توقيت القاهرة المحلي 20:55:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

نتنياهو كشف المستور

  مصر اليوم -

نتنياهو كشف المستور

فهمي هويدي

أحدث المفاجآت التى أطلقها بنيامين نتنياهو كانت إعلانه أن إسرائيل تشن هجمات داخل سوريا، مستفيدة فى ذلك من التنسيق الأمنى بينها وبين الروس. المفاجأة وقعت يوم الأربعاء الماضى (٢/١٢) حين تكلم رئيس الوزراء الإسرائيلى فى مؤتمر عقد بمدينة عكا حول «الخليل والنقب». إذ تطرق إلى الموضوع بدعوى أنه لا يريد أن تتحول سوريا إلى جبهة أخرى ضد إسرائيل.

صحيفة «يديعوت أحرونوت» فصلت فى ذكر أهداف العمليات الإسرائيلية قائلة إن المراد بها إجهاض المحاولات الإيرانية لفتح جبهة «إرهاب» فى الجولان. ومنعها من نقل أسلحة متطورة من سوريا إلى حزب الله فى لبنان.

المراسل العسكرى لموقع «والاه» الإسرائيلى استشهد بكلام نتنياهو لكى يدلل على مدى التفاهم والتنسيق القائم بين الإسرائيليين والروس فى سوريا، وقال إن ذلك التفاهم أثمر حالة من الثقة المتبادلة لدرجة أن الحكومة الإسرائيلية غضت الطرف عن اختراق طائرة روسية لحدودها قبل أسبوع. وبسبب تلك الثقة فإن إسرائيل لم تتعرض للطائرة ولم تذع الخبر. إلا أن المحلل العسكرى لصحيفة «هاآرتس» عاموس هرئيل انتقد كلام نتنياهو واعتبره بمثابة إفشاء لأسرار عسكرية فى توقيت غير مناسب.

ما أثار الانتباه فيما أعلنه رئيس الوزراء الإسرائيلى أنه تخلى عن الحذر فى كلامه، ولم يبال بالحرج الذى سببه للروس وللإيرانيين، وكان واضحا أن حرصه على التباهى بإنجاز حكومته أقوى من رغبته فى مراعاة حسابات ومواقف الآخرين.

لم يكن الجديد فى كلام نتنياهو أن إسرائيل تقوم بعمليات هجومية داخل سوريا، فذلك أمر معلوم للكافة، لكن الجديد أن يتم ذلك استثمارا للتنسيق الأمنى مع الروس الموجودين على الأراضى السورية بدعوى حماية نظام الأسد. وذلك ليس جديدا فحسب ولكن له أكثر من دلالة مثيرة وخطيرة.

من ناحية لأن كلام نتنياهو كشف المسكوت عليه حين ذكر أن القوات الروسية التى جاءت لمساعدة الأسد على تفاهم مع الإسرائيليين فى عملياتهم العسكرية التى يقومون بها داخل سوريا. من ناحية ثانية، فإن الرئيس الأسد غض الطرف عن تلك العمليات، على الأقل بعد الإعلان عنها من جانب نتنياهو، فى مقابل استمرار الروس فى توفير الحماية لشخصه ولنظامه. أما الدلالة الأخطر والمفاجأة الأكبر فإن إيران المتحالفة مع الروس سكتت على استهداف الإسرائيليين لأنشطتها فى سوريا الذى يتم بالتنسيق والتفاهم مع حلفائهم الروس!

النقطة الأخيرة تشهد بعبثية المشهد واختلاط الأوراق فيه، على نحو يسبب حرجا كبيرا للموقف الإيرانى الذى بات يواجه مأزقا. فما عاد سرا أن أطرافا ثلاثة على الأقل تشارك فى الحرب الأهلية الدائرة فى سوريا، مصطفة إلى جانب نظام الأسد، وهذه الأطراف هى إيران وحزب الله وروسيا.

وحين أعلن أن ثمة تنسيقا أمنيا بين الروس والإسرائيليين فقد فهمنا أن حدود التنسيق مقصورة على تجنب الاشتباك فى الفضاء السورى بين طائرات الجانبين. وكانت خلفية التنسيق مفهومة لأن ما بين روسيا وإسرائيل من التفاهم والمودة على النقيض تماما مما بين الإيرانيين وحزب الله من ناحية وبين إسرائيل من ناحية ثانية. إلا أن كلام نتنياهو نبهنا إلى أن الأمر أبعد من ذلك بكثير، وأن التنسيق يشمل العمليات الهجومية التى تقوم بها إسرائيل فى سوريا. ونبهتنا رسالة ذات صلة بثتها وكالة الأنباء الفرنسية، إلى أنه منذ عام ٢٠١٣ شنت إسرائيل عشر غارات جوية على سوريا، استهدفت غالبيتها نقل الأسلحة إلى حزب الله الذى يقاتل إلى جوار الرئيس الأسد.

هكذا، فإنه فى حين تقوم إيران وحزب الله وروسيا بالدفاع عن الأسد، فإن الأخيرة تنسق مع إسرائيل فى عملياتها داخل سوريا التى تستهدف تأديب وإضعاف نظام الأسد وتقليم أظافر حزب الله حليف الرئيس السورى. أما كيف حدث ذلك فعلم ذلك عند الله. ولا سبيل إلى تفسيره إلا بالإحالة إلى الاتصالات السرية بين مختلف الأطراف التى تتفق على شىء واحد هو الحفاظ على بقاء واستمرار مساندة الأسد، ثم الاختلاف فى كل ما عدا ذلك، خصوصا فيما يتعلق بالأهداف التى يتوخاها كل طرف من تلك المساندة. وفى كل الأحوال فإن المشهد بهذه الصورة يثير أكثر من علامة استفهام حول استراتيجية وتحولات السياسة الإيرانية خلال السنوات الأخيرة، خاصة أن بعضها أصبح عصيا على الفهم والتفسير.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نتنياهو كشف المستور نتنياهو كشف المستور



GMT 15:22 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

الفشل الأكبر هو الاستبداد

GMT 15:21 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

حافظ وليس بشار

GMT 15:17 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

سلامة وسوريا... ليت قومي يعلمون

GMT 15:06 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

التسويف المبغوض... والفعل الطيِّب

GMT 15:05 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

نُسخة مَزيدة ومُنَقّحة في دمشق

GMT 15:03 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

الشهية الكولونيالية

GMT 15:01 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

البحث عن الهوية!

GMT 13:05 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

عودة ديليسبس!

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 20:31 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

التعادل السلبى يحسم مباراة تشيلسي وايفرتون

GMT 04:44 2018 الأربعاء ,19 أيلول / سبتمبر

رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان يصل إلى السعودية

GMT 11:41 2018 الثلاثاء ,17 تموز / يوليو

شيرين رضا تكشف سعادتها بنجاح "لدينا أقوال أخرى"

GMT 09:36 2018 الأحد ,01 تموز / يوليو

دراسة تنفي وجود "مهبل طبيعي" لدى النساء
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon