توقيت القاهرة المحلي 07:29:36 آخر تحديث
  مصر اليوم -

على من يحل الدور؟

  مصر اليوم -

على من يحل الدور

بقلم فهمي هويدي

خبر نهاية الأسبوع أن الحرب الأهلية الدائرة على أرض مصر دخلت فى طور جديد. إذ أعلنت وكالة الأنباء الرسمية يوم الخميس ٣/١٧ أنه تقرر منع أربعة من أبرز الحقوقيين من التصرف فى أموالهم وممتلكاتهم. بعدما قررت السلطة إعادة فتح ملف قضية المساعدات الأجنبية التى أثيرت منذ خمس سنوات، لملاحقة منظمات المجتمع المدنى التى تسبب لها صداعا مستمرا وإزعاجا مزمنا، الأربعة الذين شملهم القرار هم الأساتذة نجاد البرعى رئيس المجموعة المتحدة وجمال عيد مدير الشبكة العربية لحقوق الإنسان، وعايدة سيف الدولة خبيرة مركز النديم لتأهيل ضحايا التعذيب، وحسام بهجت أحد مؤسسى موقع «صدى مصر». وليس معلوما ما إذا كانت تلك المجموعة تمثل «الوجبة الأولى» من النشطاء المستهدفين وستتبعها وجبات أخرى، أم إنه سيكتفى بهذه «العينة» لتوجيه رسالة التهديد والوعيد لنظرائهم. لكن الثابت أن جهود التحرش بأمثال هؤلاء النشطاء برزت خلال الأشهر الأخيرة، سواء من خلال المنع من السفر «ما حدث مع جمال عيد وحسام بهجت وعمر حاذق» أو بمداهمة مقرات المنظمات والمواقع «راديو حريتنا ــ مؤسسة صدى ــ تاون هاوس ــ الأمة نيوز» أو بتلفيق القضايا «نجاد البرعى، وجهت إليه ستة اتهامات بسبب دعوته لوضع تشريع يمنع التعذيب.


أيضا ليس معروفا السبب وراء تحريك القضية الآن..رغم أن ملف قضية التمويل الأجنبى مفتوح منذ عام ٢٠١١. كما أنه ليس معلوما الطرف الذى استدعى الملف هذه الأيام لأن النشطاء يتحدثون عن تعدد الاجهزة السيادية والتنافس أو الصراع بينها وبذات القدر ليس واضحا ما إذا كان فتح تلك الجبهة له علاقة بقرار البرلمان الأوروبى «فى ٣/١٠» الذى أدان سجل مصر فى مجال حقوق الإنسان ودعا إلى مقاطعتها، لكن التزامن بين الحدثين يثير السؤال.


رغم تعدد الأسئلة التى يثيرها الموضوع، إلا أن هناك أمرين ثابتين هما:


* إن القضية الحقيقية ليست فى الشكوك التى يثيرها التمويل الأجنبى، لأن فى مصر عدة مؤسسات بحثية ومنابر إعلامية يعرف الجميع أنها تعتمد بالكامل على التمويل الأجنبى، ولكن أنشطتها مرضى عليها ومشمولة بالتشجيع والرعاية لأنها تؤدى دورا فى خدمة النظام. إنما القضية والمشكلة تكمن فى طبيعة الأنشطة التى تمارسها المنظمات الحقوقية، المستقلة خصوصا فى مجال توثيق الانتهاكات أو الدفاع عن الحريات العامة ومناهضة التعذيب. بما يعنى أنها تكشف ما يراد إخفاؤه وتفضح ما يراد ستره.


* إن المستهدف ليس المنظمات الحقوقية وحدها، ولكنه حراك المجتمع المدنى الذى يراد إخضاعه لسيطرة النظام وتأميم أنشطته بحيث لا تتجاوز الحدود المرسومة من قبل أجهزة التوجيه المعنوى. وذلك هو التفسير الوحيد لاحتجاز باحث حر مثل إسماعيل الإسكندرانى وتوجيه الاتهام لباحث آخر هو حسام بهجت الذى منع من السفر وشمله القرار الأخير بمنع التصرف فى الأموال والممتلكات، وبعد هندسة مجلس النواب وإخراجه بالعَوَار الذى نلمسه. فإن سياسة استمرار الاحتواء والترويض اقتضت تقليم أظاهر المجتمع المدنى لإلحاقه بالسلطة. وتوجيه مثل هذه الضربات يحقق الهدف المطلوب.


إننا إذا حاولنا أن نستعرض الجبهات التى تحارب عليها الأجهزة الأمنية فى الوقت الراهن سنلاحظ أنه إلى جانب المعركة ضد الإرهاب التى لاتزال لها ذيولها فى سيناء فإنها مدت أذرعها نحو السياسيين الذين شكلوا تجمعا بدعوى الدفاع عن الشرعية ثم انتقلت إلى تصفية الذين تصدوا للدفاع عن استقلال القضاء وفضحوا تزوير الانتخابات. ودخلت بعد ذلك فى مواجهة مع ثوار ٢٥ يناير وحركة ٦ أبريل ونقابة الأطباء والمحامين واتحاد طلاب الجامعات وحملة الماجستير والدكتوراه والرافضين لقانون الخدمة المدنية. وذلك غير إضرابات العمال فى أكثر من موقع، وحملات وقف الاختفاء القسرى وحظر التعذيب ومنع المحاكمات العسكرية وإنقاذ ضحايا سجن العقرب.... إلخ.


اتساع الجبهات على هذا النحو وإعادة إحياء قضية منظمات المجتمع المدنى بعد خمس سنوات من فتح ملفها. لا يعنى سوى استمرار أجواء التوتر وإشغال السلطة والأجهزة الإعلامية والرأى العام بتفاصيل تلك الحروب، وأثر ذلك لا ينكر على استقرار المجتمع وأمنه. كما أن صداه السلبى فى الخارج له انعكاساته الطبيعية على حركة السياحة وانكماش الاستثمار الأجنبى، فى الوقت ذاته فإن المرء لا يستطيع أن يخفى دهشته إزاء مفارقة استمرار التصعيد فى مواجهة حركة المجتمع فى الداخل، بالتوازى مع مؤشرات التهدئة والدفء الذى يلوح فى علاقات مصر مع اسرائىل، العدو الاستراتيجى للأمة والتهديد الأكبر للأمن القومى المصرى.


أما الأكثر مثارا للدهشة فإن جبهات الحروب الداخلية التى تتسع حينا بعد حين محورها حماية النظام وليس الدولة، بمعنى أنها لا علاقة لها بمعركة التقدم والتنمية. وإزاء استمرار تلك السياسة واتجاه مؤشراتها إلى التصعيد فلم يعد السؤال هو متى تنتهى تلك المعارك، ولكنه أصبح على من يحل الدور فى الاستهداف؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

على من يحل الدور على من يحل الدور



GMT 12:48 2016 الأحد ,11 كانون الأول / ديسمبر

بشرى للاعبين المحليين

GMT 14:24 2016 الجمعة ,09 كانون الأول / ديسمبر

هل الكتابة خدعة؟

GMT 14:23 2016 الأربعاء ,07 كانون الأول / ديسمبر

أحرجتنا ماليزيا

GMT 11:38 2016 الثلاثاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

الإصلاح السياسى مقدم على الإصلاح الدينى

GMT 12:04 2016 الخميس ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

التغريبة الثالثة

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 05:12 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

تصريح عاجل من بلينكن بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

GMT 09:08 2018 السبت ,24 آذار/ مارس

لعبة Sea of Thieves تتوافر مجانا مع جهاز Xbox One X

GMT 08:25 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

طائرة "مناحم بيغن" تتحول لفندق ومطعم

GMT 21:48 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

بالميراس يقترب من التعاقد مع دييجو كوستا

GMT 18:37 2020 الثلاثاء ,29 كانون الأول / ديسمبر

شركات المحمول تتجه لرفع أسعار الخدمات خلال 3 شهور

GMT 08:43 2020 الأحد ,20 كانون الأول / ديسمبر

منظمة الصحة في ورطة بسبب "التقرير المفقود" بشأن "كورونا"

GMT 07:47 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

تطورات جديدة في واقعة الاغتصاب الجماعي لفتاة داخل فندق

GMT 00:41 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

عمر ربيع ياسين يكشف آخر كواليس معسكر منتخب مصر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon