سليمان جودة
شهد الرئيس السيسى، صباح أمس، حفل تخريج دفعة جديدة من كلية الدفاع الجوى والكلية البحرية، ولابد أن الذين تابعوا الحفل قد خمنوا أن الرئيس سوف يشهد، على مدى الأيام القليلة المقبلة، حفلات تخرج أخرى من النوع نفسه، ومن كليات عسكرية متعددة، تحتفل بدفعاتها الجديدة فى هذا الموعد من كل عام.
ولو أنت لاحظت، فسوف تكتشف أن الحفلات كلها صورة واحدة تقريباً، من حيث الإجراءات المتبعة فيها، ومن حيث الذين يحضرونها من المسؤولين برفقة الرئيس، ثم من حيث الصورة العامة والثابتة التى يخرج بها الحفل، فى كل مرة، للمشاهدين، وكأنه مسجل من العام الماضى!
وقد كتبت فى هذا الأمر، قبل 25 يناير 2011، عندما لاحظت وقتها، أن الرئيس الأسبق مبارك، كان يفعل الشىء نفسه، على مدى ثلاثين عاماً.. وهو لم يكن فقط يفعل الشىء نفسه سنوياً، وإنما كان يكرر الشىء ذاته، فى الصيف الواحد، عدة مرات، من الكلية البحرية، إلى الكلية الجوية، إلى الدفاع الجوى، إلى الحربية، إلى الشرطة.. إلى.. إلى.. وبذات الترتيب فى كل عام!
ولا أعرف لماذا لم يهمس أحد إلى الرئيس، ممن كانوا يحيطون به وقتها، بأنه توفيراً لوقته، كرئيس، وكذلك جهده، ومعه وقت وجهد سائر المسؤولين الذين تتم دعوتهم، فإنه من الأليق والأجدى أن تتجمع هذه الكليات جميعاً، فى حفل واحد، يسمى حفل تخريج دفعة جديدة من الكليات العسكرية، ويحضره الرئيس ومرافقوه مرة واحدة، وينتهى الأمر، ليتفرغ هو بعدها لمسائل أخرى، وهى كثيرة، وبلا حصر؟!
وإذا كان الرئيس قد فاجأ الناس، قبل أن يفاجئ الوزراء، بأداء اليمين الدستورية لهم، فى الساعة السابعة صباحاً، فنسف بذلك ما كنا قد اعتدنا عليه طوال سنوات عدة مضت، واعتاد عليه الوزراء، فقد كنت أتمنى لو أنه نسف أيضاً حكاية الحفلات المتكررة التى سوف يكون عليه أن يحضرها، واحدة وراء أخرى، مع أنها كلها، كما رأينا ونرى صورة واحدة، ومع أن جمعها كلها أيضاً، فى حفل واحد، سوف يوفر علينا، وعلى الرئيس الكثير، من الوقت، والجهد، والإنفاق!
إننا دائماً نتوقع أن يكون كل شىء بعد 25 يناير، و30 يونيو مختلفاً كل الاختلاف عما كان قبلهما، وأن يكون الاختلاف فى المضمون قبل أن يكون فى الشكل وحده، وأن يكون الرئيس هو المبادر بالتغيير، وبإقناع الناس به، وبجدواه فى حياتنا كتغيير، قبل أن يطالب الناس به، أو حتى يفكروا فيه، وهو بالضبط ما حدث فى مشهد أداء اليمين، الذى كان شيئاً نادراً من نوعه، وكان ولايزال محل دهشة لدى كثيرين.
أتمنى لو يهمس أحد، فى أذن الرئيس، بأن وقته أغلى بكثير من أن نبدده فى حفلات هى صورة من بعضها بالكربون، وأن حفلاً واحداً، بالتالى، يكفى ويؤدى الغرض تماماً، وأن ما هو مطلوب من الرئيس لينجزه فى ظروفنا، يكاد يجعله يتمنى، لو كان اليوم 48 ساعة، لا أربعاً وعشرين!