توقيت القاهرة المحلي 04:45:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أكان يمكن إنقاذهم؟

  مصر اليوم -

أكان يمكن إنقاذهم

فهمي هويدي


قضية المصريين الذين اختطفتهم «داعش» فى ليبيا وأظهرتهم وهم يرتدون ثياب الإعدام البرتقالية يوم الخميس الماضى (١٢/٢) تحيط بها تعقيدات كثيرة، لا تسمح بالتعجل بالتفاؤل بشأن مصيرهم. على الأقل فذلك ما خرجت به من اتصالات أجريتها خلال الثمانى والأربعين ساعة الماضية مع بعض ذوى الصلة، أغلبهم من الليبيين المطلعين سواء فى طرابلس العاصمة أو فى مدينة سرت التى يحتجز فيها المخطوفون. حصيلة الاتصالات ألخصها فيما يلى:
• عملية الاختطاف تمت على مرحلتين خارج مدينة سرت منذ نحو شهر ونصف الشهر، فى الأول اختطف ١٣ شخصا وفى الثانية اختطف ثمانية. لكنهم نقلوا أخيرا إلى سرت وتم إيداعهم فى مجمع «واجادوجو» الذى بنى فى عهد القذافى ويحمل اسم عاصمة بوركينا فاسو.
• ظهور داعش فى مدينة سرت كان مفاجئا للجميع، بما فى ذلك سلطة المؤتمر الوطنى المتمركزة فى طرابلس. إذ كان معروفا عن سرت انها معقل قبيلة القذاذفة التى انتمنى إليها الرئيس السابق. ولم تكن على ولاء للثورة، إلا أن أنصار الشريعة كان لهم نشاطهم الأبرز فيها، وكانوا يحتفظون بعلاقات طيبة مع الأهالى نظرا لاهتمامهم بالأعمال الخيرية والأنشطة الاجتماعية.
• تبين أن داعش وصلت إلى سرت خلال الأسابيع الماضية واستقطبت أعدادا من شباب القذاذفة المتدينين وعناصر من عدة قبائل أخرى كما اخترقت صفوف تنظيم أنصار الشريعة وجذبت عددا من أنصارهم.
• أقام التنظيم الوافد قاعدة له فى المدينة، والذين تولوا أمره من أنصار «الدولة الإسلامية» لم يكونوا ليبيين، لكنهم ينتمون إلى جنسيات عربية أخرى. وحين قام نفر منهم بالعملية الانتحارية التى استهدفت تفجير فندق «كورنثيا» الذى كان يقيم فيه أعضاء حكومة طرابلس، تبين انهم ثلاثة، أحدهما يمنى والاثنان تونسيان. (التنظيم عين «أميرا» لما سموه ولاية طرابلس اسمه أبوطلحة التونسى).
• انتهزت جماعة داعش فرصة ضعف السلطة المركزية وغيابها، فاستجلبوا بعضا من أنصارهم ونسجوا علاقاتهم مع شباب القبائل فى سرت وقاموا فى الأسبوع الماضى بالاستيلاء على محطتين إذاعيتين وعلى بعض مؤسسات الدولة (مكتب الجوازات والضمان الاجتماعى)، كما استولوا على فندق «المهارى»، أحد أكبر الفنادق بالمدينة. وعبر الإذاعة بثوا أناشيدهم وخطب «خليفة» الدولة الإسلامية أبوبكر البغدادى. وتولى مؤيدوهم خطبة الجمعة التى دعوا الناس فيها إلى بيعة الخليفة، وإلى إعلان ما سموه بالاستتابة التى تعنى إعلان الولاء للدولة المذكورة والانخراط فى فكر السلفية الجهادية.
• فى إذاعاتهم وخطبهم هاجموا بشدة حكومة طرابلس واعتبروها مرتدة بدعوى أنها لا تطبق الشريعة الإسلامية، الأمر الذى مكن التنظيمم من تجنيد أنصار جدد وتوسيع نطاق قاعدته فى أوساط المتدينين.
• فى حين كانت حكومة طرابلس مشغولة بالاشتباك مع حكومة طبرق وجماعة اللواء حفتر، فإن تنظيم داعش كان يتمدد فى سرت ويقيم علاقاته مع قبائل منطقة الوسط التى تنتشر فيها النزعة الدينية. وفى المقدمة منها قبائل أورفلى والمقارحة فضلا عن القذاذفة، إلا أن الأمر اختلف حين ظهرت صور المصريين بثياب الإعدام وبدا أن هناك احتمالا لتنفيذ حكم الإعدام بحقهم.
• يوم السبت (١٤/٢) دعا رئيس المؤتمر الوطنى نور الدين بوسهمين إلى اجتماع فى طرابلس لبحث الموقف فى سرت، حضره مسئولو الداخلية والأمن والمخابرات والجيش. وتم الاتفاق فيه على تشكيل قوة مشتركة لتأمين مدينة سرت، وفرض سلطة الدولة على المرافق التى استولى عليها تنظيم داعش. وفى الوقت ذاته قيل لى إن إحدى الكتائب ستتحرك من مصراتة قاصدة سرت لتحقيق الهدف ذاته.
• من الملاحظات المهمة التى سجلها البيان الصادر عن الاجتماع ان السلطات المصرية لم تجر اتصالا مع حكومة طرابلس بخصوص موضوع المصريين المختطفين. ولذلك فليست هناك أية معلومات عنهم، سواء تعلقت بأسمائهم أو الجهات التى كانوا يعملون فيها.
• لا أعرف مدى جدية قرار تشكل قوة عسكرية لبسط سيطرة الدولة على سرت، لكن هذه الخطوة لا تخلو من خطورة، إذ ليس مستبعدا ان تقدم جماعة داعش على إعدام المصريين المحتجزين إذا أدركوا انهم بصدد مواجهة عسكرية استهدفت تخليصهم، وعلى حد تعبير أحد المصادر الليبية، فإن الجماعة ليسوا أهل تفاهم، ناهيك عن ان قرار القتل عندهم أمره سهل ولا يحتمل التردد.
هذه الخلفية تستدعى ملاحظتين، الأولى ان اصطفاف السلطة المصرية إلى جانب حكومة طبرق وجماعة حفتر وتبنيها موقف القطيعة مع حكوة طرابلس، قطع خطوط الاتصال مع الجهة التى كان يمكن ان تتعاون مع الحكومة المصرية فى حل الإشكال. وكانت النتيجة أن حكومة طرابلس ظلت خارج الموضوع طول الوقت، حتى أن أحد الأصدقاء الليبيين قال لى إنه حين تحدث صباح السبت عن قضية المصريين المختطفين مع أحد كبار المسئولين عن المؤتمر الوطنى، فإنه اكتشف أنه لا علم له بالموضوع أصلا.
الملاحظة الثانية ان التحرك المصرى بدا حثيثا ونشطا بعد ظهور المصريين بثياب الإعدام فى الصور التى وزعتها داعش أخيرا، وهو ما يثير أكثر من سؤال حول تفسير الصمت الذى ران على القضية طوال شهر ونصف الشهر، وما إذا كان ذلك راجعا إلى ان السلطات المصرية لم تكن تعلم بالقضية، أم أنها علمت وسكتت، أم أنها كانت تتحرك فى السر ولكن تحركها لم يحالفه التوفيق. وفى كل الأحوال فإن الرأى العام المصرى ظل مغيبا عن الموضوع.
المشهد يثير أسئلة كثيرة أهمها السؤال التالى: هل كان يمكن إنقاذ المختطفين لو أن مصر تحركت مبكرا، ولم تكن طرفا فى الاستقطاب الحاصل فى ليبيا الملىء بالتعقيدات التى لا تعرفها الحالة المصرية؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أكان يمكن إنقاذهم أكان يمكن إنقاذهم



GMT 08:48 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

بيت من زجاج

GMT 08:46 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

إدارة ترامب والبعد الصيني – الإيراني لحرب أوكرانيا...

GMT 08:45 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب ومشروع تغيير المنطقة

GMT 08:44 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا جرى في «المدينة على الجبل»؟

GMT 08:34 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

طبيبة في عيادة «الترند»!

GMT 08:33 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

الشعوذة الصحافية

GMT 08:32 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ولاية ترمب الثانية: التحديات القادمة

GMT 08:31 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

من الرياض... التزامات السلام المشروط

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - ترامب يوافق على خطة لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله

GMT 22:43 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته
  مصر اليوم - عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته

GMT 09:44 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

جورج وأمل كلوني يحتفلان بذكرى زواجهما في أجواء رومانسية

GMT 12:02 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

نصائح وأفكار لإطلالات أنيقة ومتناسقة

GMT 20:58 2016 الجمعة ,28 تشرين الأول / أكتوبر

لجان البرلمان المصري تستعد لمناقشة أزمة سورية

GMT 23:21 2018 الأربعاء ,21 آذار/ مارس

تعرفي على خطوات للحفاظ على "لون الصبغة"

GMT 23:40 2018 الأحد ,04 آذار/ مارس

تعرف على سعر ومواصفات سكودا كودياك 2018

GMT 19:31 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الشرطة تكشف تفاصيل تجريد أستاذ جامعي من ملابسه

GMT 18:47 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

شركة فيات كرايسلر تكشف عن تراجع ديونها بمقدار النصف
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon