توقيت القاهرة المحلي 09:33:43 آخر تحديث
  مصر اليوم -

اللا معقول فى اليمن: المسلسل مستمر

  مصر اليوم -

اللا معقول فى اليمن المسلسل مستمر

فهمي هويدي


مسلسل اللامعقول الذى تشهده اليمن تتسارع حلقاته بأسرع مما نتصور، بنفس وتيرة الإثارة الصاعقة. وهو ما يجعل أبواب المستقبل مشرعة أمام ما لا يخطر على البال من تداعيات واحتمالات، وهذه قد تكون أبعد بكثير من الحرب الأهلية الدائرة فى ليبيا، والحرب الطائفية الدائرة فى العراق، وليس مستبعدا أن تقدم إلينا نموذجا ثالثا يختلط فيه الصراع الأهلى مع القتال الطائفى، الذى قد لا يبقى على شىء فى اليمن الذى نعرفه بعد ذلك.
فى السابع من شهر يناير الحالى كتبت عن اللا معقول فى اليمن، معلقا على أمرين أساسيين أولهما اجتياح الحوثيين المفاجئ لصنعاء وسيطرتهم على عشر محافظات، وثانيهما المدى الذى ذهب إليه الدور الإيرانى فى توجيه عاصفتهم التى هبت من الشمال. غير أن الأمور تطورت خلال الأيام القليلة الماضية، إذ تحولت الغارة إلى انقلاب استهدف تمكين الحوثيين من السيطرة على مفاصل الدولة اليمنية، الأمر الذى اضطر الرئيس عبدربه هادى منصور إلى الاستقالة. وتشير الدلائل إلى ان هذه ليست نهاية المطاف، إذ من الواضح أن الحوثيين لن يكتفوا بالاجتياح ولا بالتمكين الذى يؤسس لشرعية الوجود والاستمرار. ذلك أنهم بعدما وجدوا ان الطريق مفتوح أمامهم فإن ذلك لن يمنعهم من الذهاب إلى أبعد، لكى يباشروا حكم اليمن بأنفسهم أو من خلال الشخص الذى يختارونه، بدلا من أن يؤدوا ذلك الدور من وراء قناع، وتلك مسألة تحتاج إلى بعض التفصيل.
ذلك انه بعد سلسلة التنازلات والتراجعات التى قدمها الرئيس هادى عبدربه منصور خلال الأشهر الثلاثة الماضية، وبعد ان بسطوا سيطرتهم على الأرض، تذرع الحوثيون بأن الرئيس اليمنى خالف استحقاقات اتفاق السلم والشراكة، وقرروا لى ذراعه بخطوة أخرى، إذ دفعوا بقواتهم التى سيطرت على منشآت الرئاسة التى تشمل القصرين الرئاسى والجمهورى. كما طوقوا منزل الرئيس هادى وحاصروا مقر رئيس الحكومة خالد بحاح الذى استقال من منصبه أمس الأول، واختطفوا أحمد عوض بن بارك مدير مكتب الرئيس الذى كان قد رشح لرئاسة الحكومة من قبل.
بالحصار وتحت تهديد السلاح وافق الرئيس اليمنى على أغلب طلبات الحوثيين مقابل فك الحصار والانسحاب من نقاط التفتيش المستحدثة وتطبيع الأوضاع فى العاصمة. أما طلبات الحوثيين فإنها انصبت على تواجدهم فى مختلف مواقع السلطة ومراكز الحكم والإدارة. بحيث يكون منهم نائب للرئيس وهذه أرادوها على وجه السرعة، الأمر الذى أثار شكوك الرئيس، إضافة إلى نائب لكل وزير أو محافظ أو قيادى فى الجيش كما يمثلون فى كل موقع آخر للمسئولية فى البلد. (طلبوا أن يكون لهم حصة فى بعض السفارات منها سفراء اليمن فى مصر وسوريا وإيران) وإذا علمنا أن هؤلاء يمثلون مصدر القوة الرئيسى فذلك معناه ان الرجل الثانى من الحوثيين المعين فى كل موقع سيصبح الرجل الأول من الناحية العملية.
ما يثير الانتباه فى هذا الصدد ان الرئيس اليمنى الذى استقال بعد الموافقة على مطالب الحوثيين المتزايدة، كان قد أعطى انطباعا طوال الأشهر الماضية بأنه راغب بالاستمرار فى منصب الرئاسة بأى ثمن. وقد كان بوسعه ان يوقف طموحاتهم لو أنه رفض الإذعان لهم وقدم استقالته قبل تفاقم الموقف، ويبدو أن حرصه على الاستمرار ذاك هو الذى شجع الحوثيين على مواصلة ابتزازه. وفى حين بدا الرئيس «هادى» ضعيفا ومتراجعا فإن الرئيس السابق على عبدالله صالح أثبت حضورا متزايدا من خلال تحالفه مع الحوثيين. مع ذلك فنحن لا نستطيع ان نحمل ضعف الرئيس هادى وتفشى الفساد فى ظل نظامه بالمسئولية عن كل ما جرى، لأن وهن الموقف العربى وغياب أى دور فاعل لمجلس التعاون الخليجى، أسهما بذات القدر فى إضعاف موقف السلطة أمام الحوثيين، وهو ما عبر عنه البيان الهزيل الذى صدر عن مجلس التعاون الخليجى فى اجتماعه الأخير بالرياض. ولم ينافس ذلك البيان فى ضعفه سوى الدعوة التى صدرت من الخارجية المصرية واكتفت بمجرد المطالبة بوقف الأعمال العسكرية فى اليمن. وكان الغياب والفراغ بمثابة دعوة ضمنية للدور الإيرانى للتمدد واستكمال حلقات الهيمنة.
الطريق ليس ممهدا ولا مفتوحا فى اليمن كما يتصور الحوثيون وحلفاؤهم، لأن استيلاءهم على السلطة وتمددهم من شأنه ان يثير مناطق الجنوب، فضلا عن أنه يقوى ساعد تنظيم القاعدة، الذى سيعتبر البعض ان التحاقهم به هو إحدى الوسائل الفعالة للتصدى لعملية الاجتياح. وما يواجهه الحوثيون فى مأرب الآن نموذج للحرب الطائفية التى يمكن ان يفجروها. ذلك ان قبائل مأرب وكل قبائل الجنوب التى تشيع بينهم الدعوة للانفصال من شوافع أهل السنة، ولن يقبلوا بسهولة الخضوع لسلطة الحوثيين الزيود الموالين لإيران، والاخيرون يقفون الآن أمام مأرب الغنية بالنفط والغاز، ويريدون من الجيش أن يتعاون معهم فى اقتحامها. وذلك يعنى ان صراعات المستقبل فى اليمن ستكون لها طبيعة خاصة ومتميزة. إذ سيتعرض اليمن للتمزق الجغرافى والاحتراب الأهلى من ناحية، كما انه سيدخل فى طور الحرب الطائفية بين الزيود والشوافع من جهة ثانية.
إن اليمن الذى قاتلت مصر إلى جانب ثورته يوما ما، يستحق من العرب تضامنا أفضل ووقفة أشرف وأنبل. وانهيار دولته بالصورة الراهنة ليس نكبة لليمنيين فحسب، ولكنه أيضا وصمة عار فى جبين أصحاب القرار فى الأمة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اللا معقول فى اليمن المسلسل مستمر اللا معقول فى اليمن المسلسل مستمر



GMT 04:32 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

ما قال... لا ما يقال

GMT 04:30 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

وزن تأريخ الأردن في التوجيهي 4 علامات.. أيعقل هذا ؟!

GMT 04:27 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

لكنّها الطائفيّة... أليس كذلك؟

GMT 04:24 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

العلويون جزء من التنوّع الثقافي السوري

GMT 04:22 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

سوريا والصراع على الإسلام

GMT 04:19 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

عن الحيادِ والموضوعيةِ والأوطان

GMT 04:16 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

أين يُباع الأمل؟

GMT 04:11 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

الجميع مستعد للحوار

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 11:46 2024 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

مبابي أفضل لاعب فرنسي في موسم 2023-2024 ويعادل كريم بنزيما

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 09:32 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

إطلالات للمحجبات تناسب السفر

GMT 10:42 2018 الخميس ,19 إبريل / نيسان

بولندا خرقت القانون بقطع أشجار غابة بيالوفيزا

GMT 23:19 2018 السبت ,07 إبريل / نيسان

كلوب يحمل بشرى سارة بشأن محمد صلاح
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon