سليمان جودة
سوف يبقى رهانى على الناخب، فى قدرته على أن يصنع بصوته.. صوته فقط.. ما عجزت الدولة عن أن تصنعه بكل أدواتها!
وما أريده من الناخب أن يفرض حظراً شعبياً على المتاجرين بالدين، فى هذه الانتخابات، بأن يحرمهم من صوته بعد أن رأى بعينيه، طوال فترة الدعاية الانتخابية، كيف أن الدين بالنسبة لهم لم يكن سوى وسيلة تصل بهم إلى البرلمان، فلا حفظوا له قدسية ولا حافظوا له على حُرمة!
وقد كانت الدولة ترى الشىء نفسه معنا، وربما كانت ترى منه، أكثر مما رأينا، وتعرف عن هؤلاء الذين يحولون الدين إلى بضاعة، وإلى سلعة، أكثر مما نعرف، ولكنها كدولة، كانت لها حساباتها، كما هو ظاهر أمامنا.. فليكن.. غير أننا، كناخبين أصحاب أصوات، لابد أن يكون لنا موقف آخر، وأن يكون فرض الحظر الشعبى عليهم، هو هدفنا، ولو نجحنا فى ذلك، كناخبين مرة أخرى، فسوف نكون قد حققنا إنجازاً، وإعجازاً فى آن واحد!
سوف نحقق إنجازاً، لأننا سوف نثبت أن صوت الناخب الذى يملك الوعى فى رأسه، له ثمن، وأن هذا الثمن لا يتم دفعه إلا من أجل مصالح وطن، لا مصالح أشخاص، ولا مصالح جماعات!
وسوف نحقق إعجازاً، لأنه سوف يكون علينا أن نثبت، للمرة الثانية، أن الصوت الانتخابى الذى يمكن أن يستهين به هذا أو ذاك من المرشحين، ليس هيناً، وأنه قادر على عزل تيار سياسى بكامله، وقادر على فرض حظر عليه، بحرمانه من الأصوات كلها!
ولابد أن فرض مثل هذا الحظر الشعبى على كل فرد، أو حزب يتخذ من ديننا مطية إلى مصلحة دنيوية، ليس لأننا ضد هذا التيار السياسى المتأسلم، فى حد ذاته، ولا ضد ذاك المرشح الذى يتعمد خداع الناخبين، بشخصه، ولكننا كناخبين للمرة الثالثة، لابد أن نكون ضد أن يجرى امتهان ديننا، إلى هذا الحد.. حد أن يكون مجرد أداة لجلب أصوات لا أكثر، أو أن يكون بكل مبادئه ومقاصده العليا ميداناً لتحقيق مكاسب سياسية، لا أكثر أيضاً!
لقد كنا منذ إقرار الدستور الحالى، فى يناير 2014، نرجو الدولة أن تطبق المادة 74 منه، التى لو جرى تطبيقها كما هى، لما كان لمثل هذه الأحزاب كلها وجود بيننا اليوم، ولكان عليها أن تحترم مدنية الدولة، ودستورها، وقانونها، وعقول أبنائها، أو أن تختفى!
وبما أن الدولة كانت لها حساباتها، كما قلت، وبما أنها ظلت تجمع وتطرح وتحسب، فإن مستقبل وطننا لا يحتمل مثل هذا التردد.. فلنكن نحن الناخبين أقدر على فرض حظر لا بديل عنه، ولا فصال فيه.