توقيت القاهرة المحلي 20:55:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المقاطعة التى نسيناها

  مصر اليوم -

المقاطعة التى نسيناها

فهمي هويدي

قررت دول الاتحاد الأوروبى وضع علامات تميز منتجات المستوطنات المقامة فوق الأراضى الفلسطينية المحتلة، بحيث تعرض فى الأسواق ليس على أنها مصنعة فى إسرائيل، ولكن باعتبارها مصنعة فى المستوطنات. القرار الذى اتخذ يوم الأربعاء الماضى ١١/١٠ أثار انزعاج وغضب الحكومة الإسرائيلية. إذ خشيت أن تحذو دول أخرى حذو الاتحاد الأوروبى، فضلا عن أنها اعتبرت القرار موجها ضدها وضارا بها من الناحيتين السياسية والاقتصادية. وهو ما عبرت عنه صحيفة «يديعوت أحرنوت» (عدد ١٢/١١) التى نقلت عن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قوله إن أوروبا يجب أن تخجل من نفسها بعدما شبه القرار بالممارسات النازية. وذكرت أن الرئيس الإسرائيلى روفين ريفلين قرر إلغاء زيارته لمقر الاتحاد الأوروبى بسبب القرار. أما صحيفة «معاريف» الصادرة فى اليوم ذاته فقد أضافت أن إسرائيل علقت حوارها السياسى مع الاتحاد الأوروبى، وأشارت إلى أن العمال الفلسطينيين الذين يعملون فى مصانع المستوطنات سيتم الاستغناء عنهم فى هذه الحالة، بسبب حصار منتجاتها.

قرار الاتحاد الأوروبى صدر بعد ١٥ يوما من نشر صحيفة الجارديان (فى ٢٧/١٠) بيانا وقعه ٣٤٣ من الأكاديميين البريطانيين أعلنوا فيه قرارهم مقاطعة المؤسسات الأكاديمية الإسرائيلية لمخالفتها للقانون الدولى ودعمها للاحتلال. وذكر فى هذا الصدد أن معهد «التخنيون» فى حيفا يساعد فى تطوير التقنيات التى تستخدم فى هدم بيوت الفلسطينيين. وكانت صحيفة الجارديان أيضا قد نشرت فى ٢٠/١٠ أن ٧٠٠ فنان بريطانى يتوزعون على عالم الأدب والسينما والمسرح والموسيقى قد أعلنوا مقاطعة إسرائيل طالما استمرت فى إنكار الحقوق الفلسطينية الأساسية.

موضوع المقاطعة مثير للقلق فى إسرائيل. ليس فقط بسبب أصدائه السياسية، ولكن أيضا بسبب تداعياته الاقتصادية. وكانت القناة الإسرائيلية الثانية قد بثت فى ٨/١١ تقريرا ذكر أن الصادرات الإسرائيلية إلى الاتحاد الأوروبى تراجعت فى الأشهر التسعة الأولى من العام الحالى بنسبة ٢.٦٪ بالمقارنة بالفترة ذاتها فى العام الماضى. فقد بلغت قيمة صادرات هذا العام فى تلك الفترة ١٠ مليارات و٤٨١ مليون دولار، فى حين أنها كانت فى الفترة المماثلة من العام الماضى عشرة مليارات و٧٧٥ مليون دولار. وهو ما انعكس على العجز فى الميزان التجارى الذى بلغ هذا العام (فى الفترة ذاتها) ٤ مليارات و٨٢٥ مليون دولار. بينما كان فى الفترة المقابلة من العام الماضى أربعة مليارات و٥٠ مليون دولار.

قرار الاتحاد الأوروبى اتخاذ إجراءات مقاطعة إسرائيل صدر استنادا إلى أحكام محكمة العدل الدولية فى لاهاى عام ٢٠٠٤، التى قضت بضرورة اتخاذ موقف إزاء المستوطنات المقامة على أراضى الضفة الغربية والقدس والجولان. باعتبار أنها تخرق المادة ٤٩ من ميثاق جنيف الذى يحظر على دولة محتلة أن توطن سكانها فى المناطق التى تحتلها.

الحملة الدولية لمقاطعة إسرائيل التى دعت إليها ١٧١ منظمة فلسطينية غير حكومية فى عام ٢٠٠٥ تلقى أصداء إيجابية فى العديد من الدول الغربية ــ أوروبا وأمريكا وكندا ــ وهى أكثر نشاطا فى انجلترا، وقد انضم إليها بعض مثقفى اليهود. ونشرت جريدة الشرق الأوسط أخيرا (فى ٢٣/١٠)مقالة لاثنين منهم كان عنوانها: لهذه الأسباب اخترنا مقاطعة إسرائيل، والاثنان هما ستيفن ليفيسكى الأستاذ بجامعة هارفارد وجلين ويلى الأستاذ المساعد بجامعة شيكاغو. ومن أهم الأسباب التى ذكراها فى المقالة أن إسرائيل تعتبر أكثر الدول انتهاكا لحقوق الإنسان، وأنها تمارس سياسة التميز العنصرى ضد الفلسطينيين من خلال التوسع فى الاستيطان الذى تضاعف ٣٠ مرة فى الضفة الغربية (من ١٢ ألف مستوطن عام ١٩٨٠ إلى ٣٨٩ ألف مستوطن فى الوقت الراهن)مما ذكراه أيضا أن ما يهدد أمن إسرائيل حقا هو استمرار احتلالها للأراضى الفلسطينية. وهى الحقيقة التى سجلها ستة من القادة السابقين لجهاز الأمن الداخلى الإسرائيلى (شين بيت)إلى وثائق نشرت عام ٢٠١٢.

لا يستطيع المرء أن يخفى شعوره بالخجل حين يكون ذلك حاصلا فى المجتمعات الغربية التى لا صلة عضوية لها بالقضية. فى حين أننا لا نجد له أثرا يذكر فى عالمنا العربى الذى اعتبر فلسطين قضيته المركزية. حتى المستوطنات التى اتخذ الاتحاد الأوروبى موقفا ينطلق من عدم الاعتراف بشرعيتها، أصبحت تستقبل فى العالم العربى بيانات مكررة ومملة تستنكرها وتطالب الآخرين بتحمل مسئوليتهم إزاءها. بل إن الدول المتصالحة مع إسرائيل لم تفكر فى التعبير عن استيائها عن طريق استدعاء سفراء إسرائيل أو بسحب سفرائها «للتشاور». إلى أن صدمنا أخيرا (فى ٤/١١) بتصويت مصر ودولتين عربيتين لصالح انضمام إسرائيل إلى عضوية لجنة الاستخدامات السلمية للفضاء الخارجى التابعة للأمم المتحدة. وهى الخطوة التى تحدث لأول مرة. واعتبرتها الدوائر الإسرائيلية نقلة «تاريخية». الأمر الذى يعنى أننا تراجعنا كثيرا إلى الوراء، إذا ما عدنا نتطلع إلى مقاطعة إسرائيل، ولكننا صرنا نتمنى ألا نذهب بعيدا فى موالاتها وتدليلها.

فى الاستطلاع الذى أجراه المركز المصرى لبحوث الرأى العام (بصيرة)حول الدول المعادية لمصر احتلت إسرائيل المركز الأول (٨٨ نقطة) بزيادة ٥٠ نقطة عن الولايات المتحدة التى جاءت فى المركز الثانى. وهو ما يدعونى لطرح السؤال التالى: إذا كان ذلك رأى المجتمع المصرى. فعن أى مجتمع إذن عبر الذين صوتوا لصالح إسرائيل؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المقاطعة التى نسيناها المقاطعة التى نسيناها



GMT 15:22 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

الفشل الأكبر هو الاستبداد

GMT 15:21 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

حافظ وليس بشار

GMT 15:17 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

سلامة وسوريا... ليت قومي يعلمون

GMT 15:06 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

التسويف المبغوض... والفعل الطيِّب

GMT 15:05 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

نُسخة مَزيدة ومُنَقّحة في دمشق

GMT 15:03 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

الشهية الكولونيالية

GMT 15:01 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

البحث عن الهوية!

GMT 13:05 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

عودة ديليسبس!

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 20:31 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

التعادل السلبى يحسم مباراة تشيلسي وايفرتون

GMT 04:44 2018 الأربعاء ,19 أيلول / سبتمبر

رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان يصل إلى السعودية

GMT 11:41 2018 الثلاثاء ,17 تموز / يوليو

شيرين رضا تكشف سعادتها بنجاح "لدينا أقوال أخرى"

GMT 09:36 2018 الأحد ,01 تموز / يوليو

دراسة تنفي وجود "مهبل طبيعي" لدى النساء
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon