توقيت القاهرة المحلي 23:49:28 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أسئلة المستقبل الحائرة

  مصر اليوم -

أسئلة المستقبل الحائرة

فهمي هويدي

عقب زيارة استمرت نحو 8 ساعات للساحل الشمالى، أطلق خلالها المهندس إبراهيم محلب إشارة البدء للمشروع القومى الثالث الذى تتبناه الحكومة. وهو مشروع تنمية الساحل الشمالى الغربى وظهيره الصحراوى، قام رئيس مجلس الوزراء عقب عودته مباشرة للقاهرة بتفقد الأعمال فى «جراج التحرير». هذا الخبر وزعه مكتب رئيس الوزراء مساء يوم السبت الماضى 23/8. لكن صحف الأربعاء أضافت ان المهندس محلب سوف يتوجه خلال ساعات إلى الواحات لإعطاء إشارة البدء فى إنشاء طريق دالة ــ الفرافرة بطول 30 كيلومترا. باعتباره أول طريق تنموى يتم تنفيذه ضمن شبكة الطرق التى أعلن عنها الرئيس عبدالفتاح السيسى بطول 4400 كيلومتر وتكلفة 23 مليار جنيه.

هذا نموذج لاخبار المشروعات الجديدة التى باتت تحفل بها الصحف يوما بعد يوم، وترسم صورة إعلامية للمستقبل مشرقة وشديدة التفاؤل. ليس الأمر مقصورا على المشروعات القومية الثلاثة التى أطلقت خلال الأسابيع الأخيرة (تنمية محور قناة السويس ــ المثلث الذهبى للتعدين فى الصحراء الشرقية ــ المخطط الاستراتيجى للساحل الشمالى). لأن وسائل الإعلام تحدثنا كل يوم عن شىء جديد، المليون مسكن التى ستمولها دولة الإمارات خلال السنوات الخمس القادمة. ــ إقامة عاصمة جديدة خارج القاهرة ــ استصلاح أربعة ملايين فدان ــ 1500 موقع لمدارس جديدة ــ تنمية مشروع توشكى ــ إنشاء 17 كوبرى (الكلمة تركية وأصلها كوبرو والاسم العربى لها هو جسر) ومراجعة 1407 جسور أخرى.. إلى غير ذلك من المشروعات التى تسعى لتحريك عجلة التنمية، ومعالجة أوجه القصور والإهمال التى عاشت مصر طويلا فى ظلها. وكلها تعبر عن رغبة أكيده فى الانجاز، وقدر هائل من النوايا الطيبة. وثقة شديدة فى النفس والمستقبل. وهى عوامل ايجابية لا ريب، إلا أنها تثير عديدا من الأسئلة، منها ما يلى:

• هل يعد ذلك من قبيل تشتيت الجهد والقتال على أكثر من جبهة فى وقت واحد، الأمر الذى قد يسحب من رصيد الإنجاز على الجبهات المختلفة؟

• أين درست تلك المشروعات وما هى الجهة التى تحدد أولوياتها؟ ــ صحيح أن أغلبها درسته حكومات سابقة، إلا أن توقيت تنفيذها فى مرحلة زمنية واحدة يحتاج إلى تمحيص ومراجعة للأولويات والإمكانيات؟

• هل يكفى أن يدرس رئيس الجمهورية الأمر، فيقضى 5 ساعات مع وزير التعليم ــ مثلا ــ ثم يعلن علينا بعد ذلك ان الكتاب المدرسى لن يزيد حجمه على 200 صفحة، وهل من المفيد أن يذهب الرئيس بنفسه بعد صلاة الفجر لكى يتابع الحفر فى القناة الموازية. وهل من عمل رئيس الوزراء ان ينتقل من اطلاق مشروع تنمية الساحل الشمالى، لكى يعاين إقامة جراج للسيارات فى قلب القاهرة. وأليس هذا كله من عمل آخرين ينبغى أن يباشروه وان يحاسبوا على التقصير فيه؟

• حين يتزامن إطلاق المشروعات الجديدة والكبيرة مع انقطاع التيار الكهربائى والقلق على مستقبل المياه فى مصر، وتعطل أكثر من أربعة آلاف مصنع عن العمل، ويتم ذلك فى ظروف عدم استقرار الأوضاع الأمنية والتوقف النسبى لحركة السياحة فى البلد، فإن التساؤل عن ترتيب الأولويات يصبح ملحا ومشروعا. ليس ذلك فحسب وانما قد يستدعى الأمر نظرا فى إصلاح الموجود وترشيد أدائه قبل الانطلاق والاستغراق فى مشروعات جديدة.

• أدرى أن هناك ثقة شديدة فى الدور التنموى الذى تستطيع أن تقوم به القوات المسلحة. لكننى أزعم أن لها مهمة أساسية أخرى ينبغى أن تعطى الأولوية فى اهتماماتها. وهذه المهمة تتركز فى الدفاع عن حدود الوطن والارتقاء المستمر بنوعية الأداء لكى تنهض بذلك الواجب على الوجه الأفضل. ولا بأس بطبيعة الحال أن تشارك فى التنمية إذا كان لديها فائض جهد. إلا أن التعويل الأساسى ينبغى أن يظل متجها إلى استنهاض قوى المجتمع وطاقاته الإبداعية، على مستوى الأفراد والمؤسسات.

• للأسف فإن غلبة الصوت الواحد وارتفاع مؤشرات التهليل حجبت الآراء التى عبرت عن تفكير آخر فى النهوض بالواقع المصرى، الذى لا يختلف عليه أحد كهدف، ولكن الوسائل التى تحققه قد تتعدد (كتابات الدكتور محمود عمارة فى جريدة الوطن تقدم نموذجا للأفكار التى تستحق النظر). ولا سبيل إلى حسم هذه الخلافات إلا عبر حوار يتم بين أهل الاختصاص يفتح الباب لتحقيق التوافق حول الأولويات والجدوى. ولا أعرف ان كانت الدعوة لمؤتمر يشارك فيه الخبراء والاقتصاديون المصريون قد فات أوانها أم لا. إلا ان الفكرة تستحق التفكير والنظر، على الأقل لكى يكتسب الأداء شفافية تقنع الرأى العام وتطمئنه.

• إن السؤال عن رؤية مصر الاستراتيجية فى وضعها المستجد بات مشروعا، بعدما بدا أن المسارات المتعددة والمتعاكسة أحيانا تدل على افتقادنا لتلك الرؤية. وقد كتب أحد زملائنا مقالة بذلك المعنى عبر فيها عن تشككه فى وجود تلك الرؤية وأمله فى ان يقتنع الرأى العام فى مصر بأن الأوضاع يديرها عقل استراتيجى يطمئن إليه (حامد السرجانى ــ المصرى اليوم ــ فى 9/8/2014).

أكرر أننى لا أشك فى توافر النوايا الحسنة، لكننا تعلمنا ان ذلك وحده لا يكفى، حتى قال لنا السابقون ان الطريق إلى جهنم ملىء بالنوايا الحسنة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أسئلة المستقبل الحائرة أسئلة المستقبل الحائرة



GMT 20:18 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

مع ابن بجاد حول الفلسفة والحضارة

GMT 00:00 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

هل نحتاج حزبا جديدا؟

GMT 09:08 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

7 فرق و11 لاعبًا نجوم البريمييرليج!

GMT 08:51 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

بشار في دور إسكوبار

GMT 08:49 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

دمامة الشقيقة

GMT 08:48 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

سوريا الجديدة والمؤشرات المتضاربة

GMT 08:47 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

هجمات رأس السنة الإرهابية... ما الرسالة؟

GMT 08:46 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الشرق الأوسط الجديد: الفيل في الغرفة

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:13 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة
  مصر اليوم - زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة

GMT 00:00 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

محمد سعد يشيد بتعاونه مع باسم سمرة ونجوم فيلم "الدشاش"
  مصر اليوم - محمد سعد يشيد بتعاونه مع باسم سمرة ونجوم فيلم الدشاش

GMT 22:20 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

دراسة حديثة تكشف علاقة الكوابيس الليلية بالخرف

GMT 22:21 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

عباس النوري يتحدث عن نقطة قوة سوريا ويوجه رسالة للحكومة

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 09:13 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 06:04 2024 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الثلاثاء 31 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 14:18 2024 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

من أي معدن سُكب هذا الدحدوح!

GMT 21:19 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

البورصة المصرية تربح 7.4 مليارات جنيه ومؤشرها الرئيس يقفز 1.26%
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon