توقيت القاهرة المحلي 20:55:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عارنا فى الأقصى

  مصر اليوم -

عارنا فى الأقصى

فهمي هويدي

عارنا سجلته الصور وعممته وكالات الأنباء ومواقع التواصل الاجتماعى على الكرة الأرضية هذا الأسبوع. إذ رأينا الدمار الذى أحدثته غارات المستوطنين داخل المسجد الأقصى منذ يوم الأحد الأسود ١٣/٩، كما شاهدنا صور المرابطين والمرابطات الشجعان من أبناء وبنات فلسطين ٤٨ وهم يتهيأون لصد الغارات، حيث افترشوا الأرض واحتفظ كل واحد منهم إلى جانبه بكومة من الحجارة ليذود عن حرمه الأقصى وكرامته، فى مواجهة المهووسين المحروسين بالشرطة الإسرائيلية المدججة بالسلاح وبرعاية حكومة الدولة العبرية. نيابة عنا جميعا، عن المليار مسلم، اختار أولئك الرجال والنساء أن يرابطوا داخل المسجد وان يحموه بمناكبهم وأجسامهم. حدث ذلك فى حين وقفت العواصم العربية متفرجة، واكتفى بعضها بإصدار بيانات الاستنكار ونداءات الاستغاثة، التى غدت إشهارا للإفلاس وتعبيرا عن العجز عن الفعل.

قديمة قصة استهداف الأقصى ومحاولة الانقضاض عليه وانتهاك حرمته تذرعا بأسطورة إعادة بناء هيكل سليمان مكانه أو فى باحته، لكنها تجددت هذا الأسبوع بدرجة عالية من الجرأة والوحشية فى مناسبة بدء السنة العبرية الجديدة. إذ دعت المنظمات اليهودية المتطرفة التى تطلق على نفسها «منظمات الهيكل» أنصارها للمجىء إلى ما أسمته «جبل الهيكل» أى باحات الأقصى صباح الأحد ١٣/٩ للاحتفال بالمناسبة. وهى الذريعة التى أدرك الفلسطينيون أنها تمهيد للتقسيم الزمانى للأقصى (قالها علنا وزير الأمن الداخلى جلعاد أردان) بمعنى تخصيص أوقات معينة لليهود لكى يؤدوا طقوسهم وصلواتهم الدينية فى باحته. لكى يطور ذلك فى المستقبل ويتم تقسيم المكان بين الطرفين، على غرار ما سبق حين اتبع الأسلوب ذاته فى تقسيم الحرم الإبراهيمى بالخليل بين اليهود والمسلمين.

لمواجهة مخطط الغارة تنادى المسلمون يوم السبت واحتشدوا حول الأقصى وتحصنت أعداد منهم بداخله من مجموعات المرابطين الذين قرروا ان يتصدوا للغزاة. وكانت عناصر الشرطة الإسرائيلية وحرس الحدود والشاباك (المخابرات) قد توزعت على بوابات المسجد بعد منتصف الليل، ومنعت المصلين دون الخمسين من الدخول لصلاة الفجر. كما احتجزت بطاقات آخرين سمحت لهم بالدخول وأمرتهم بمغادرة المسجد بعد انتهاء الصلاة. وفى الساعة السابعة صباحا بدأت مجموعات اليهود فى الدخول إلى باحات المسجد بزعم أنها «سياحة أجنبية»، وكانت الشرطة الإسرائيلية قد قامت بطرد الحرس الأردنى الموجود بالمكان لأول مرة، رغم أن إسرائىل منذ وقعت معاهدة سلام مع الأردن عام ١٩٩٤ تعترف بإشراف الممكلة على المقدسات الإسلامية فى القدس، حدث ما كان متوقعا. إذ اشتبك المرابطون فى الداخل مع جموع المقتحمين. الأولون لا يملكون سوى الأحجار التى جمعوها، فى حين أن الآخرين مسلحون بالهراوات والرصاص المطاطى وقنابل الغاز السام المسيل للدموع، إلى جانب قنابل الصوت.

تحولت باحة المسجد القبلى بالأقصى إلى ساحة قتال، لم تهدأ وتيرته إلا فى الساعة الحادية عشرة صباحا، وهو الموعد الذى حدده الإسرائيليون للانصراف، إذ أرادوا أن يكون لهم الحق فى أداء طقوسهم اليومية ما بين السابعة والحادية عشرة كل يوم. فى المعركة سقط ١١٠ فلسطينيين جرحى، وتم إحراق أو إتلاف ٣٢ نافذة للمسجد، كما دمر أحد أبوابه، واحترق السجاد فى ١٢ موقعا. ونقل عن رضوان عمران رئيس قسم المخطوطات والتراث بالأقصى أن الدمار الذى حدث لا يمكن إصلاحه وإعادة المسجد إلى حالته الطبيعية قبل مضى ثلاث سنوات.

منذ ذلك الوقت وطوال الأسبوع استمرت الاقتحامات والاشتباكات، بالمقابل يتولى المرابطون والمرابطات مراقبة مداخل الأقصى، وحين يشتبهون فى الداخلين فإنهم يرفعون أصواتهم بالنداء «الله أكبر»، ومن ثم يتجمعون لقطع الطريق عليهم والاشتباك معهم لمنعهم من ممارسة الطقوس داخل المسجد، وفى تقرير نشرته صحيفة «الحياة» اللندنية ذكرت إحدى المرابطات، اسمها سناء الرجبى، «نحن قلقون على الأقصى لأن إسرائيل ترغب فى افراغه مثلما ترغب فى افراغ مدينة القدس من المسلمين، وإذا كنا لا نذهب للصلاة عند حائط المبكى، فلِمَ يجب أن يصلوا هم فى الأقصى؟».

فى حين تتسارع خطى تهويد مدينة القدس، فإن ما حدث يوم الأحد الماضى وتكرر بعد ذلك يعد أولى خطوات تهويد المسجد الأقصى، بتقسيمه بين المسلمين واليهود. وقد ذكرت وسائل الإعلام أن اعتداءات اليهود تشكل أكبر عملية تخريب للأقصى منذ عام ١٩٦٩، الذى جرت فيه محاولة إحراق المسجد، وهو ما أثار غضب العالم العربى والإسلامى آنذاك وأدى إلى عقد القمة الإسلامية، التى أنشأت ما يعرف حاليا بمنظمة التعاون الإسلامى.

لقد أرادت إسرائيل فى مناسبة رأس السنة العبرية أن تعلن على الملأ ليس فقط سيادتها على القدس، وإنما أيضا التأكيد على ان مفاتيح المسجد الأقصى بأيديها، وانها هى التى تقرر وتنظم حق العبادة فيه. من ثم فما جرى ليس مغامرة لمجموعة من المتطرفين الصهاينة، وإنما هو إحدى حلقات التهويد والهيمنة التى تستثمر أجواء الانكفاء والانبطاح المخيمة على الفضاء العربى. وهو ما أصابنا بإحباط يدفعنا إلى المراهنة على المرابطين والمرابطات الذين يحرسون الأقصى ويدافعون عه بمناكبهم وبقطع الحجارة، بأكثر من المراهنة على النظام العربى الذى أصبح لافتة بلا معنى أو مضمون.

حتى الآن سمعنا كلاما من بعض العواصم العربية ولم نر فعلا، فى تأكيد لفكرة «الظاهرة الصوتية» التى أصبحت إحدى عاهات عالمنا العربى. وقد قرأنا أن السيد محمود عباس قال إن تهويد الأقصى «لن يمر»، ولم يقل لنا كيف؟ ــ والسؤال مطروح على كل الزعماء العرب، خصوصا الذين يمثلون دولا لها علاقة بإسرائيل، حيث لم يعد مقبولا منهم أن يكتفوا بالشجب والاستنكار، ولديهم فرصة أوسع بكثير للتعبير عن غضبهم وغيرتهم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عارنا فى الأقصى عارنا فى الأقصى



GMT 15:22 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

الفشل الأكبر هو الاستبداد

GMT 15:21 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

حافظ وليس بشار

GMT 15:17 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

سلامة وسوريا... ليت قومي يعلمون

GMT 15:06 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

التسويف المبغوض... والفعل الطيِّب

GMT 15:05 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

نُسخة مَزيدة ومُنَقّحة في دمشق

GMT 15:03 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

الشهية الكولونيالية

GMT 15:01 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

البحث عن الهوية!

GMT 13:05 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

عودة ديليسبس!

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 20:31 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

التعادل السلبى يحسم مباراة تشيلسي وايفرتون

GMT 04:44 2018 الأربعاء ,19 أيلول / سبتمبر

رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان يصل إلى السعودية

GMT 11:41 2018 الثلاثاء ,17 تموز / يوليو

شيرين رضا تكشف سعادتها بنجاح "لدينا أقوال أخرى"

GMT 09:36 2018 الأحد ,01 تموز / يوليو

دراسة تنفي وجود "مهبل طبيعي" لدى النساء
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon