكيل الذى يتعرض له رئيس الحزب المهندس أبوالعلا ماضى فى سجن طرة ونائبه المحامى عصام سلطان المحتجز فى سجن اعقرب. ما ذكره بيان المنظمات الحقوقية عن الادعاءات المفزعة المتعلقة بالتعذيب الوحشى سلط الضوء على معاناة الألف شاب الذين تم اعتقالهم فى ذكرى الثورة، وأغلبهم من شباب الثورة الذين خرجوا غضبا لانتكاستها. وفى الوقت ذاته فإنه ينبهنا إلى المعاناة المماثلة إن لم تكن الأسوأ التى يعامل بها الواحد والعشرون ألف سجين الذين تم اعتقالهم خلال الأشهر السبعة الماضية، من جراء المظاهرات والاعتصامات التى جرت فى تلك الفترة. حين يطالع المرء كلام وزير الداخلية فإنه لا يستطيع أن يتجاهل البيانات والشهادات المحلية والتقارير الدولية التى عارضته ونقضته. حتى أزعم أن المرء يخدع نفسه إذا صدق كلام الوزير وكذب كل الشهادات والقرائن المعاكسة. ثم إنه لا يستطيع أن يخفى حيرته إزاء حديث الوزير عن منظمات حقوق الإنسان التى تزور السجناء، فى حين أن البيان سابق الذكر تحدث عن رفض الداخلية السماح للمنظمات المستقلة بتلك الزيارات ومنعها من الالتقاء بالنزلاء. وأغلب الظن أنه يتحدث فى هذه الجزئية عن المنظمات الحقوقية الموالية، التى يقوم ممثلوها بزيارات «مفاجئة» للسجون تعلن عنها وسائل الإعلام. وهؤلاء يذهبون إلى السجون ومعهم كاميرات التليفزيون وطوابير المراسلين الصحفيين الذين لا يقصرون فى القيام بالواجب. إذ يحولون الزيارة إلى فيلم دعائى تبثه وسائل الإعلام المختلفة للرد على المتقولين والمشككين من الحقوقيين المصريين، وإسكات الأجانب الذين يتهمون بأنهم يدسون أنوفهم فى الشئون الداخلية المصرية. الشواهد التى بين أيدينا تدل على أن وزارة الداخلية استعادت تقاليدها التى تمنينا أن ننساها، وباتت غير مستعدة لتغيير شىء من سياساتها وأساليبها إزاء المعتقلين، وأنها معنية فقط بتحسين صورتها فى العالم الخارجى، بعد أن فضحتها المنظمات الحقوقية الدولية والتقارير التى نشرتها الصحافة الأجنبية. أى أنها معنية فقط بالإخراج الذى تواجه فيه مأزقا لا تحسد عليه. ليس فقط بسبب الدور الذى باتت تؤديه شبكة التواصل الاجتماعى فى كشف ما يراد إخفاؤه. ولكن أيضا لأنها لا تستطيع أن تنسب التعذيب الذى يتم فى السجون لطرف ثالث، تلقى عليه بالتبعة كما حدث فى جرائم القتل والقنص التى ارتكبت أثناء الثورة. ذلك أن الموجودين داخل سجون محكمة الإغلاق ومشددة الحراسة طرفان لا ثالث لهما، هما المسجونون والشرطة. من ثم لا مفر من اتهام الشرطة بالمسئولية عن أى تعذيب يقع. ولكى لا تحاسب على ذلك فإنها تنكر وقوع التعذيب من أساسه. فى الظروف العادية، حين تتعارض الروايات بين ما فعلته الداخلية وبين ما يشهد به الضحايا بأشخاصهم أو محاميهم أو الحقوقيين الشرفاء الذين يقفون إلى جوارهم، فالحل المنطقى أن تحسم الأمر لجنة مستقلة لتقصى الحقائق أو تحدث مواجهة بين الطرفين يحتكم فيها إلى طرف مستقل. لكن المشكلة فى مصر الآن أن الاستقطاب الحاد قسم البلد نصفين، وأن المستقلين على قلتهم ليس مسموحا لهم بأن يكونوا محايدين. وقد مر بنا أن المنظمات الحقوقية المستقلة منعت من زيارة السجون فى حين سمح بذلك لآخرين من المنظمات الموالية. لقد أعلنت السلطة أكثر من مرة أنها سوف تسمح للمنظمات الدولية بمراقبة الانتخابات الرئاسية القادمة للتأكد من نزاهتها والاطمئنان إلى عدم وجود أى تزوير فيها، رغم أن هذه الانتخابات بالذات مضمونة النتائج وليست هناك حاجة للتزوير فيها. وإذ سمحت السلطة بذلك فى شأن بأهمية رئاسة الدولة، فلماذا لا تكمل «جميلها» وتسمح للمنظمات الحقوقية الدولية ومعها المنظمات المحلية المستقلة بتفقد أوضاع المسجونين فى مصر لحسم الأمر وإغلاق الباب أمام القيل والقال؟ إن قلقنا ليس على أولئك الشبان والشابات فحسب، لأن قلقنا الأكبر على مصر فى ظل نظام يوليو الجديد، وبعد إقرار الدستور الذى قيل لنا إنه سينقلنا من الظلمات إلى النور، بحيث إن حياتنا بعده ستختلف عنها قبله. فهل هذا ما وعدنا به؟ نقلا عن الشروق

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نصدق مَنْ نصدق مَنْ



GMT 20:18 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

مع ابن بجاد حول الفلسفة والحضارة

GMT 00:00 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

هل نحتاج حزبا جديدا؟

GMT 09:08 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

7 فرق و11 لاعبًا نجوم البريمييرليج!

GMT 08:51 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

بشار في دور إسكوبار

GMT 08:49 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

دمامة الشقيقة

GMT 08:48 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

سوريا الجديدة والمؤشرات المتضاربة

GMT 08:47 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

هجمات رأس السنة الإرهابية... ما الرسالة؟

GMT 08:46 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الشرق الأوسط الجديد: الفيل في الغرفة

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:13 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة
  مصر اليوم - زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة

GMT 00:02 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

محمد رمضان يعلن مفاجأة لجمهوره في 2025
  مصر اليوم - محمد رمضان يعلن مفاجأة لجمهوره في 2025

GMT 00:01 2019 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

سمية الألفي تكشف السبب من وراء بكاء فاروق الفيشاوي قبل وفاته

GMT 10:56 2019 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

مسلسلات إذاعية تبثها "صوت العرب" فى نوفمبر تعرف عليها

GMT 23:21 2024 السبت ,14 أيلول / سبتمبر

أهم النصائح للعناية بالشعر في المناطق الحارة

GMT 08:55 2020 الثلاثاء ,07 إبريل / نيسان

حارس ريال مدريد السابق يعلن شفاءه من فيروس كورونا
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon