توقيت القاهرة المحلي 20:55:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هل يعلم الرئيس؟

  مصر اليوم -

هل يعلم الرئيس

فهمي هويدي

عتاب الرئيس السيسى على بعض الإعلاميين ينبغى أن يوضع فى إطاره الصحيح. ذلك أنه مجرد «لفت نظر» فيه من المصارحة التى عبر فيها الرئيس عن بعض ما فى نفسه. أتحدث عن كلمة الرئيس التى ألقاها يوم الأحد الماضى الأول من نوفمبر فى الندوة التثقيفية التى نظمتها القوات المسلحة وانتقد فيها ما ورد على لسان أحد مقدمى البرامج التليفزيونية حين ذكر أن الرئيس يجلس مع ممثلى شركة سيمنز تاركا أزمة الاسكندرية. (يقصد غرق المدينة بسبب الأمطار). وقال الرئيس إن ذلك أمرا غير لائق واعتبره من قبيل الهدم، مشيرا إلى أن بعض الإعلاميين «لا فاهمين ولا عارفين». ثم تساءل هل تعذبوننى لأننى أقف فى هذا المكان (يقصد أنه تقلد منصبه)، وختم حديثه فى هذه النقطة بقوله إنه سوف يشكو إلى الشعب.

لفت النظر الذى سجله الرئيس صدر بعبارات مهذبة. إلا أن شَدَة الأُذن فيه واضحة، والرسالة كانت بليغة. وهى تغنى عن حكاية الشكوى للشعب التى لوح بها. وبدت محيرة وغير مفهومة، على الأقل لأن «العنوان» الذى ستوجه إليه الشكوى غير معلوم.

عندى أكثر من ملاحظة على الواقعة التى أشار إليها الرئيس. الأولى أنها بسيطة للغاية ولا تكاد تذكر بمعايير النقد الموضوعى والجاد. الثانية أنها صادرة من قلب إعلام الرئيس، الأمر الذى تستبعد فى ظله مظنة الإساءة أو الرغبة فى الهدم. الأمر الثالث أن غضب الرئيس من التعليق يعبر عن إفراط فى الحساسية يبعث على القلق. لأنه من حق أى أحد فى هذه الحالة أن يقول بأن الرئيس إذا ضاق صدره بملاحظة عابرة وبسيطة صدرت عن أحد مؤيديه. فماذا يكون رد فعله على انتقادات المستقلين أو المعارضين. الأمر الرابع أن هذا الذى قيل عن الرئيس والذى لا يعد إساءة بأى حال يقال أضعافه وأسوأ منه وأخطر بكثير بحق العديد من الوطنيين المستقلين الذين أيدوه وكانوا ضمن تحالف ٣٠ يونيو، لكن جريمتهم الوحيدة أن لهم آراء أخرى فى تحقيق المصلحة الوطنية. وللأسف فإن الذين يطلقون حملات التجريح والتخوين ينتمون إلى معسكر موالاة الرئيس والدفاع عنه. فضلا عن أن هناك أجهزة رسمية تسرب التسجيلات التى تبث لتشويه هؤلاء واغتيالهم معنويا.

هذا الذى ذكرته مجرد عناوين لملاحظات تحتمل كلاما كثيرا. لكن ما أود التوقف عنده هذه المرة مناسبة الحديث عن الواقعة التى استفزت الرئيس وأثارت غضبه هو نوعية المعلومات التى تقدم إليه بخصوص الشأن العام. ذلك أننى أعرف أنه يدقق كثيرا فى التفاصيل، الأمر الذى يستغرق منه وقتا طويلا. لذلك استبعدت أن يكون قد تابع بنفسه البرنامج التليفزيونى الذى وردت فيه الملاحظة التى انتقدها. ورجحت أن تكون المعلومة قدمت إليه ضمن التقارير التى يطالعها كل صباح. وهو استنتاج دفعنى إلى التساؤل عن طبيعة المعلومات التى تورد فى سياستها مثل تلك الملاحظة التى تصورت أنها مما لا ينبغى أن يوضع أصلا فى أى تقرير معلوماتى نظرا لبساطتها ومحدوديتها.

إن الصحف القومية والمستقلة ومواقع التواصل الاجتماعى تنشر العديد من الأخبار والمعلومات التى ينبغى أن يحاط الرئيس علما بها. وهى المعلومات التى يعد إخفاؤها عن الرئيس خطأ جسيما، كما أن إحاطة الرئيس علما بها وسكوته عليها يعد أمرا مثيرا للدهشة والتساؤل. سأضرب لذلك مثلا طازجا من وحى عنوان الندوة التثقيفية التى شهدها الرئيس وتكلم فيها. فعنوان الندوة كان «أكتوبر الإرادة والتحدى»، باعتبار أن المناسبة كانت حلول الذكرى الثانية والأربعين لانتصارات أكتوبر. إذ شاءت المقادير أن يتزامن ذلك مع إصدار مركز «النديم» لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب تقريرا كان عنوانه «حصاد أكتوبر». ومما ذكره التقرير أن المشاهد التالية وقعت خلال الشهر ذاته، إذ وقعت ٩ حالات وفاة ٣ منها بسبب التعذيب و٤ بسبب الإهمال الطبى. كما حدثت ٢٧ حالة تصفية إضافة إلى ٥٨ حالة تعذيب و٤ حالات تعذيب جماعى فى وادى النطرون وسجن الأبعادية وأسيوط ومنيا القمح ــ إضافة إلى ٢٢ حالة حرمان من الرعاية الطبية و٩٢ حالة اختفاء قسرى و٤٣ حالة ظهور بعد الاختفاء القسرى ــ كذلك وقعت ١٠ حالات عنف للشرطة ضد المواطنين خارج أماكن الاحتجاز و٤ حالات تكدير جماعى.

هذه المعلومات أتصور أن يحاط الرئيس علما بها، على الأقل لكى يأمر بالتحقق من مدى صحتها. فى نفس الوقت تمنيت أن يحاط الرئيس علما بأمور أخرى حدثت فى شهر أكتوبر منها بكاء إسراء الطويل حين تجدد حبسها بعدما أمضت أكثر من خمسة أشهر فى السجن وهى مصابة بعاهة فى ساقها. منها أيضا خبر لجوء السيدة مها مكاوى إلى الإضراب عن الطعام لكى تعرف مصير زوجها المحامى أشرف شحاتة الذى اعتقل منذ ٢٢ شهرا ولا تعرف أين يوجد ولا ما هى تهمته. والحالتان بمثابة أجراس تنبه إلى أن ثمة ظلما واقعا له ضحاياه الكثيرون الذين لا يغفر لأحد السكوت على مظلوميتهم.

إن السؤال الذى لا أعرف له إجابة هو: هل أحيط الرئيس علما بمثل هذه الأخبار أيضا أم لا؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل يعلم الرئيس هل يعلم الرئيس



GMT 15:22 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

الفشل الأكبر هو الاستبداد

GMT 15:21 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

حافظ وليس بشار

GMT 15:17 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

سلامة وسوريا... ليت قومي يعلمون

GMT 15:06 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

التسويف المبغوض... والفعل الطيِّب

GMT 15:05 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

نُسخة مَزيدة ومُنَقّحة في دمشق

GMT 15:03 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

الشهية الكولونيالية

GMT 15:01 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

البحث عن الهوية!

GMT 13:05 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

عودة ديليسبس!

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 20:31 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

التعادل السلبى يحسم مباراة تشيلسي وايفرتون

GMT 04:44 2018 الأربعاء ,19 أيلول / سبتمبر

رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان يصل إلى السعودية

GMT 11:41 2018 الثلاثاء ,17 تموز / يوليو

شيرين رضا تكشف سعادتها بنجاح "لدينا أقوال أخرى"

GMT 09:36 2018 الأحد ,01 تموز / يوليو

دراسة تنفي وجود "مهبل طبيعي" لدى النساء
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon