توقيت القاهرة المحلي 21:28:53 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عن الوطن الذى كان

  مصر اليوم -

عن الوطن الذى كان

فهمي هويدي

اللا معقول فى سوريا يزداد عبثية حينا بعد حين. إذ بعدما أصبحت موسكو الكفيل والراعى الرسمى للنظام واحتلت بذلك مقعد طهران، ولو مؤقتا، دخلت إسرائيل على الخط، إذ وجدنا رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو فى موسكو مصطحبا معه وفدا عسكريا كبيرا، واكتشفنا أن الملف السورى كان على طاولة مفاوضات الطرفين. وهو ما أفشت سره الصحافة الإسرائيلية، التى ذكرت أن الهدف من الزيارة كان مناقشة تقاسم الأدوار بين الطرفين، وتحديد هامش الحركة فى سوريا بين الإسرائيليين الذين يراقبون الجبهة السورية بأعين مفتوحة، وبين الحضور العسكرى الروسى المتزايد على الأرض. الأمر الذى بات مطلوبا بعد قرار القيادة الروسية بناء قاعدة جوية أمامية بحذاء ميناءى طرطوس واللاذقية وما يسمى بالإقليم العلوى. وحسب وصف الصحافة الإسرائيلية فإن نتنياهو أراد أن يضمن لبلاده مساحة للتحرك الحر فى سماء سوريا ولبنان «عند الحاجة» فى مناطق بعيدة عن الانتشار الروسى مثل محيط دمشق، وأراد بذلك ألا تجازف الطائرات الإسرائيلية بالاحتكاك مع الطيران الحربى الروسى، فضلا عن الإبقاء على جنوب سوريا المتاخم لإسرائيل خاليا من أية قوة خارجية.

فى التقرير الذى نشرته بهذا الخصوص جريدة الحياة اللندنية (فى ٢٦/٩) لمراسلها فى الأرض المحتلة إن إسرائيل ترى أن الوجود الروسى فى سوريا لا يستهدف القضاء على داعش، وإنما تريد موسكو بذلك ان توفر غطاء جويا للجيش السورى بمساعدة إيرانية كبيرة لصد تقدم الجبهة المشتركة للتنظيمات المعارضة للنظام نحو المنطقة العلوية المطلة على الشاطئ.

ما عاد سرا ان استمرار نظام الأسد مما يريح إسرائيل ويطمئنها، لذلك فإنها رحبت بالحضور الروسى والتنسيق الإيرانى وإن حرصت على ألا يتسرب السلاح الذى يستقدم لحماية الأسد إلى أيدى حزب الله، وإذ قبلت بما يجرى على الأرض، فإنها أرادت أن تقتسم الفضاء مع الآخرين، لكى تمارس حرية الحركة فى الأجواء السورية واللبنانية.

المعلق فى «هاآرتس» عاموس هارئيل قال إنه يتحتم على إسرائيل أن تحترم بشكل جدى حسابات الرئيس الروسى فلاديمير بوتين الساعية إلى تعزيز مكانة الرئيس الأسد، فى موازاة توطيد علاقات روسيا وإيران، ومحاولة تقريب السعودية ومصر إليها لقيادة الحرب ضد داعش.

أما الباحث فى معهد دراسات الأمن القومى أودى ديكل فقد رأى أن القوى الخارجية اقتسمت مناطق النفوذ فى سوريا (تركيا فى الشمال وتحديدا فى إقليم الأكراد ــ وإيران وحزب الله فى المحور الرئيسى فى دمشق إلى حمص والحدود مع لبنان. إضافة إلى قوى التحالف التى تحارب داعش فى الشرق). وبذلك أصبح جنوب سوريا بما فيه الجولان خارج نفوذ القوى الخارجية، من ثم تعين على إسرائيل فى رأيه أن تعمل على منع ذلك النفوذ عن أى طرف آخر، لكى تبقى على هامش تحركها العسكرى متاحا فى هذه المنطقة وفى لبنان. أضاف أودى ديكل أن قلق إسرائيل من تسلل قوة أجنبية إلى جنوب سوريا على حدود الجولان أيقظها، وهو ما دفع نتنياهو إلى زيارة موسكو للتوصل إلى تفاهمات تضمن عدم نقل الأسلحة الروسية المتطورة من نظام الأسد إلى حزب الله. ولم يستبعد الباحث أن يكون نتنياهو قد بحث مع الرئيس الروسى إمكانية التوصل من خلال القناة الروسية إلى تفاهمات مقابل محور إيران ــ الأسد ــ حزب الله فى شأن وضع قواعد جديدة للعبة، تقوم على إدراك التهديد المشترك للجميع الذى يمثله تمدد تنظيم داعش.

ما سبق يرسم خلفية التحرك الحاصل الآن فى الفضاء السورى للحيلولة دون سقوط نظام الأسد. إذ من الواضح أن التدخل الروسى القوى تم بعدما بدا أن الدعم الإيرانى ليس كافيا فى ضمان استمرار النظام، وقد دخلت إسرائيل على الخط من باب التنسيق من ناحية، ولإثبات أنها شريكة فى التصدى لخطر «داعش» الماثل فى سوريا والعراق، وله امتداداته النسبية فى عدة أقطار عربية أخرى. وإلى جانب هذه الدول فإن التحالف الدولى يواصل ضرباته ضد مواقع داعش، وفى حين يصب ذلك الجهد فى مصلحة النظام، إلا أن هناك دولا أخرى تقف فى المعسكر الرافض لنظام الأسد، تتقدمها تركيا ومعها السعودية وقطر.

على صعيد الفصائل المقاتلة على الأرض، فإن الساحة السورية تعج الفصائل التى تدافع عن النظام وتلك التى تسعى لإسقاطه. وإذا كان حزب الله اللبنانى فى مقدمة المقاتلين المؤيدين لنظام الأسد، إلا أن التقارير الصحفية تحدثت عن مجموعات أخرى من العراق وأخرى من الحوثيين فى اليمن. بالمقابل تشارك فى الفصائل المناهضة للنظام عناصر من الشيشان والأفغان والأوزبك إضافة إلى مقاتلين من مختلف أنحاء العالم العربى. وهناك فصائل أخرى سورية تقاتل النظام وتقاتل داعش فى الوقت ذاته أذكر منها «جبهة النصرة» و«جيش الإسلام» و«أحرار الشام».

ماذا يعنى دخول روسيا طرفا فى القتال الدائر على الأراضى السورية؟ غدا بإذن الله نحاول الإجابة على سؤال الساعة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن الوطن الذى كان عن الوطن الذى كان



GMT 08:48 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

بيت من زجاج

GMT 08:46 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

إدارة ترامب والبعد الصيني – الإيراني لحرب أوكرانيا...

GMT 08:45 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب ومشروع تغيير المنطقة

GMT 08:44 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا جرى في «المدينة على الجبل»؟

GMT 08:34 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

طبيبة في عيادة «الترند»!

GMT 08:33 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

الشعوذة الصحافية

GMT 08:32 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ولاية ترمب الثانية: التحديات القادمة

GMT 08:31 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

من الرياض... التزامات السلام المشروط

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:04 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية
  مصر اليوم - حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية

GMT 11:43 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تامر حسني يدعو لتبني طفل عبقري

GMT 14:33 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة رانيا العبدالله تستمتع بوقتها مع حفيدتها

GMT 07:55 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتقاضى 634 ألف دولار يومياً مع النصر السعودي

GMT 09:37 2024 الخميس ,10 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار السيارات الكهربائية في طريقها لتراجع كبير

GMT 01:56 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

التعليم.. والسيارة ربع النقل!

GMT 05:08 2024 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

مرشح رئاسي معتدل ينتقد سياسة الحجاب في إيران

GMT 05:33 2021 الأحد ,26 كانون الأول / ديسمبر

جالطة سراي يخطر الزمالك بتفعيل بند شراء مصطفى محمد

GMT 03:52 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تدريس الرياضيات يحسّن من مستوى الطلبة؟
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon