توقيت القاهرة المحلي 17:35:27 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لزوم الإخراج لا أكثر

  مصر اليوم -

لزوم الإخراج لا أكثر

فهمي هويدي

هذه شائعة من الوزن الثقيل أطلقها من لا يصدقها فى مصر، وصدقها واحتفى بها من سمع بخبرها فى العالم العربى، الإعلام المصرى كان من أطلق الشائعة وروج لها، وهو ما عبرت عنه بعض الصحف الصادرة صباح يوم الخميس الماضى ٢/٣، فذكرت جريدة «الشروق» فى عناوينها «البرلمان يسقط نائب التطبيع، التطبيع مع إسرائيل أطاح بالنائب خارج البرلمان»، وكان عنوان جريدة «الوطن» التطبيع يسقط عضوية عكاشة، وتحدثت «اليوم السابع» عن الرجل بوصفه نائب التطبيع. وذكرت «الحياة» اللندنية، فى أحد عناوينها «لقاء السفير الإسرائيلى يطيح عكاشة من البرلمان»، وقالت وكالة الصحافة الفلسطينية إن الرجل أسقطت عضويته «على خلفية استقباله للسفير الإسرائيلى».

ما لاحظته فى الصحف المصرية التى صدرت صبيحة ذلك اليوم أن الربط بين إسقاط عضوية النائب وبين لقائه مع السفير الإسرائيلى لم تشر إليه الصحف القومية الثلاث «الأهرام والأخبار والجمهورية». أغلب الظن لأن تلك الصحف التى يفترض أنها أقرب إلى سياسة الدولة المصرية تعرف «البئر وغطاها»، كما يقال. ذلك أنها مملوكة لدولة يرتبط نظامها بمعاهدة مع إسرائيل فتحت باب التطبيع معها، كما أن السفير الذى التقى النائب فى بيته يعقد لقاءات مع المسئولين وغير المسئولين فى مصر دون حرج. وغاية ما ركزت عليه الصحف القومية الثلاث أن النائب أسقطت عضويته لأنه «أخل بمقتضيات الأمن القومى المصرى»، وكانت جريدة «الجمهورية» أكثر وضوحا حين أبرزت على صفحتها الأولى عنوانا اقتبسته من كلام رئيس مجلس النواب أثناء جلسة إسقاط العضوية وذكر فيه أنه لا علاقة بفصل النائب بمقابلته للسفير الإسرائيلى، وهو التعليق الذى نشرته مختلف الصحف فى تقاريرها وإن لم تبرزه فى العناوين.

تسوغ لنا تلك الخلفية أن تقرر أن التطبيع لم يكن السبب الحقيقى لفصل النائب، وأن لقاءه بالسفير الإسرائيلى هو الذى أطاح به. شائعة وذريعة جرى اختلاقهما ولا ظل لهما من الحقيقة. من ثم فإن تعليق رئيس البرلمان كان صحيحا ودقيقا، حين نفى الربط بين لقاء السفير الإسرائيلى مع النائب، وفصل الأخير من المجلس ، كما أن السفير المذكور لم يفوت الفرصة، لأنه أصدر شريطا مصورا دافع فيه عن النائب وقال إنه التقى أخيرا عددا من الصحفيين المصريين فى «لقاءات ناجحة» كما عبر عن تفهمه «لحال الجدل التى أثارها» اجتماعه مع النائب.

إذا لم يكن اللقاء مع السفير الإسرائيلى هو ما أدى إلى فصل صاحبنا، فما هو السبب الحقيقى وراء ذلك الإجراء الذى تم بسرعة مثيرة للانتباه؟، يساعدنا التلخيص الذى نشرته جريدة الأهرام يوم الخميس لوقائع الجلسة التى وصفتها بأنها «تاريخية» على أن نقترب من الإجابة، ذلك أن الجريدة نسبت فى عناوينها إلى النواب قولهم عن الرجل إنه: خان الوطن وأساء للشعب والبرلمان وتعدى على السلطة التنفيذية وأهان رئيس الدولة وعرض الأمن القومى للخطر، وهى اتهامات كبيرة تكفى لإعدام الرجل وليس لإسقاط العضوية عنه فقط، علما بأنها لم تتضمن أية إشارة إلى التطبيع ولقائه مع السفير الإسرائيلى.

فى التقرير المنشور خلاصة لأقوال بعض النواب، كان من بينهم مصطفى بكرى، الذى قال إن الرجل خان الوطن وإنه عميل رسمى ضرب الأمن القومى فى مقتل. وأضاف أن لقاءه مع السفير الإسرائيلى ليس وحده القضية، ولكن ما قاله أثناء اللقاء أساء إلى رئيس الجمهورية. وطالب الجهات الأمنية التى سجلت اللقاء بالكشف عما ورد بتلك التسجيلات، نواب آخرون رددوا الأفكار ذاتها، وحسب الأهرام فإن النائب محمد كمال مرعى قال فى تنديده بموقف الرجل إنه أساء إلى رموز الدولة وقياداتها وإنه أطلق لشيطانه العنان غير مراعٍ لمصلحة الشعب. نائب آخر هو جمال عبدالعال قال إن صاحبنا هاجم قيادات مصر وتاريخها وما فعله جريمة...إلخ.

يصعب الاقتناع بالاتهامات الكبيرة التى نسبت إلى الرجل فضلا عن أنها أطلقت فى سياق عبارات عامة وفضفاضة. لكن الشىء المحدد فيها أنه فى لقائه مع السفير الإسرائيلى أساء إلى مقام الرئاسة وإلى شخص الرئيس. وهو أمر جدير بالاستهجان لا ريب. ولذلك استحق الحساب والعقاب بإجراء سريع وحاسم. ولإخراج المسألة فقد كان النفخ فى مسألة التطبيع هى الصيغة الأنسب لتمريرها. آية ذلك أن جريدة الأهرام ذكرت أن قرار الفصل اتخذ «فى تجاوب سريع ومفاجئ مع الشارع المصرى.

فى إشارة ضمنية إلى مشاعرالمصريين الرافضة للتطبيع سيئ السمعة فى أوساطهم.

إذا صح ذلك التحليل فإنه يسلط الضوء على مسألتين؛ الأولى أن الرجل الذى كان طول الوقت بوقا للدولة العميقة لم يمارس أى بطولة أو شجاعة، لكنه لم يفهم حدود الدور وخرج بنزقه على النص فلقى جزاءه على الفور. الثانية أن المشهد الذى وظفت فيه المشاعر الرافضة للتطبيع كذريعة لفصل النائب كان بمثابة أول استفتاء عملى على موقف المصريين من معاهدة السلام. وذلك يتم لأول مرة منذ توقيع المعاهدة فى عام ١٩٧٩. وتلك هى الفضيلة الوحيدة التى تحسب للقصة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لزوم الإخراج لا أكثر لزوم الإخراج لا أكثر



GMT 15:22 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

الفشل الأكبر هو الاستبداد

GMT 15:21 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

حافظ وليس بشار

GMT 15:17 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

سلامة وسوريا... ليت قومي يعلمون

GMT 15:06 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

التسويف المبغوض... والفعل الطيِّب

GMT 15:05 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

نُسخة مَزيدة ومُنَقّحة في دمشق

GMT 15:03 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

الشهية الكولونيالية

GMT 15:01 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

البحث عن الهوية!

GMT 13:05 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

عودة ديليسبس!

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 05:12 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

تصريح عاجل من بلينكن بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

GMT 09:08 2018 السبت ,24 آذار/ مارس

لعبة Sea of Thieves تتوافر مجانا مع جهاز Xbox One X

GMT 08:25 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

طائرة "مناحم بيغن" تتحول لفندق ومطعم

GMT 21:48 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

بالميراس يقترب من التعاقد مع دييجو كوستا

GMT 18:37 2020 الثلاثاء ,29 كانون الأول / ديسمبر

شركات المحمول تتجه لرفع أسعار الخدمات خلال 3 شهور

GMT 08:43 2020 الأحد ,20 كانون الأول / ديسمبر

منظمة الصحة في ورطة بسبب "التقرير المفقود" بشأن "كورونا"

GMT 07:47 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

تطورات جديدة في واقعة الاغتصاب الجماعي لفتاة داخل فندق

GMT 00:41 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

عمر ربيع ياسين يكشف آخر كواليس معسكر منتخب مصر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon