توقيت القاهرة المحلي 18:25:53 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«الشامخ» لم ينقرض

  مصر اليوم -

«الشامخ» لم ينقرض

فهمي هويدي

يبدو أن «الشامخ» لم ينقرض بعد. يدل على ذلك الحكم الحاسم الذى أصدرته محكمة القضاء الإدارى بخصوص حق مصر فى جزيرتى تيران وصنافير وبطلان التصرف فيهما. وهو ما يؤكد أن الصورة الباهتة التى رأيناها خلال الأشهر الماضية، والثقة التى اهتزت وأقلقتنا على مصير الحق والعدل فى مصر، كانت أحد أوجه الحقيقة وليست كلها. ورغم أن صدى الحكم فى دوائر السلطة ليس واضحا بعد، كما أن الحكومة طعنت فى القرار أمام المحكمة العليا، مع ذلك يظل الحكم التاريخى محتفظا بأهميته وشجاعته. صحيح أن الفضل فيما جرى يرجع للقضاة الأجلاء الذين اتخذوا القرار، وإلى المحامين، الذين اختاروا أن يواصلوا نضالهم بالقانون، إلا أنه ينبهنا إلى أن جذوة الأمل فى مصر لم تنطفئ بعد، وإن محاولات التجريف التى تمت ومشاعر اليأس والخوف التى خلفتها، لم تنجح فى وقف النبض أو إماتته. وهو ما يسوغ لى أن أقول إن آثار ثورة ٢٥ يناير لم تتم إزالتها بعد، وإن ما هو كامن فى أعماق مصر وضمائر أجيالها، رجالا ونساء، أفضل مما ظهر منه. وإن الذين يملأون الفضاء ضجيجا يلوث العقول والضمائر ليسوا سوى قشرة قبيحة زائفة تعجز عن الصمود أمام إشعاعات الأمل الواهنة، التى تطل علينا بين الحين والآخر من حيث لا نحتسب.

لى عدة ملاحظات على المشهد أوجزها فيما يلى:

< رغم أننا لا نعرف مصير الحكم، وهل سيتم تأييده أو نقضه. إلا أنه سيظل فى كل الأحوال محتفظا بقيمته الأدبية والسياسية، حتى إذا تم احتواء أثره القانونى بشكل أو بآخر.

< إن نقطة الضعف الأساسية فى موقف الحكومة من الناحية القانونية تكمن فى أنها لم تقدم وثيقة ذات وزن تثبت الرأى الذى تبنته فى خصوص الجزيرتين. لذلك لم يكن مستغربا تماما أن تنحاز المحكمة الإدارية إلى بطلان التصرف. ولأن القاعدة القانونية تقرر أن على من يدعى غير ظاهر الأمر أن يقيم الدليل على ادعائه، فإن انعدام الدليل لدى الحكومة المصرية جعلها تخسر القضية. باعتبار أن ظاهر الأمر جرى العمل عليه طوال العقود التى خلت إن الجزيرتين خاضعتان للسيادة المصرية.

< إن صدور الحكم لصالح سيادة مصر على الجزيرتين، يبطل بصورة تلقائية كل الإجراءات العقابية، التى اتخذت بحق الذين تظاهروا دفاعا عن السيادة سابقة الذكر.

< إننا إذ نرى فى صدور الحكم دليلا ساطعا على اتساع حرية التقدير في محيط القضاء وينبغي ان نعترف بان درجة الحرية اوسع لدي قضاة مجلس الدولة.

اية ذلك أن مجلس القضاء الأعلى حكم بفصل أكثر من ٦٠ قاضيا ممن اتهموا فى قضية بيان رابعة وقضاة من أجل مصر، فى حين أن مجلس الدولة كان له تكييف اخر بحق قضاة المجلس الذين اتهموا فى القضية ذاتها فاكتفي بتوجيه اللوم إليهم، وليس عزلهم، معتبرا أن ظهورهم فى وسائل الإعلام واقعة يمكن المؤاخذة عليها، وليست حالة تستحق العقاب التأديبى المتمثل فى العزل.

< إن ما جرى ينبهنا إلى أن إجراءات السلطة وقراراتها لا تولى الاعتبار القانونى الأهمية التى يستحقها. فضلا عن أنها تتصرف فى أحيان كثيرة باعتبار أنها ضامنة للغطاء القانونى ومطمئنة إلى أنه يتجاوب معها طول الوقت. يؤيد ذلك أن أكثر محاكمات وتحقيقات القضايا السياسية تتم إما فى أكاديمية الشرطة أو معهد أمناء الشرطة أو معسكرات الأمن المركزى. لكن محكمة النقض حين طلب منها أن نعقد جلساتها فى أكاديمية الشرطة فإنها رفضت ذلك استنادا إلى أن المعهد يتبع وزارة الداخلية، ولا يصلح لأن يكون محكمة مستقلة تتوفر لها اعتبارات العدالة والنزاهة. وهو موقف يؤدى فى النهاية إلى إبطال أغلب إن لم يكن كل الأحكام التى صدرت فى الأماكن التابعة لوزارة الداخلية، إذا طعن فيها أمام النقض.

< إن ما جرى فى موضوع الجزيرتين كان إجراء سياسيا لم تتوفر له الدراسة القانونية الكافية السابقة على القرار. وهو ما يثير تساؤلات كثيرة حول الكثير من المشروعات الكبيرة المهمة التى اتخذت وما إذا كانت قد استوفت حقها فى الدراسة أم لا.

أخيرا فإننا نتمنى على الجميع أن يتصرفوا بمسئولية فى التعامل مع الحدث. إذ ليس هذا وقت الشماتة أو المعايرة، ولكنه وقت التكاتف والتضامن ليس فقط لتفعيل قرار المحكمة، ولكن أيضا للدفاع عن استقلال القضاة والقضاء والحفاظ على المكانة التى استرجعوها فى سجل التاريخ.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الشامخ» لم ينقرض «الشامخ» لم ينقرض



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 08:35 2024 الأحد ,22 أيلول / سبتمبر

دفاتر النكسة

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 08:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية

GMT 03:29 2020 السبت ,14 آذار/ مارس

بورصة تونس تغلق التعاملات على انخفاض

GMT 14:03 2020 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أول تعليق من محمد منير بعد وفاة مدير أعماله وزوج شقيقته

GMT 06:49 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عزل ترامب
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon