توقيت القاهرة المحلي 12:07:59 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مؤامرة!

  مصر اليوم -

مؤامرة

فهمي هويدي

يوم الأحد الماضى 13 أبريل نشر لى فى هذا المكان عامود كان عنوانه «صافرات الحزن اليومى». تحدثت فيه عن شهادات التعذيب باتت تبثها كل يوم تقريبا مواقع التواصل الاجتماعى، وأوردت شهادتين كانت إحداهما صارخة وضحيتها شاب عمره 19 سنة، هو عمر جمال الشويخ الطالب بالسنة الأولى بكلية الدراسات الإسلامية فى جامعة الأزهر. وذكرت أننى وقعت على هذه الشهادة فى موقع «بوابة يناير»، وان الأستاذة أهداف سويف الروائية المعروفة أشارت إليها فى مقالة نشرتها لها جريدة «الشروق» فى 10 أبريل الحالى. ولم اشأ أن أشير إلى بقية المصادر التى تناقلت قصة الشاب. إذ كانت شبكة «يقين» الإخبارية قد نقلتها كاملة على لسان أمه فى المؤتمر الذى عقدته حملة «الحرية للجدعان» فى نقابة الصحفيين (وهى موجودة بكل تفاصيلها على اليوتيوب). كما نشرتها جريدة «الوفد» فى مقال كتبه زميلنا علاء عريبى، فى نفس يوم 13/4 الذى ظهر فيه ما كتبته فى جريدة «الشروق»، وكانت زميلة أخرى هى الأستاذة فاطمة يوسف قد سبقتنا إلى نشر القصة فى صحيفة «الشعب الجديد» يوم 9/4. كل هؤلاء نشروا التفاصيل المفزعة التى ذكرتها، لكننى أضفت فقرة قلت فيها ما نصه: إننى أفهم ان تحال للتحقيق الوقائع المروعة التى يتحدث عنها الحقوقيون والشهادات التى تصدر عن المعتقلين أو ذويهم للتثبت من مدى صحتها، ومحاسبة المسئولين عنها فى هذه الحالة. ولكن تجاهلها من ناحية أو نفيها من جانب الأبواق الإعلامية من ناحية لم يعد كافيا ولا مقبولا. بكلام آخر فإننى كنت واحدا من كثيرين استفزتهم قصة التعذيب الذى تعرض له الشاب عمر الشويخ، وجميعنا نقلنا نفس المعلومات، إلا أننى لم انطلق من التسليم بالكلام المتداول، لذلك حرصت على المطالبة بالتحقيق فى الوقائع ومحاسبة المسئولين عنها إذا صحت، أو محاسبة مروجيها إذا لم تصح. لكن ما حدث بعد ذلك كان مدهشا ومحزنا ــ كيف؟ فى مساء يوم النشر (الأحد 13/4) وجدت الموضوع مثارا فى أحد البرامج التليفزيونية، وكان كل التركيز على ما ذكرت متجاهلا ما نشرته جميع الأطراف الأخرى، وظلت العبارة التى وضعت على الشاشة تشير إلى أن فلانا (الذى هو انا) يقول إن المعتقلين يتعرضون للتعذيب والاعتداء الجنسى. وهى عبارة وردت حقا فيما كتبت لكننى لم أكن صاحبها، وانما ذكرتها الأم فى التسجيل الموجود على اليوتيوب والمتاح للجميع. كما ذكرتها بقية المواقع والمصادر التى أشرت إليها. ولم يكن ذلك هو التغليط الوحيد، لأن مقدمى البرنامج ذكرا أن القصة نشرتها فى نفس اليوم صحيفة «الأوبزرفر» البريطانية، وهو أمر غير مستغرب لأن تداولها عبر مواقع التواصل الاجتماعى يجعلها فى متناول أى مراسل أجنبى أو صحفى عادى فى مصر. كما تحدثا عن ان ما قلته نشرتها عدة صحف عربية، وهو أمر ليس جديدا لأن كتاباتى تنشرها منذ 12 عاما عشر صحف عربية فى المشرق والمغرب، بعضها باتفاق وبعضها بغير اتفاق. لكن مقدمى البرنامج تجاهلا كل ذلك واعتبرا ان العملية جزء من مؤامرة جرى التنسيق فيها بين شخصى الضعيف وبين الأطراف الدولية والعربية، وكان الدليل هو نشر المعلومة فى إنجلترا وتداول العامود الذى كتبته فى عدة أقطار عربية. وهى النقطة التى وقف عندها مقدما البرنامج طويلا حيث اعتبرا أننى بما كتبت أسهمت فى تنفيذ المخطط الجهنمى الذى يستهدف تشويه مصر وثورة 30 يناير المجيدة. فضلا عن الإساءة إلى جهاز الشرطة الذى يسهر على خدمة الوطن وتأمين المواطنين ضد غارات الإرهابيين وشرورهم. ورغم انهما استضافا أحد ضباط وزارة الداخلية ليقول هذا الكلام. فإنهما لم يكونا بحاجة لذلك، لأنهما ظلا طول الوقت يزايدان على ما قاله الرجل، فى التشديد على فكرة المؤامرة والضلوع فى المخططات الدولية التى تستهدف مصر، وتمولها قطر وتركيا إلى جانب أجهزة مخابرات الدول العظمى وغير العظمى. أحزننى تدهور المستوى المهنى للشابين اللذين قدما البرنامج، لأن أى واحد منهما لو أدى واجبه قبل تقديم الحلقة، وفتح جهاز الكمبيوتر أو اللاب توب، لأدرك أن «المؤامرة» وهم كبير وأن المعلومات متداولة على نطاق واسع منذ عدة أيام. ومن ثم لما قال ما قاله ولأصيب بالخجل من تنفيذ ما طُلب منه. لكن الاثنين آثرا أن يتصرفا كمخبرين فى جهاز الأمن الوطنى وليس كمنتسبين إلى محطة تليفزيونية، ومن ثم قدما نموذجا لانقراض مهنة الإعلامى التليفزيونى، أيدا به فكرة خضوع البث التليفزيونى لتوجيهات الأجهزة الأمنية. وهى ظاهرة تعددت شواهدها فى الساحة الإعلامية المصرية، غذاها التغير الحاصل فى موازين القوى فى المجتمع. حين تراجعت قيمة المواطن وارتفعت أسهم الأمن وأهله. بحيث ما عاد السؤال فى أى محطة تليفزيونية يعمل مقدم البرنامج، ولكن إلى أى جهاز أمنى ينتمى! أما أكثر ما يثير الدهشة فإن البرنامج التليفزيونى المذكور اهتم بالتشهير والتحريض والتنديد بمسألة المؤامرة وبفكرة الإساءة إلى وزارة الداخلية، ولم يكترث بالقضية الأساسية المتمثلة فى التعذيب وبما إذا كانت الوقائع المذكورة صحيحة أو مفتعلة ومكذوبة. ولا تفسير لذلك سوى أن معدِّيه رأوا السلطة ولم ينشغلوا بالمجتمع أو الضحايا. الأمر الذى يدعونى إلى التساؤل: إزاء ذلك التمييع للقضية من تآمر على من؟ "الشروق"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مؤامرة مؤامرة



GMT 07:12 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

سيد... والملّا... والخاتون

GMT 07:10 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زيارة محمّد بن زايد للكويت.. حيث الزمن تغيّر

GMT 07:09 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

غلق مدرسة المستقبل

GMT 07:09 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

إنَّ الكِرَامَ قليلُ

GMT 07:08 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب الثاني... وقبائل الصحافة والفنّ

GMT 07:07 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

مع ترمب... هل العالم أكثر استقراراً؟

GMT 07:06 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب... ومآلات الشرق الأوسط

GMT 07:05 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

اللغة التى يفهمها ترامب

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:43 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته
  مصر اليوم - عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته

GMT 09:44 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

جورج وأمل كلوني يحتفلان بذكرى زواجهما في أجواء رومانسية

GMT 12:02 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

نصائح وأفكار لإطلالات أنيقة ومتناسقة

GMT 20:58 2016 الجمعة ,28 تشرين الأول / أكتوبر

لجان البرلمان المصري تستعد لمناقشة أزمة سورية

GMT 23:21 2018 الأربعاء ,21 آذار/ مارس

تعرفي على خطوات للحفاظ على "لون الصبغة"

GMT 23:40 2018 الأحد ,04 آذار/ مارس

تعرف على سعر ومواصفات سكودا كودياك 2018

GMT 19:31 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الشرطة تكشف تفاصيل تجريد أستاذ جامعي من ملابسه

GMT 18:47 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

شركة فيات كرايسلر تكشف عن تراجع ديونها بمقدار النصف
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon