توقيت القاهرة المحلي 17:35:27 آخر تحديث
  مصر اليوم -

زلزال يناير وهزة أبريل

  مصر اليوم -

زلزال يناير وهزة أبريل

فهمي هويدي

إذا حاولنا أن نقارن بين ما شهدته مصر فى ٢٥ يناير ٢٠١١ وما جرى فى ٢٥ أبريل هذا العام (٢٠١٦) فسنجد تشابهات وتباينات عدة جديرة بالرصد، فالأول مناسبة صنعها أبطال الشرطة، والثانية مناسبة وراءها أبطال الجيش. والمناسبتان استثمرهما النشطاء للتعبير عن الغضب، حدث يناير كان غضبة لما حل بالمجتمع وناسه من فساد وظلم. أما تظاهرات أبريل فإنها كانت غضبة وغيرة على تراب الوطن.

وفى المناسبتين كانت مواقع التواصل الاجتماعى هى قناة التعبئة والحشد، وكانت المظاهرات السلمية وسيلة التعبير عن الغضب. وما حدث فى ٢٥ يناير فاجأ النظام الذى بوغت بالجماهير فى ميدان التحرير وفى غيره من ميادين مصر. أما حدث أبريل فقد تم فيه استيعاب الدرس واختفى عنصر المفاجأة. وكان إغلاق ميدان التحرير ونشر الحواجز والكمائن فى الشوارع الرئيسية بقلب العاصمة رمزا لذلك. وما تولته عناصر الحزب الوطنى لإفشال احتشاد يناير (من خلال تظاهرة مصطفى محمود وموقعة الجمل مثلا) كررته أحزاب الموالاة التى استجلبت مجموعات من الأقاليم لتقف فى مواجهة مظاهرات الغضب فى القاهرة، وإذا كانت الشرطة فى يناير قد أطلقت الرصاص على المتظاهرين وجرى استهدافها بعدما أصبحت موقع اتهام وصارت فى موقف الدفاع، إلا أنها هذه المرة استوعبت الدرس وصارت فى موقف الهجوم الذى نجح فى تفريق المظاهرات، واكتفى بإطلاق قنابل الغاز واعتقال بعض المتظاهرين، ولم تلجأ إلى استخدام الرصاص الحى.

ثمة تباينات أخرى مهمة أوجزها فيما يلى:
< حدث يناير ٢٠١١ كان موضع إجماع شعبى عارم شاركت فيه الجماهير العريضة فى مختلف أنحاء مصر. أما حدث أبريل الحالى فإنه خرج من مجتمع منقسم بالأساس، لكن مسألة الجزيرتين شكلت نقطة لقاء بين عدد غير قليل من المنقسمين. وبسبب التباين فى الخلفيات فإن قوام تظاهرات يناير تمثل فى الجماهير المليونية التى خرجت فى كل أنحاء مصر. أما تظاهرات أبريل الأخيرة فكانت المشاركة فيها أقل، إذ بدا واضحا أن النشطاء قوامها، كما أنها، خرجت فى بعض المدن والأقاليم دون غيرها.

< لا تفوتنا فى هذا الصدد ملاحظة أن التيارات الإسلامية كانت حاضرة فى فاعليات ثورة يناير، وكان دورها مشهودا فى ميدان التحرير لكن تلك الجموع غابت فى تظاهرات أبريل، حيث بات حضورها القوى مقصورا على السجون الموزعة على أرجاء مصر.

< اختلاف الأجواء ملحوظ فى الحالتين فتظاهرات يناير خرجت فى سياق ثورة الربيع العربى التى انطلقت شرارتها من تونس، أما تظاهرات أبريل فقد انطلقت فى مناخ الجزر وانتكاس الربيع وانكسار موجته. وإذ فوجئت دول المحيط بانطلاقة يناير فإنها وقفت مترقبة ومتكتمة لمشاعرها. وهو ما اختلف هذه المرة، لأن الدول المذكورة كانت قد حددت مواقفها وأعلنت عن تحيزاتها، وإذا استخدمنا مفردات التعليق الرياضى فقد نقول إنها تركت مقاعد البدلاء، ونزلت إلى الملعب متصدرة مواقع الهجوم.

< تتصل بما سبق مفارقة أخرى. ذلك أن بضعة أشخاص رفعوا العلم السعودى أثناء تظاهرات يناير، وهو ما كان موضع تندر وانتقاد واسع النطاق ــ وحين تكررت الواقعة فى تظاهرات أبريل ــ فى القاهرة على الأقل ــ فإن رافعى العلم السعودى كانوا يرحب بهم وتؤمن مسيرتهم، وتفسح لهم قوات الأمن الطريق لكى يرددوا هتافاتهم ويعبرون عن مشاعرهم.

< قد لا نبالغ إذا قلنا إن الذين خرجوا فى أبريل منسوبون إلى الذين خرجوا فى يناير، أما الذين حشدوا ضدهم فقد كانوا أقرب إلى نظام مبارك الذين رددوا شعار «آسفين يا ريس» فى السر والعلن.

< بوسعنا أن نصف ما جرى فى يناير ــ أيا كانت نتائجه ــ بأنه كان زلزالا قوض النظام وأسقطه بعدما استمرت التظاهرات طوال ١٨ يوما. أما ما جرى فى أبريل فيمكن أن يوصف بأنه هزة أرضية وقعت فى يوم واحد، لكنها أغضبت النظام واستنفرته. لذلك فإنه إذا كان لنا أن نصف ما جرى فى يناير باعتباره فصلا فى كتاب الثورة. فإن ما جرى فى أبريل الحالى ــ وحتى إشعار آخر ــ فإنه مجرد صفحة فى الكتاب المذكور، وذلك لا يقلل من شأنها لأن الكتاب المذكور ليس سوى مجموعة من الصفحات المماثلة. وإذا أدركنا فى يناير أن الشعب قد استعاد وعيه، فإن تظاهرات أبريل جاءت دالة على أنه لم يفقد وعيه بعد.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

زلزال يناير وهزة أبريل زلزال يناير وهزة أبريل



GMT 12:48 2016 الأحد ,11 كانون الأول / ديسمبر

بشرى للاعبين المحليين

GMT 14:24 2016 الجمعة ,09 كانون الأول / ديسمبر

هل الكتابة خدعة؟

GMT 14:23 2016 الأربعاء ,07 كانون الأول / ديسمبر

أحرجتنا ماليزيا

GMT 11:38 2016 الثلاثاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

الإصلاح السياسى مقدم على الإصلاح الدينى

GMT 12:04 2016 الخميس ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

التغريبة الثالثة

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 05:12 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

تصريح عاجل من بلينكن بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

GMT 09:08 2018 السبت ,24 آذار/ مارس

لعبة Sea of Thieves تتوافر مجانا مع جهاز Xbox One X

GMT 08:25 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

طائرة "مناحم بيغن" تتحول لفندق ومطعم

GMT 21:48 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

بالميراس يقترب من التعاقد مع دييجو كوستا

GMT 18:37 2020 الثلاثاء ,29 كانون الأول / ديسمبر

شركات المحمول تتجه لرفع أسعار الخدمات خلال 3 شهور

GMT 08:43 2020 الأحد ,20 كانون الأول / ديسمبر

منظمة الصحة في ورطة بسبب "التقرير المفقود" بشأن "كورونا"

GMT 07:47 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

تطورات جديدة في واقعة الاغتصاب الجماعي لفتاة داخل فندق

GMT 00:41 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

عمر ربيع ياسين يكشف آخر كواليس معسكر منتخب مصر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon