توقيت القاهرة المحلي 22:47:21 آخر تحديث
  مصر اليوم -

شيخ الأزهر فى ميانمار؟

  مصر اليوم -

شيخ الأزهر فى ميانمار

فهمي هويدي


حين يحتفى المسلمون باستقبال شهر رمضان اليوم، فإن مسلمى الروهينجا مستثنون من ذلك، بوجه أخص جموعهم العالقة فى البحر منذ عدة أسابيع، التى هربت من جحيم الاضطهاد ومازالت تبحث عن ملاذ يأويهم. أتحدث عن الألفى شخص الذين تعلقوا بأمل النجاة وتكدسوا فى القوارب التى لم تجد شاطئا يرحب بها. وكانت النتيجة انهم بقوا فى عرض البحر يعانون من الجوع والأمراض، ويحوم حولهم شبح الموت طول الوقت.
تقول بيانات الأمم المتحدة ان ٤٥٠٠ مهاجر من مسلمى ميانمار (بورما سابقا) الهاربين من اضطهاد البوذيين المتعصبين وجحيم الحكم العسكرى وصلوا إلى شواطئ الدول الثلاث المجاورة، تايلاند وماليزيا واندونيسيا. وقد ضاقت بهم تلك البلدان، حتى أصبحت تطارد قواربهم. وذهبت سلطات تايلاند ذات الأغلبية البوذية إلى أبعد، حين قاومتهم بالسلاح وألقت بأعداد منهم فى عرض البحر، فى حين تحدثت الصحف عن العثور على قبور جماعية لمئات منهم على شواطئ البلاد.
فى الأخبار ان الرئيس باراك أوباما تحدث عن أن ميانمار مطالبة بإنهاء التميز ضد مسلمى الروهينجا إذا اختارت أن تنتقل حقا من الحكم العسكرى إلى الديمقراطى. وان آن ريتشارد مساعدة وزير الخارجية الأمريكية دعت إلى ضرورة اتخاذ خطوات عملية لإنهاء حملة التمييز والاضطهاد التى دفعت أولئك المسلمين البؤساء إلى اللجوء إلى الدول المجاورة. وبسبب الضغوط الدولية التى مورست فى هذا الصدد فإن سلطات ميانمار اضطرت إلى إعادة بعض المهجرين (نحو ٩٠٠) إلى ديارهم فى ولاية ارخين أو اركان، على الساحل الغربى من البلاد. إلا أن ذلك لم يغير من موقف السلطة التى تعتبرهم وافدين من بنجلاديش، التى آوت مائة ألف منهم. إذ ترفض الاعتراف بهم وتحرمهم من مختلف حقوق المواطنين فى الهوية والتعليم والتوظف والانتقال وغير ذلك.
خلفيات مأساة مسلمى الروهينجا الذين يتجاوز عددهم مليون شخص، تناولتها وسائل الإعلام العربية من جوانب عدة، سواء ما تعلق منها بجذورهم التاريخية فى ولايتهم، أو معاناتهم فى ظل الحكم العسكرى، أو مظاهر اضطهادهم المختلفة من حرمانهم من حقوقهم إلى إحراق بيوتهم وزراعاتهم وتعريضهم للمذابح على أيدى المتعصبين البوذيين الذين تتسامح معهم السلطة. وباستثناء زيارة قام بها وفد يمثل منظمة التعاون الإسلامى فى جدة، وبيانين صدرا عن شيخ الأزهر فى مصر، فإننا لم نلمس جهدا يمثل ضغطا حقيقيا يسعى إلى وقت اضطهادهم وإنصافهم، ويستحى المرء ان يذكر انه ما من زعيم لدولة إسلامية تحدث عن محنتهم ورفع صوته مطالبا بإغاثتهم أو وقف اضطهادهم. استثنى من ذلك السيد رجب طيب أردوغان الذى زار ميانمار لهذا الغرض حين كان رئيسا للوزراء. ونقلت الوكالات انه أجرى اتصالا وهو رئيس للجمهورية مع رئيس الوزراء الماليزى فى منتصف شهر مايو الماضى للتشاور معه فى كيفية إيصال المساعدات لمسلمى الروهينجا.
فى هذا الصدد لا مفر من الاعتراف بأن المنظمات الإسلامية والمراجع الدينية فى العالم الإسلامى لم تقدم على تحرك فعال يمكن ان يشكل ضغطا حقيقيا لوقف اضطهاد المسلمين هناك، حيث اكتفى هؤلاء بالشجب والتنديد ومطالبة المجتمع الدولى بتحمل مسئولياته إزاء رفع المظلومية عنهم. صحيح أن ذلك أضعف الإيمان، وهو مقبول إذا لم يكن بوسع تلك المنظمات والمراجع ان تفعل أكثر من ذلك. ولكن لدينا من الشواهد والقرائن ما يدل على ان هامش التحرك الايجابى يحتمل جهودا أخرى تتجاوز حدود التعبير عن الاستياء والاستنكار.
لقد زار شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب إيطاليا وإنجلترا خلال شهر يونيو الحالى. والتقى فى إيطاليا بأعضاء جمعية سانت اجيديو المعنية بالحوار، كما التقى فى إنجلترا ولى العهد الأمير تشارلز وعددا من أعضاء مجلسى اللوردات والعموم. ولست أشك فى أن مثل هذه اللقاءات لها فائدتها على صعيد مد جسور الحوار والفهم والتفاهم المتبادلين. لكننى حين تابعت ما نشر عن تلك اللقاءات قلت ان زيارة الإمام الأكبر كان يمكن ان نكون أجدى وانفع لو انها كانت لميانمار، لأن رمزيته يمكن ان تمثل ضغطا حقيقيا قد يخفف من معاناة المسلمين هناك. وإذا جاز لى ان استخدم مصطلحات الأصوليين فلعلى أزعم ان زيارته لمسلمى الروهينجا تعد فريضة واجبة الأداء الآن، فى الظروف التى يمرون بها، فى حين أن زيارته لإيطاليا وإنجلترا تعد نافلة يمكن أداؤها فى أى وقت، وهى مفيدة إذا تمت ولا ضرر منها إذا تأجلت.
ثمة كلام كثير يمكن ان يقال عن مسئولية المنظمات والمجامع الإسلامية، حث أزعم أن بوسعها أن تؤدى الكثير الذى قصرت فيه. ولا مفر من الاعتراف فى هذا الصدد بأنها أصبحت تعبر عن سياسات الدول التى تمولها أو تستضيفها بأكثر مما تعنى بهموم المسلمين وأشواقهم. فهى أممية فى عناوينها لكنها مؤممة لصالح الأنظمة الراعية لأنشطتها.
ثمة سؤال ألح على منذ شرعت فى كتابة السطر الأول فى هذا النص هو: لو أن الذين تعرضوا لتلك المعاناة كانوا من اليهود مثلا، هل كان يمكن ان تعفى حكومة ميانمار من التوبيخ والعقاب، وهل كان يمكن أن تسكت المنظمات الدولية والحقوقية على الاضطهاد الذى مارسته أو سكتت عليه؟.. سأكتفى بالسؤال وأترك لك الإجابة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شيخ الأزهر فى ميانمار شيخ الأزهر فى ميانمار



GMT 08:48 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

بيت من زجاج

GMT 08:46 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

إدارة ترامب والبعد الصيني – الإيراني لحرب أوكرانيا...

GMT 08:45 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب ومشروع تغيير المنطقة

GMT 08:44 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا جرى في «المدينة على الجبل»؟

GMT 08:34 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

طبيبة في عيادة «الترند»!

GMT 08:33 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

الشعوذة الصحافية

GMT 08:32 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ولاية ترمب الثانية: التحديات القادمة

GMT 08:31 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

من الرياض... التزامات السلام المشروط

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:43 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته
  مصر اليوم - عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته

GMT 11:43 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تامر حسني يدعو لتبني طفل عبقري

GMT 14:33 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة رانيا العبدالله تستمتع بوقتها مع حفيدتها

GMT 07:55 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتقاضى 634 ألف دولار يومياً مع النصر السعودي

GMT 09:37 2024 الخميس ,10 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار السيارات الكهربائية في طريقها لتراجع كبير

GMT 01:56 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

التعليم.. والسيارة ربع النقل!

GMT 05:08 2024 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

مرشح رئاسي معتدل ينتقد سياسة الحجاب في إيران

GMT 05:33 2021 الأحد ,26 كانون الأول / ديسمبر

جالطة سراي يخطر الزمالك بتفعيل بند شراء مصطفى محمد

GMT 03:52 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تدريس الرياضيات يحسّن من مستوى الطلبة؟
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon