توقيت القاهرة المحلي 07:21:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المجاملة هنا والشغل هناك

  مصر اليوم -

المجاملة هنا والشغل هناك

بقلم فهمي هويدي

العنوان الرئيسى للصفحة الأولى فى جريدة الصباح جاء مثيرا للتساؤل والفضول. كان العنوان الذى تصدر جريدة الأهرام فى ٢٨/٣ كما يلى: تعاون مصرى صينى للنهوض بجودة التعليم، لم أتوقع أن يثمر التعاون المفترض نهوضا بجودة التعليم فى الصين، ورجحت أن يكون العكس هو المقصود. فى هذا الصدد كانت لدى معلومات عن إنجازات فى مجال التعليم فى سنغافورة وهونج كونج واليابان وكوريا الجنوبية، كما قرأت عن تفوق الطلاب الصينيين فى الرياضيات ومجالات البحث العلمى، إلا أننى لم أسمع عن نموذج تصدره الصين للنهوض بجودة التعليم فى مصر، أما نموذج التنمية الذى تقدمه فهو الذى طبقت شهرته الآفاق، حتى وصفت الصين بأنها «مصنع العالم»، رغم أن وسائل الإعلام تتحدث هذه الأيام عن تراجع نسبى فى معدلات النمو هناك.

دفعنى الفضول إلى مطالعة التفاصيل الواردة تحت العنوان، فوجدت أن محورها لقاء تم بين الرئيس عبدالفتاح السيسى وبين نائبة رئيس الوزراء للتعليم العالى والبحث العلمى ليو يان جونج، وخلال اللقاء تبادل الطرفان عبارات المودة والرغبة فى التعاون المشترك فى المجالات التعليمية والسياحية. وذكرت رئيسة الوفد الصينى أن بلادها تعتزم زيادة عدد المنح الدراسية المقدمة إلى مصر لتصبح ١٥٠٠ منحة خلال خمس سنوات، واعتبرت جريدة «الأهرام» أن زيارة نائبة رئيس الوزراء الصينى مدينة الأقصر «حملت رسالة صادقة عكست أهمية زيادة أعداد السائحين الصينيين إلى مصر»، وإضافت الجريدة أن هذه الخطوات تتم فى إطار «الشراكة الاستراتيجية» بين البلدين.

من الناحية المهنية لم أجد فى مضمون الخبر ما يرشحه لأن يتمدد على ثمانية أعمدة على الصفحة الأولى لجريدة عريقة مثل الأهرام. واعتبرت أن المبالغة فيه وإبرازه على ذلك النحو من أصداء الموقف التقليدى للجريدة .

بعد الزيارة توجهت نائبة رئيس الوزراء الصينى إلى إسرائيل وبدافع الفضول أيضا تتبعت نشاطها هناك. حينئذ وجدت أن أهم ما ذكرته التقارير الإعلامية فى هذا الصدد أنها بحثت مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عقد اتفاق للتبادل الحر بين البلدين، بمعنى إطلاقه بغير قيود بما يؤدى إلى تنشيط حركة التجارة بين البلدين (حجمها فى الوقت الراهن يعادل ٨ مليارات دولار سنويا وستتضاعف فى ظل الاتفاق الجديد علما بأن الصين تعد الشريك التجارى الثالث لإسرائيل فى تجارتها الخارجية) ــ هذا التطور اعتبره نتنياهو هاما جدا وصرح بأن بلاده مستعدة للدخول فيه على الفور، خصوصا أنه سيؤدى إلى التوسع فى التعاون التكنولوجى وإزالة الحواجز الجمركية بين البلدين. وهو ما يمثل قفزة إلى الأمام فى علاقاتهما المزدهرة منذ التسعينيات خاصة فى مجالات التعاون العسكرى، الأمر الذى يعبر عن شراكة استراتيجية حقيقية.

لم يكن هناك مفر من المقارنة بين حصيلة زيارة المسئولة الصينية والوفد المرافق لها لكل من القاهرة وتل أبيب. لم يعد هناك محل لاستدعاء صفحة العلاقات التاريخية بين مصر والصين التى فرضت على بكين يوما ما ان تتباعد عن إسرائيل وتقف فى موقع المناهض لها. فمصر انفصلت عن ماضيها وتغيرت كثيرا وكذلك الصين فى سياستها الخارجية على الأقل.

فى المقارنة وجدت أن زيارة الوفد الصينى لمصر كانت خليطا من المجاملة والسياحة وأن حصيلتها كانت بسيطة ومتواضعة. ينطبق ذلك على حكاية المنح الدراسية التى قدمت على مدى خمس سنوات، بمعدل ٣٠٠ منحة كل سنة، لأن مصر رغم ظروفها المعروفة تقدم أضعاف ذلك الرقم إلى الدول الصديقة أغلبها لطلاب الأزهر، وفى الأسبوع الماضى وحده قدمت ألف منحة دراسية بالكليات والمعاهد العسكرية بالدول الأفريقية، مع ذلك نفخت الأهرام فى موضوع الزيارة واعتبرته أهم خبر فى ذلك اليوم. وقدمته بحسبانه إحدى ثمار «الشراكة الاستراتيجية».

هذا الذى تم فى مصر لا يكاد يقارن بحصيلة زيارة الوفد لإسرائيل التى استهدفت مضاعفة حجم التبادل التجارى البالغ ٨ مليارات دولار فى الوقت الحالى والدخول فى طور التبادل الحر الذى يفتح الأبواب على مصاريعها أمام التعاون التكنولوجى.

ما أريد أن أقوله أن مصر المنهكة والمثقلة بهمومها وصراعاتها الداخلية فقدت الكثير من عافيتها وجاذبيتها، ناهيك عن سمعتها التى أصبحت محل انتقاد واسع فى المحافل الدولية. وفى النموذج الذى بين أيدينا وجدنا أن الوفد الصينى قام بزيارة مجاملة لمصر، وبزيارة عمل لإسرائيل، ومن ثم فإنهم جاءوا إلى القاهرة كسياح وذهبوا إلى إسرائيل كشركاء. وتلك معادلة لا سبيل إلى تصحيحها إلا باستعادة مصر لعافيتها السياسية والاقتصادية وقبلها استعادتها لوعيها. وهو طموح نرجو ألا يطول انتظارنا له.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المجاملة هنا والشغل هناك المجاملة هنا والشغل هناك



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 08:35 2024 الأحد ,22 أيلول / سبتمبر

دفاتر النكسة

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 05:12 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

تصريح عاجل من بلينكن بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

GMT 09:08 2018 السبت ,24 آذار/ مارس

لعبة Sea of Thieves تتوافر مجانا مع جهاز Xbox One X

GMT 08:25 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

طائرة "مناحم بيغن" تتحول لفندق ومطعم

GMT 21:48 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

بالميراس يقترب من التعاقد مع دييجو كوستا

GMT 18:37 2020 الثلاثاء ,29 كانون الأول / ديسمبر

شركات المحمول تتجه لرفع أسعار الخدمات خلال 3 شهور

GMT 08:43 2020 الأحد ,20 كانون الأول / ديسمبر

منظمة الصحة في ورطة بسبب "التقرير المفقود" بشأن "كورونا"

GMT 07:47 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

تطورات جديدة في واقعة الاغتصاب الجماعي لفتاة داخل فندق

GMT 00:41 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

عمر ربيع ياسين يكشف آخر كواليس معسكر منتخب مصر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon