توقيت القاهرة المحلي 21:19:28 آخر تحديث
  مصر اليوم -

روسيا فى مستنقع الدم

  مصر اليوم -

روسيا فى مستنقع الدم

فهمي هويدي

نشر فى : السبت 3 أكتوبر 2015 - 11:00 م | آخر تحديث : السبت 3 أكتوبر 2015 - 11:00 م
إذا كانت روسيا قد أنقذت الرئيس الأسد وأمنَته فى الوقت الراهن على الأقل، فالذى لا شك فيه أنها ورطت نفسها فى المستنقع الغارق فى الدماء وفتحت الباب واسعا لاحتمالات «أفغنة» سوريا. صحيح أن النوايا الروسية ليست واضحة تماما، ومن المبكر القول بأن الرئيس الروسى أراد أن يرد للغربيين موقفهم منه فى أوكرانيا وخداعهم له فى ليبيا، أو أنه أراد أن يأخذ مكان إيران فى الدفاع عن النظام السورى، وان يقتسم المسئولية مع الإيرانيين بأمل أن يقتسم الغنيمة معهم. بذات القدر فليس واضحا ما إذا كان الروس قد قدموا لحماية الأسد الذى لا مستقبل له فى سوريا أم لحماية الطائفة العلوية الباقية، التى تتجمع الآن على الساحل تحسبا للمستقبل وتمهيدا لسيناريو الكيان العلوى الجديد إذا ما دعت الضرورة إلى ذلك.

إذا كانت تلك من بين التداعيات والاحتمالات غير الواضحة، إلا أنه من الثابت الآن أن قواعد اللعبة تغيرت فى سوريا. ذلك أن العمل العسكرى من جانب المقاومة لايزال بوسعه أن يزعج النظام ولكن فكرة إسقاطه باتت مستبعدة. وفى أحسن الفروض فإن إخراج الرئيس الأسد من المشهد لن يكون إلا فى ظل صفقة أو اتفاق سياسى، لابد أن يكون للروس نصيبهم منها وكذلك للإيرانيين، وفى الحالة الإيرانية فإن الوجود الروسى لابد أن يستدعى أسئلة حول موقف إيران وحزب الله من إسرائيل. إذ ليس سرا أن القادة الروس يحتفظون بعلاقات طيبة مع تل أبيب ولن يقبلوا من إيران أو حزب الله أى مساس بمصالحها فى الوضع المستجد. وفى هذه الحالة فإن أثر الوجود الروسى سيكون له صداه فى لبنان وفى العراق أيضا. ذلك أن أسهم إيران وحزب الله سوف تتراجع تلقائيا، لأن روسيا لم تأت لكى تصبح جزءا من ديكور السياسة فى المنطقة، أو لتلعب دورا لا يتجاوز الكفيل لشخص نظام الرئيس الأسد. ولكنها جاءت لتؤدى دورا باعتبارها قوة فاعلة متجاوزة لحدودها، وتأمين الأسد ونظامه يشكل جزءا من المهمة، أو الذريعة المعلنة لها، لكنه ليس الهدف النهائى والمهمة الأصلية. وإذا وضعنا فى الاعتبار أن نظام الأسد لا يسيطر على أكثر من ٢٠٪ من الأراضى السورية، فذلك يعنى أن الروس بصدد إقامة «منطقة خضراء» للرئيس الأسد ورجاله ونظامه، مماثلة لتلك التى أقامها الأمريكيون فى بغداد، وخصصوها لرموز النظام العراقى وأجهزته الحيوية.

ليس مستبعدا أن ترحب الأقليات بالحماية الروسية لأسباب مفهومة، وهى معذورة فى ذلك لا ريب، بعد الذى أعلن وشاع عن ممارسات داعش وأخواتها بحق غير المسلمين. كما اننا لا نستبعد أن تتقارب فصائل المقاومة من بعضها البعض لتصطف فى مواجهة العدو المشترك الذى قدم لحماية الخصم الأصلى المتمثل فى الأسد ونظامه.

ورغم أن التركيز الروسى منصب على الغارات، إلا أننا تعلمنا من تجربة الحرب فى اليمن أن الغارات لا تكفى فى حسم أى معركة، ولأنه لا بديل عن مشاركة القوات الأرضية. لذلك ليس مستبعدا أن تطلق يد الروس فى شن الغارات، وان يعتمد فى المعارك الأرضية على الجيش السورى المنهك إضافة إلى القوات الإيرانية وعناصر حزب الله والميليشات الأخرى التى قيل إنها جاءت من العراق واليمن.

لا نستبعد أيضا أن يقوى الوجود الروسى من ساعد فصائل المقاومة التى قد تجذب آخرين من خارج البلاد، بدعوى أن روسيا اصطفت إلى جانب الدولة الشيعية والنظام العلوى، فى مواجهة تطلعات القوى السنية، وليس ذلك مجرد تخمين أو افتراض لأن الدول الداعمة للمقاومة السورية تحدثت عن تعزيز مساعداتها لمواجهة التدخل الروسى المزود بالسلاح الحديث. وإذا ما تحقق ذلك فإن التصعيد العسكرى سيكون حتميا، كما ان الخسائر البشرية والضحايا من المدنيين سيتضاعف أعدادهم.

لأن روسيا لم ترسل قواتها لكى تكتفى بمهمة كفالة حماية نظام الأسد، فليس مستبعدا أن تقوم بدور إيجابى فى الأزمة اليمنية، ومعروف أن موسكو كانت طرفا داعما لدولة الجنوب إبان الحقبة السوفييتية. كما ان وفدا يمثل الرئيس السابق على عبدالله صالح زار موسكو قبل عدة أسابيع، من ثم فعلاقة الشراكة التى نسجت بين طهران وموسكو لحماية نظام الأسد مرشحة لأن تسهم بدور فعال فى التعاطى مع الملف اليمنى الذى تتولى فيه طهران مساندة الحوثيين.

لئن بدا أن التدخل الروسى قلب الطاولة فى المنطقة كما يقال، فذلك تقرير مشهد البدايات، أما المآلات والنهايات فإنها تظل مفتوحة على جميع الاحتمالات، وذلك شأن الحروب دائما، قد يتم التحكم فى رصاصاتها الأولى لكن مصير الرصاصات الأخيرة لا يمكن ضمانه، حيث يظل دائما فى علم الغيب. وقد يسفر عما لم يخطر على البال فى البدايات.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

روسيا فى مستنقع الدم روسيا فى مستنقع الدم



GMT 08:48 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

بيت من زجاج

GMT 08:46 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

إدارة ترامب والبعد الصيني – الإيراني لحرب أوكرانيا...

GMT 08:45 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب ومشروع تغيير المنطقة

GMT 08:44 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا جرى في «المدينة على الجبل»؟

GMT 08:34 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

طبيبة في عيادة «الترند»!

GMT 08:33 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

الشعوذة الصحافية

GMT 08:32 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ولاية ترمب الثانية: التحديات القادمة

GMT 08:31 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

من الرياض... التزامات السلام المشروط

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:04 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية
  مصر اليوم - حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية

GMT 11:43 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تامر حسني يدعو لتبني طفل عبقري

GMT 14:33 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة رانيا العبدالله تستمتع بوقتها مع حفيدتها

GMT 07:55 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتقاضى 634 ألف دولار يومياً مع النصر السعودي

GMT 09:37 2024 الخميس ,10 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار السيارات الكهربائية في طريقها لتراجع كبير

GMT 01:56 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

التعليم.. والسيارة ربع النقل!

GMT 05:08 2024 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

مرشح رئاسي معتدل ينتقد سياسة الحجاب في إيران

GMT 05:33 2021 الأحد ,26 كانون الأول / ديسمبر

جالطة سراي يخطر الزمالك بتفعيل بند شراء مصطفى محمد

GMT 03:52 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تدريس الرياضيات يحسّن من مستوى الطلبة؟
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon