توقيت القاهرة المحلي 09:34:45 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لحظة ليكودية كاشفة

  مصر اليوم -

لحظة ليكودية كاشفة

فهمي هويدي

إذا احتكمنا إلى التصريحات الرسمية التى تردد أن مشكلة مصر مع حماس وحدها، وأن تضامنها مع الشعب الفلسطينى واحتضانها لقضيته من ثوابت سياستها الخارجية، فإن ما حدث مع الناشطات الغربيات فى مطار القاهرة يبدو وكأنه يكذب ذلك الادعاء. إذ ليس مفهوما أن يصل إلى المطار ذلك الوفد فى طريقه إلى غزة للاحتفال بيوم المرأة العالمى مع نسائها الشجعان وشعبها الصامد، ثم يتم احتجازه، ولا يسمح له بالوصول إلى رفح. ويظل عصيا على الفهم أن يكون الحماس للتضامن مع الفلسطينيات فى غزة صادرا عن ناشطات جئن من أمريكا وفرنسا وانجلترا وايرلندا وبلجيكا، فى حين يصدر التعنت والحظر من سلطات مطار أكبر دولة عربية. وبدلا من أن يتدخل المجلس القومى للمرأة المصرية لكى يؤدى دورا نزيها يتضامن فيه مع الوفد النسائى وينقذ به الموقف ويحسن صورة البلد، فإننا وجدناه توارى، ولم نسمع له صوتا. ويبدو الحرج على أشده حين تعتصم الناشطات فى المطار احتجاجا على المنع، ويتمددن على الأرض وقد تدثرن بأعلام فلسطين، ثم تطوف تلك الصور أنحاء العالم حاملة معها الدهشة إزاء ما وصلت إليه الحال فى مصر بعد الثورة. أما حين رددن فى المطار بعربية مكسرة الأغنية التى تقول «أناديكم وأشد على أياديكم»، التى رأيناها مع الجميع على اليوتيوب، فإنهن بعثن إلى الجميع برسالة تقول إنهن جئن وهن يمددن الأيدى إلى نساء غزة وشعبها المحاصر، ولكن مصر الليكودية قطعت عليهن الطريق ورفضت السماح لتلك الأيدى أن تصل إلى القطاع. لا يقولن أحد إن ذلك السلوك المخجل كان تصرفا شخصيا من موظفى أمن المطار. فتلك سياسة حُسِبت على السلطة المصرية، لم تضع فى الحسبان صداها فلسطينيا وعربيا أو فى أوساط شرفاء العالم وأحراره. علما بأن الأخيرين يتنادون الآن داعين إلى مقاطعة إسرائيل اقتصاديا وأكاديميا، فى موقف أكثر تقدما منا بمراحل. إن أى صاحب ضمير إذا قدر له أن يتابع وقائع ما جرى فى ذلك اليوم الحزين فى مطار القاهرة لن يصدق أن مصر لا تزال مع الشعب الفلسطينى ولا تزال على تضامنها مع قضيته. ذلك أن الوفد النسائى الغربى لم يأتِ للتضامن مع حماس. وأغلب الظن أن عضواته لا يعرفن أن لحماس علاقة بالإخوان أو أن لمصر مشكلة أمنية معها. وإنما شغلن بأمور أخرى تختلف تماما عن تلك التى خطرت ببال المؤسسة الأمنية. التى فضحنا سلوكها فى المطار. لقد جئن للتضامن مع مظلومية نساء فلسطين وشعبها الصامد الذى يعانى من الحصار الإسرائيلى منذ ثمانى سنوات. ولكنهن فى مطار القاهرة فوجئن بأن معاناة الحصار ليست صادرة عن إسرائيل فحسب، لكنها مصرية أيضا. ولا يقل عن الإسرائيلى جفاء وفظاظة، وإن كان دونه فى الذكاء والتدبير. قرار المنع المصرى تجاهل رسالة الوفد النسائى وهدفها النبيل. ولم يبالِ بالفضيحة التى ترددت أصداؤها فى كل مكان. ولم ينتبه إلى أن قرارا من ذلك القبيل يسىء إلى سمعة البلد ونظامه، من حيث انه يفهم صدوره عن حكومة نتنياهو الليكودية ولا يتوقع صدوره فى ظل الثورة المصرية. كما أنه لم يفرق بين حماس والشعب الفلسطينى فى غزة أو بين الأزمة العارضة والموقف الاستراتيجى. صانع ذلك القرار العجيب لم يرَ شيئا من كل ذلك. وفيما بدا فإنه صم الآذان وأغمض الأعين، وظل مهجوسا بشىء واحد هو الدعايات المصرية التى شيطنت حماس ونسبت إليها تهديد أمن البلاد بصورة أو أخرى. وتلك مشكلة كبرى. أولا لأنها أوقعت صانع القرار فى خطأ جسيم أساء إلى سمعة البلد وسحب الكثير من رصيد الاحترام له والثقة فيه. ثانيا ــ وهذا هو المقلق حقا ــ أن ذلك الموقف جاء كاشفا لمدى الخلل والقصور فى آليات إصدار القرار. إذ بدا وكأنها باتت محكومة بالنظر الأمنى الضيق الذى يهدر ما هو سياسى، ويضحى بما هو استراتيجى لكى يحقق بعض المكاسب الوقتية والعارضة. ماذا كان يمكن أن يحدث لو أن الوفد قوبل باحترام فى مطار القاهرة، وسمح له بالذهاب إلى رفح واجتياز المعبر ومن ثم حضور الاحتفال باليوم العالمى للمرأة فى 8 مارس؟ أزعم أن المكسب الحقيقى فى هذه الحالة سيكون من نصيب مصر. فى حين لن يضيف ذلك شيئا إلى رصيد حماس. إذ ستظهر مصر بمظهر الطرف الرصين الذى يستعلى فوق مرارات الأزمة العابرة مدركا لمسئولياته واستحقاقات تضامنه مع الشعب الفلسطينى وقضيته. وستبدو بلدا كبيرا وواعيا يفرق بين حماس وبين الشعب الفلسطينى، ولا يحمل الشعب أو يعاقبه من جراء ممارسات حماس أو تجاوزاتها المفترضة. وفى ظل الادعاءات التى يروج لها الإعلام، فإن مصر تكون قد كسبت نقطة فى مواجهة حماس إن هى فعلت ذلك. إذ حين تسمح بمرور الوفد ووصوله إلى غزة فإنها بذلك ستوجه رسالة تقول إن هناك فرقا بين أدائنا وأدائكم. وها نحن نقابل السيئة بالحسنة. هذه الحسابات البسيطة التى لا تحتاج إلى عبقرية. وحين تغيب عن صانع القرار فإنها تثير تساؤلات عدة حول كفاءة آلياته، كما أنها تشكك فى مدى الرشد الذى يتمتع به. وهو ما يبعث على القلق والخوف لأن ذلك الخلل قد تكون له تداعيات أفدح فى ملفات أخرى أهم وأخطر. نقلاً عن "الشروق"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لحظة ليكودية كاشفة لحظة ليكودية كاشفة



GMT 07:12 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

سيد... والملّا... والخاتون

GMT 07:10 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زيارة محمّد بن زايد للكويت.. حيث الزمن تغيّر

GMT 07:09 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

غلق مدرسة المستقبل

GMT 07:09 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

إنَّ الكِرَامَ قليلُ

GMT 07:08 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب الثاني... وقبائل الصحافة والفنّ

GMT 07:07 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

مع ترمب... هل العالم أكثر استقراراً؟

GMT 07:06 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب... ومآلات الشرق الأوسط

GMT 07:05 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

اللغة التى يفهمها ترامب

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:43 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته
  مصر اليوم - عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته

GMT 09:44 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

جورج وأمل كلوني يحتفلان بذكرى زواجهما في أجواء رومانسية

GMT 12:02 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

نصائح وأفكار لإطلالات أنيقة ومتناسقة

GMT 20:58 2016 الجمعة ,28 تشرين الأول / أكتوبر

لجان البرلمان المصري تستعد لمناقشة أزمة سورية

GMT 23:21 2018 الأربعاء ,21 آذار/ مارس

تعرفي على خطوات للحفاظ على "لون الصبغة"

GMT 23:40 2018 الأحد ,04 آذار/ مارس

تعرف على سعر ومواصفات سكودا كودياك 2018

GMT 19:31 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الشرطة تكشف تفاصيل تجريد أستاذ جامعي من ملابسه

GMT 18:47 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

شركة فيات كرايسلر تكشف عن تراجع ديونها بمقدار النصف
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon