توقيت القاهرة المحلي 17:43:10 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عن إزالة آثار الظلم

  مصر اليوم -

عن إزالة آثار الظلم

فهمي هويدي

شىء مهم أن يقال مسئول أسيئ اختياره، لكن ذلك ليس كافيا، لأن إزالة آثار عدوانه على الموقع الذى شغله تكتسب ذات القدر من الأهمية. أتحدث عن الظلم الذى أشاعه وزير العدل الذى لم تكن تصريحاته الصارمة أسوأ ما صدر عنه. لأن الأسوأ كان إسهامه الكبير فى تشويه سمعة القضاء الذى عرفناه شامخا يوما ما. ثم فقد المصطلح فى عهده رنينه وهيبته، وأصبح يساق للتنذر والسخرية. لا أحمله وحده المسئولية عن انهيار سمعة القضاء فى داخل مصر وخارجها. وتلك قصة طويلة ومحزنة، لكننى لا أستطيع أن أغفل «إسهامه الكبير» فى ذلك.

يحسب على الرجل أنه شق الصف القضائى بحيث استخرج منه أسوأ ما فيه، وشغل نفسه طول الوقت باستخدام المرفق فى المزايدة على قمع الأجهزة الأمنية، وتصفية الحسابات العامة والخاصة. فاستهدف القضاة الذين دافعوا عن استقلال القضاء ووقفوا ضد تزوير الانتخابات، وأقرانهم الذين دافعوا عن الدستور والقانون ووحدة الصف الوطنى. بل إنه استهدف أيضا زملاءه الذين نافسوه هو وجماعته فى انتخابات نادى القضاة، هؤلاء جميعا الذين انتسبوا إلى «القضاء الشامخ» تعرضوا للتنكيل والإهانة واحدا تلو الآخر.

أحدث ضحاياه كان المستشار زكريا عبدالعزيز أحد شيوخ القضاة، الذى انتخبه زملاؤه رئيسا لنادى القضاة مرتين خلال الفترة بين عامى ٢٠٠١ و٢٠٠٥. وله سجله المشهود على الصعيدين القضائى والوطنى. إذ تمت إحالته إلى المعاش قبل أسبوع (فى ٨/٣)، ذلك إن الذين حققوا معه وحاكموه كانوا خصومه فى معارك انتخابات النقابة،وبمقتضى الحكم الذى صدر ضده أصبح محروما من الالتحاق بمهنة المحاماة، وضاعت عليه حقوقه فى صندوق القضاة، وحقه فى التأمين الصحى والقضائى.

كانت تهمة المستشار عبدالعزيز أنه شارك فى ثورة ٢٥ يناير واعتبر ذلك اشتغالا من جانبه بالسياسة بالمخالفة للقانون، كما أنه شارك فى اقتحام مقر جهاز أمن الدولة. والتهمة الثانية نفاها كل الشهود، إذ تبين ان الرجل دعى للذهاب إلى مقر الجهاز الأمنى من جانب عضو بالمجلس العسكرى لكى يهدئ من ثورة وغضب الشباب، ولا علاقة له بأى محاولة لاقتحام المبنى.

أما التهمة الأولى فهى من أغرب ما يمكن أن ينسب إلى قاضٍ وطنى فى ظروف الثورة، لأن الرجل لم يشارك فى الثورة ضمن أى فصيل سياسى ولكنه تواجد فى قلبها مدفوعا بالواجب الوطنى الذى ضمن الملايين التى خرجت آنذاك. ويذكر للقضاء المصرى أنه فى عام ١٩٢١ برأ قاضيا هو سلامة بك ميخائيل حين تم إيقافه عن العمل بسبب التهمة ذاتها، حين حضر وقتذاك حفل تكريم سعد باشا زغلول وأصحابه الذين قادوا ثورة ١٩١٩، كما أنه شارك فى مظاهرة نددت برئيس الحكومة عدلى باشا يكن، وحين برأته محكمة الاستئناف مما نسب إليه فإنها ذكرت أن مشاركاته تمت فى إطار إبداء الرأى الذى هو حق للقاضى كغيره من المتمتعين بالحقوق المدنية، وليس فيما مارسه ما يستوجب إدانته فى الظرف السياسى الاستثنائى الذى مرت به مصر آنذاك (ثورة ١٩١٩ وما بعدها).

الفكرة التى استند إليها قاضى الاسئناف رددها الدكتور عصمت سيف الدولة أحد رموز الحركة الوطنية المصرية، إذ استند فى مرافعته الشهيرة التى وصفت بأنها «دفاع عن الشعب» إلى مرسوم صدر فى فرنسا بعد تحريرها من الاحتلال الألمانى فى الحرب العالمية الثانية، قضى بمشروعية كل الأفعال، التى ارتكبت أثناء مقاومة الاحتلال الألمانى حتى إذا اعتبرت جرائم طبقا للتشريعات التى كانت سارية آنذاك.

ما حدث مع المستشار زكريا عبدالعزيز تكرر مع ٥٦ آخرين من أشرف القضاة وأكثرهم غيرة على الدستور والقانون فى قضية مريبة. إذ جرى التنكيل بهم وإهانتهم بواسطة رجال وزير العدل السابق ،وتم حبس احدهم لمجرد أنه طلب تأجيل الجلسة، كما منع آخرون من إبداء مرافعاتهم، ومنهم من جرى إخراجه بالقوة من القاعة لكى لا يكمل مرافعته. وبعد أشواط عدة ،حجزت قضيتهم للحكم يوم الاثنين المقبل ٢٣/٣. وذلك كله نقطة فى بحر العالم الذى ينبغى أن نتخلص منه يوما ما، وليس من رجاله فحسب.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن إزالة آثار الظلم عن إزالة آثار الظلم



GMT 08:48 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

بيت من زجاج

GMT 08:46 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

إدارة ترامب والبعد الصيني – الإيراني لحرب أوكرانيا...

GMT 08:45 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب ومشروع تغيير المنطقة

GMT 08:44 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا جرى في «المدينة على الجبل»؟

GMT 08:34 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

طبيبة في عيادة «الترند»!

GMT 08:33 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

الشعوذة الصحافية

GMT 08:32 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ولاية ترمب الثانية: التحديات القادمة

GMT 08:31 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

من الرياض... التزامات السلام المشروط

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:04 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية
  مصر اليوم - حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية

GMT 08:11 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

هيفاء وهبي بإطلالات متنوعة ومبدعة تخطف الأنظار

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2018 الإثنين ,16 إبريل / نيسان

المدرب الإسباني أوناي إيمري يغازل بيته القديم

GMT 01:04 2021 السبت ,25 كانون الأول / ديسمبر

جالاتا سراي التركي يفعل عقد مصطفى محمد من الزمالك

GMT 05:34 2021 السبت ,13 شباط / فبراير

تعرف على السيرة الذاتية للمصرية دينا داش

GMT 20:42 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

طريقة عمل جاتوه خطوة بخطوة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon