توقيت القاهرة المحلي 12:02:07 آخر تحديث
  مصر اليوم -

رفع الإصر عن كلام رئيس مصر 2 حلم الديمقراطية المؤجل

  مصر اليوم -

رفع الإصر عن كلام رئيس مصر 2 حلم الديمقراطية المؤجل

فهمي هويدي

هل كانت الثورة ضد توريث الابن أم أنها كانت ضد الأب ونظامه الذى ضاق الناس به؟ ليس هذا سؤالا فى التاريخ، ولكنه سؤال فى صلب الرؤية السياسية للنظام الجديد. وإذ بدا أننا تجاوزناه بعد مضى أكثر من ثلاث سنوات على الثورة، فإن الكلام الأخير للمشير السيسى مع الصحفيين يعطى الانطباع بأن السؤال يحتاج إلى حسم، وأن الإجابة التى قدمها بحاجة إلى مراجعة وتصويب.
فى النصين اللذين نشرا فى جريدتى الأهرام والشروق يوم 8 مايو انه «كان منتهى الأمل قبل ثورة 25 يناير (عام 2011) ألا يتم التوريث، وقد وردت الجملة بهذه الصيغة فى الصحيفتين، وهو ما أزعم أنه حكم ناقص الصياغة ويفتح الباب للالتباس وسوء الفهم. هو ناقص لأن إسقاط مشروع التوريث لم يكن غاية المراد، وإنما كان فى أحسن فروضه أحد الأسباب التى أججت غضب الناس وأشعرت المجتمع المصرى بالمهانة، ولا يشك احد فى ان الجميع كانوا مدركين ان قضية التوريث فرع عن اصل تتمثل فى سياسة مبارك وجماعة المنتفعين به ومنه، وفى فساد النظام واستبداده، الدليل الحاسم والمباشر على ذلك أن الثورة لم ترفع آنذاك شعار «لا للتوريث»، ولكنها ركزت على العيش والحرية والعدالة الاجتماعية، ولأن المشهد لايزال حيا فى الذاكرة فإن أحدا لا يستطيع ان يدعى بأن إسقاط التوريث كان المطلب الأساسى، بل أن إسقاط النظام كان الهدف وإقامة نظام جديد ينشر الحرية والكرامة ويحقق العدل الاجتماعى كان غاية المراد، ولأن الأمر كذلك فإننى أخشى ان تفتح العبارة التى نسبت الى السيسى فى لقائه مع رؤساء تحرير الصحف الباب للتأويل وإساءة الظن، والادعاء بأن المشكلة كانت مع الوريث وليست مع النظام، ولست أشك فى ان ذلك التأويل يمكن ان يتعزز بقرائن أخرى مشهودة فى الوقت الراهن، منها عودة بعض رجال مبارك وأبواقه إلى الظهور فى المجال العام والإعلامى منه بوجه أخص ومنها استعادة الداخلية لأساليبها القديمة فى التعذيب والقمع وتلفيق القضايا.
ليست خافية أهمية استجلاء هذه النقطة وحسم الموقف منها، ليس فقط للفكرة المبتسرة التى تعبر عنها، وليس فقط لأنها بمثابة قراءة خاطئة لأسباب وأهداف الثورة، ولكن أيضا لأن الكلام منسوب إلى رئيس قادم من حقنا ان نتساءل عن هوية نظامه ومقاصده. وما اذا كان سيقدم حلا لمشكلة التوريث أم سيقيم نظاما جديدا يستلهم أهداف الثورة ويسعى لتحقيقها.
ما سبق يمهد لنقطة اخرى مثيرة للالتباس والقلق فى كلام المشير السيسى، تتعلق بالموقف من الديمقراطية، ذلك أنه انتقد استدعاء صور موجودة فى ديمقراطيات غربية مستقرة منذ مئات السنين ومحاولة إسقاطها على واقعنا. وقال إن اقامة ديمقراطية حقيقية فى مصر تحتاج وقتا قد يمتد إلى عشرين عاما. كما أنه تحدث عن ثنائيات الديمقراطية والأمن القومى، والديمقراطية والفقر، والديمقراطية والإقصاء، وجاءت إشارته موحية باحتمال التعارض بين تلك الثنائيات، الأمر الذى يستلزم فى الوقت الراهن تقديم خوض المعارك ضد الفقر والإرهاب والدفاع عن الامن القومى، مع تأجيل الاستحقاقات الديمقراطية. وفى حديثه إلى رؤساء تحرير الصحف تطرق إلى حرية التعبير والنقد، وانتقد ما اعتبره تجريحا للمسئولين، قائلا انه «بدلا من التجريح يمكنك ان تهمس بما تريد فى اذن المسئول».
هذا الكلام بدوره يفتح الباب، واسعا للالتباس فى امر ينبغى ان يكون واضحا ومحسوما، ولعلى لا ابالغ اذا قلت إنه يشكك فى صدق الموقف من الديمقراطية، سواء فيما خص استحقاقاتها أو علاقتها بالفقر والأمن القومى والارهاب.
فى هذا الصدد فإننى لم أفهم المقصود بالديمقراطية الكاملة التى علينا ان ننتظر عشرين عاما لكى نبلغها، أولا لأنه لا يوجد شىء اسمه ديمقراطية كاملة الأوصاف، لأنها كتجربة بشرية لها فضائها ومفاسدها، والأولى اضعاف الثانية، ذلك اننا نتحدث عن مناخ للحرية يحميه القانون ولا يقيده، ونتحدث عن دولة تفصل بين السلطات وتديرها المؤسسات التى تحترم القانون والدستور، ونتحدث فى المساواة بين المواطنين وعن حقهم فى المشاركة والمساءلة وتداول السلطة. وهذه ليست اكتشافات جديدة، ولا هى أمور غريبة على مصر. ذلك ان بعضها عرفته الخبرة السياسية المصرية فى ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضى. ثم اننا ينبغى الا نفترض تعارضا بين الديمقراطية وبين الفقر أو ولأمن القومى أو مكافحة الارهاب. لأن السعى لاستكمال البنيان الديمقراطى يمكن ان يتم بالتوازى مع النضال على الجبهات الأخرى، ناهيك عن ان الديمقراطية يمكن ان تكون عنصرا مساعدا على تحقيق الانجاز على تلك الجهات الموازية، وثمة خبرات فى ممارسات الديمقراطيات المعاصرة يمكن الإفادة منها فى هذا الصدد.
أخيرا فإننى أقف على طول الخط ضد تجريح المسئولين أو السياسيين، لكننى أتحفظ على فكرة أن يكون البديل هو الهمس فى آذانهم، واعتبر ان احترام أدب الحوار وتقاليده هو البديل الصائب، الذى يمكن ان ترعاه المؤسسات المعنية. وأذكّر بأن القرآن انتقد النبى عليه الصلاة والسلام فى اكثر من موضع، ومن ثم كرس وخلّد فكرة النقد العلنى الذى هو من علامات العافية إذا ما تم بأصوله وأدبه ــ غدا بإذن الله لنا كلام آخر فى قراءة خطاب السيسى.
"الشروق"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رفع الإصر عن كلام رئيس مصر 2 حلم الديمقراطية المؤجل رفع الإصر عن كلام رئيس مصر 2 حلم الديمقراطية المؤجل



GMT 09:30 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

ويْكَأن مجلس النواب لم يتغير قط!

GMT 08:32 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

الثلج بمعنى الدفء

GMT 08:29 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

فرنسا وسوريا... السذاجة والحذاقة

GMT 08:27 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

التكنوقراطي أحمد الشرع

GMT 08:25 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

جدل الأولويات السورية ودروس الانتقال السياسي

GMT 08:23 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

ليبيا: لا نهاية للنفق

GMT 08:21 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

الصناعة النفطية السورية

GMT 08:19 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

دمشق وعبء «المبعوثين الأمميين»

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 11:54 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

نانسي عجرم تكشف عن مفاجأة خاصة
  مصر اليوم - نانسي عجرم تكشف عن مفاجأة خاصة

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon