توقيت القاهرة المحلي 08:21:04 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مبادرة وقف العنف

  مصر اليوم -

مبادرة وقف العنف

فهمي هويدي

الذين نسوا «مبادرة وقف العنف» التى أطلقت فى مصر قبل تسعة عشر عاما معذورون، فنشرة أخبار العنف التى تبث طوال السنوات الثلاث الأخيرة لا تدع مجالا للحديث عن مبادرة وقفه التى أطلقت فى أواخر القرن الماضى. والذين تناسوا المبادرة معذورون أيضا، لأن الأجواء الراهنة لا تحتمل سوى خطاب واحد يلعن العنف ولا يكف عن التلوح بخطره، ومن ثم شيطنة أهله الذين صاروا من «الأشرار» الذين لا حديث يعلو فوق نداءات الخلاص منهم. وحدهم الذين أعدوا المبادرة لايزالون يذكرونها ولا يملكون سوى اجترار ذكريات إطلاقها فى مجالسهم، وهو ما يتم بعيدا عن الأضواء خشية الاتهام وتجنبا لسياط الإعلام الأمنى الذى بات يعتبر كل من انتمى ــ ولو تاريخيا ــ للإسلام السياسى متهما وملعون الوالدين حتى يثبت العكس، ومن الأشرار الذين لا يستحقون الحصول على رخصة الانضمام إلى الأبرار الذين يملأون الفضاء تهليلا وتصفيقا وتسبيحا.

يوم أمس (السبت 27 أغسطس) التقى نفر من أصحاب المبادرة فى «الذكرى السنوية» لها. وليس لدى تفسير لاختيار ذلك التوقيت لأن المبادرة أطلقت فى الخامس من شهر يوليو فى عام 1997 وقد خطر لى أن تكون الحسابات الأمنية وراء ذلك. اللهم إذا كانوا قد عقدوا ذلك الاجتماع فى «الذكرى الأربعين» للحدث الذى دفن فور إعلانه.

لاتزال المبادرة حية لم تمت، لسبب جوهرى هو أننا لم نطرح حتى الآن صيغة سياسية لوقف العنف. صحيح أننا عقدنا عشرات المؤتمرات وألقيت علينا آلاف المواعظ وأصدرنا ما لا حصر له من البيانات، إلا أن العنف استمر بدرجة أو أخرى فى الوقت ذاته فإننى لا أستطيع أن أتجاهل احتمال أن تكون التعبئة الإعلامية ضده مطلوبة لاستمرار استنفار المجتمع وإشعاره بالخطر، لتبرير حاجة السلطة إلى تشديد القبضة واللجوء إلى الإجراءات الاستثنائية لمواجهة ذلك الخطر.

تكمن أهمية مبادرة وقف العنف التى أعلنتها الجماعة الإسلامية قبل 19 عاما فيما يلى:

< أنها كانت تجربة فريدة على المستوى المحلى والإقليمى جسدت انتقال فصيل مسلح بشكل طوعى من العنف إلى السلم على إثر مراجعات داخلية، أعلنت على الملأ فى أربع دراسات شرعية وسياسية مفصلة.

< التجربة نجحت فى إطار الجماعة الإسلامية بدليل التزام أعضاء الجماعة طوال تلك المدة بالعمل السياسى السلمى. يشهد بذلك أنه طوال تلك المدة لم يحدث خرق واحد من جانب عناصر الجماعة لقرار نبذ العنف. وهو ما حدث حتى فى أوقات الفراغ الأمنى بعد ثورة يناير، رغم وجود دوافع الانتقام والتشفى وتصفية الحسابات القديمة.

< فى التعبير عن الالتزام بالمبادرة والتزاما بموقف نبذ العمل السرى، فإن الجماعة أنشأت حزب البناء والتنمية للمشاركة فى العمل السياسى العلنى. وأثبت الحزب فى الممارسة تمسكه بمبادئ الحوار والمواطنة واعتماد الآليات الديمقراطية فى الممارسة السياسية.

< سجل الحزب موقفا إيجابيا واضحا إزاء المشكلات الطائفية، حيت أطلق مبادرة «وطن واحد وعيش مشترك» لترسيخ الاصطفاف الوطنى.

هذه المحاور لم تكن شعارات فقط، ولكنها كانت نهجا التزم به الحزب منذ عام 1997. إذ لم ينسب إلى أحد من أعضائه أى ضلوع فى كل عمليات العنف التى تمت خلال السنوات التى خلت، وحتى اللحظة الراهنة.

مشكلة المبادرة فى جديتها. أعنى فى أنها صادرة عن فصيل ينتمى إلى الإسلام السياسى، طوى صفحة العنف وأبدى رغبة فى المشاركة السياسية والتغيير السلمى والديمقراطى. ولأنها كذلك فإن تجميدها أو تجاهلها يبدو منسجما مع أجواء إقصاء الإسلام السياسى وإبادته سياسيا وثقافيا. ولأن ذلك التيار بمختلف فصائله يعد تعبيرا عن هوية إسلامية للمجتمع أصيلة وراسخة، فإن الإصرار على إقصائه يعد موقفا عبثيا وغير ديمقراطى، خصوصا إذا تعلق الأمر بفصائله المصرة على الالتزام بالسلمية والالتزام بالقيم الديمقراطية. وهو تفسير إذا صح فهو يعنى أن موقف الإقصاء لمثل هؤلاء لا يعد فقط مصادرة لحق من حقوق الإنسان. لكنه يعد أيضا تزويرا للديمقراطية وانتهاكا لقيمها. وإذا كان الخطاب السياسى قد أطلق على كل فصائل الإسلام السياسى وغيرهم من المغضوب عليهم مصطلحا مبتدعا هو «أهل الشر»، فواقع الأمر يؤكد لكل ذى عينين أن فصيل البناء والتنمية يضم بعضا من خيار أولئك الأشرار.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مبادرة وقف العنف مبادرة وقف العنف



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 08:35 2024 الأحد ,22 أيلول / سبتمبر

دفاتر النكسة

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 08:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية

GMT 03:29 2020 السبت ,14 آذار/ مارس

بورصة تونس تغلق التعاملات على انخفاض

GMT 14:03 2020 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أول تعليق من محمد منير بعد وفاة مدير أعماله وزوج شقيقته

GMT 06:49 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عزل ترامب
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon