توقيت القاهرة المحلي 07:15:30 آخر تحديث
  مصر اليوم -

استقالة مع قرار التعيين

  مصر اليوم -

استقالة مع قرار التعيين

فهمي هويدي

حدث خلاف بين رئيس مجلس القضاء الأعلى ورئيس جهاز المخابرات فى السلطة الفلسطينية. انتهى باستقالة الأول بعدما أمضى عشرة أشهر فقط من تعيينه فى منصبه، رئيس مجلس القضاء سامى صرصور اتهم رئيس المخابرات اللواء توفيق الطيراوى بالتدخل فى شئون القضاء والاعتداء على استقلاله، فى حين أن الطيراوى نسب إلى السيد صرصور أنه قام بتعديل مراسيم رئاسية بعد صدورها بالمخالفة للقوانين المعمول بها. وهى اتهامات أدانها المجلس الأعلى للقضاء واعتبرها إساءة إلى هيبة القضاء ومساسا باختصاصات السلطة القضائية. إلى هنا والسجال كان مفهوما فى أجواء العالم العربى، ذلك أنه حين يختلف أى مسئول مهما علا مقامه مع رئيس المخابرات ويتعذر التفاهم أو إصلاح ذات البين بينهما، فإن الذى يغادر هو المسئول فى حين يظل رئيس المخابرات من «الثوابت»، طالما كان مرضيا عنه من الرئيس الأعلى. 

المستشار سامى صرصور شغل فى السابق مناصب قضائية رفيعة، منها أنه كان نائب رئيس المحكمة العليا، ثم أصبح نائبا لرئيس مجلس القضاء الأعلى، قبل أن يصدر مرسوم بتعيينه رئيسا لمجلس القضاء الأعلى فى شهر يناير الماضى. وفى دفاعه عن نفسه قال إننا طوال ١٥ عاما كنا نأمل بالإصلاح وقطعنا شوطا فى الفصل بين السلطتين التنفيذية والقضائية، لكن ما حدث أخيرا أعاد الأمور إلى نقطة الصفر. وانتقد موقف رئيس السلطة التنفيذية السيد محمود عباس قائلا إن تدخله لإقالة أو قبول استقالة رئيس المجلس الأعلى للقضاء إجراء غير قانونى. إذ إن المسار الطبيعى يقضى بأن يقدم القاضى استقالته إلى المجلس الأعلى للقضاء، الذى يناقشها بدوره ثم يحيلها لوزير العدل. وليس من صلاحية رئيس السلطة التنفيذية أن يصدر قرارا فى هذا الشأن.

استطرد صاحبنا قائلا: عندما تم تعيينى رئيسا لمجلس القضاء الأعلى أكدوا لى أن الأمر تكليف وليس تشريفا، وطلبوا منى التوقيع على كتاب استقالة غير مؤرخ، وهو ذات الكتاب الذى تم تفعيله أخيرا لإزاحتى عن المنصب، ذكر ذلك لكى يؤكد أنه لم يستقل ولكن تمت إقالته، للإتيان بأشخاص آخرين للمجلس الأعلى للقضاء «لكى يكونوا أكثر انسجاما مع النافذين فى السلطة».

هذه الخلفية كانت مفاجئة للجميع. حيث لم يخطر على بال أحد أن يكون رئيس مجلس القضاء الأعلى بجلالة قدره قد وقع عند تعيينه فى منصبه الرفيع على كتاب استقالته. وإذا كان ذلك قد حدث مع أكبر قاضٍ فى السلطة. فلنا أن نتصور حدوثه. أو ما هو أكثر منه مع من دونه من القضاة. ثم أن ذلك يفسر كيف أن القضاء استخدم فى التلاعب بالانتخابات البلدية التى كان مقررا إجراؤها فى الأرض المحتلة يوم ٨ أكتوبر الحالى. ذلك أن محكمة العدل العليا أصدرت حكما باستثناء غزة من تلك الانتخابات، بدعوى عدم شرعيتها. وكان ذلك قرارا سياسيا من أصداء التجاذبات والمماحكات بين قيادة السلطة فى رام الله وبين الوضع القائم فى غزة الذى تديره حركة حماس. ثم انتهى الأمر بتأجيل الانتخابات كلها لمدة أربعة أشهر، بسبب خشية سلطة رام الله من فوز حماس فى بلديات الضفة الغربية.

حين أقيل السيد صرصور من منصبه فإنه اعتبر القرار عدوانا على استقلال القضاء ومساسا بهيبته، وتغولا غير مشروع من جانب السلطة التنفيذية. لكنه لم ير شيئا من ذلك حين وافق عند تعيينه على التوقيع على كتاب غير مؤرخ باستقالته. ورغم أنه نفذ للسلطة ما أرادت (فى انتخابات البلديات مثلا)، هو والجهاز القضائى الذى يعمل معه، فإن ذلك لم يشفع له، وألقى به إلى عرض الطريق حين اختلف مع رئيس جهاز المخابرات. وهى قصة محزنة تسلط الضوء على الدور الحقيقى للقضاء فى أى نظام غير ديمقراطى، خلاصة درسها الأهم الذى كثيرا ما ننسى أنه لا مكان لقضاء مستقل فى مجتمع يحكمه الأمن.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

استقالة مع قرار التعيين استقالة مع قرار التعيين



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 08:35 2024 الأحد ,22 أيلول / سبتمبر

دفاتر النكسة

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 08:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية

GMT 03:29 2020 السبت ,14 آذار/ مارس

بورصة تونس تغلق التعاملات على انخفاض

GMT 14:03 2020 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أول تعليق من محمد منير بعد وفاة مدير أعماله وزوج شقيقته

GMT 06:49 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عزل ترامب
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon