توقيت القاهرة المحلي 16:48:39 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أصارحك يا سيادة الرئيس

  مصر اليوم -

أصارحك يا سيادة الرئيس

سليمان جودة

فى وقت من الأوقات، طلب الرئيس السادات من رئيس وزرائه سرعة إنجاز مسألة معينة، وبعدها بفترة عاد الرئيس يسأل عما كان قد طلب إنجازه، ولماذا تأخر! فقيل له إن شيئاً لم يحدث بعد، ثم همس رئيس الوزراء فى أذنه - بما معناه - إن وزير النقل فى الحكومة يعرقل إنجاز المسألة المطلوب إنجازها!

كان وزير النقل يومها اسمه على فهمى الداغستانى، وما كاد الرئيس يسمع ما سمع من رئيس حكومته، حتى انفجر قائلاً: الداغستانى؟! هو فاكر نفسه مين؟! أنا لو نزلت الآن من بيتى فسوف آتى بأول رجل أجده فى طريقى على أول ناصية، وسوف أضعه وزيراً للنقل! وسوف يكون وزيراً ناجحاً!

طافت هذه القصة الحقيقية فى ذهنى عندما كان المهندس محلب يشكل حكومته الحالية بشق الأنفس، وعندما كان يفتش عن وزراء جُدد فى كل ركن من البلد، فلا يجد، لدرجة أنه ألغى وزارة الإعلام - مثلاً - ليس لأنه كان يريد إلغاءها، ولكن لأنه لم يجد وزيراً يصلح لها، فى بلد تعداد سكانه 90 مليوناً من البشر!!.. ولابد أن لك، عندئذ، أن تتصور حجم المأساة التى صرنا إليها!

ثم تطوف القصة ذاتها فى ذهنى كثيراً، عندما أكتشف فى كل مكان أذهب إليه أن الناس مشغولون جداً بعدم قدرة الرئيس، حتى الآن، على اختيار مستشارين له فى القصر، الناس مشغولون بالحكاية، وعاجزون عن فهمها، وحائرون فى استيعاب أسبابها!

فالقصة التى رويتها عن السادات العظيم لا معنى لها، سوى أنه رجل كان قادراً على أن يختار المسؤولين من حوله، وبسرعة، وكان مؤمناً بأن كل شخص أمين فى هذا الشعب يصلح لأن يكون وزيراً أو مسؤولاً معه، وكان يعتقد بأن الأمر ليس كيمياء، كما قد نعتقد الآن، وأن البلد ملىء بالذين يستطيعون أن يكونوا مسؤولين، وأن يكونوا ناجحين بشرط أن نُتعب أنفسنا فى البحث عنهم قليلاً، لا أن نأتى بقائمة الأسماء القديمة البالية، ثم نختار منها الوجوه الكئيبة نفسها، وكأن البلد قد أصابه العُقم بكامله!

كان السادات يعرف تماماً أن بلده ملىء بالرجال من حوله، ولذلك لم يكن يواجه مشكلة فى اختيار مستشارين، ولا فى اختيار مسؤولين أو وزراء، ثم لذلك أيضاً كان مستشاروه رجالاً من ذوى القامات، وكان يستشير رجالاً من أمثال حافظ إسماعيل، أو الدكتور على السمان، أو الدكتور محمد عبداللاه، وكل واحد فيهم، كما ترى، كان قادراً على أن يقود بلداً بمفرده، لا أن يكون مستشاراً وفقط، إلى جوار الرئيس!

وبصراحة أكثر: فإن كثيرين ممن ألقاهم مصابون بخيبة أمل، وأرجو صادقاً من الرئيس أن ينتبه إلى هذا جيداً، إذ لا أصادف أحداً فى طريقى إلا يسألنى: مَنْ بالضبط الذى يشير على الرئيس إذا ما أراد اتخاذ قرار.. أى قرار؟! ولأنى لا أملك جواباً، فإن السؤال التالى يكون على النحو الآتى: هل من المعقول أن يظل الرئيس يبحث عن مستشارين لمدة 90 يوماً كاملة؟! هل البلد مُصاب بالعقم إلى هذا الحد؟!.. هل خلا البلد من الرجال والعقول إلى هذه الدرجة؟!.. هل... هل... إلى آخر الأسئلة التى لا ينقطع ترديدها فى أى محفل عام، ثم إلى أن همس أحدهم فى أذنى، قبل أيام، كأنه يخشى أن يكون هناك طرف ثالث يسمعه، فقال: أخشى أن يكون الرئيس قليل الثقة أصلاً فى المدنيين كلهم، وأن يكون هذا هو السبب «الحقيقى» وراء عزوفه حتى اليوم عن اختيار مستشارين طال انتظار الناس لهم، دون بارقة من أمل!

سيادة الرئيس، القلق لدى مصريين كثيرين إزاء هذا الموضوع تحديداً أكبر مما تتخيله، ولم أفعل أنا، فى هذه السطور، سوى أنى نقلت إليك، بأمانة تامة، ما أسمعه فى كل مكان أذهب إليه.. والأمر لك فى النهاية!.. غير أنه إذا كان لك، اليوم، فقد يصبح عليك غداً، وهو ما لا نريده بصدق.. لذا لزم التنويه!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أصارحك يا سيادة الرئيس أصارحك يا سيادة الرئيس



GMT 09:38 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

لمن يهتف المتظاهرون؟

GMT 09:36 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

من دفتر الجماعة والمحروسة

GMT 09:35 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

السلام في أوكرانيا يعيد روسيا إلى عائلة الأمم!

GMT 09:33 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

«وباء العنف الجنسي» في حرب السودان

GMT 09:32 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

أيُّ غدٍ للبنان بعد الحرب؟

GMT 09:30 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

المتحف المصري الكبير

GMT 09:29 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

اعتقال نتنياهو بين الخيال والواقع

GMT 09:28 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

أما رابعهم فهو المُدَّعي خان

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 11:01 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر تتفاوض مع شركات أجنبية بشأن صفقة غاز مسال طويلة الأجل

GMT 09:48 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

جيش الاحتلال يعلن اغتيال 5 قادة من حماس
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon