سليمان جودة
على مدى أيام فى الكويت ، كنت أقارن بين موقفها من الإرهاب، وبين موقف بريطانيا من الإرهاب ذاته، وفى الأسبوع نفسه، وكنت أرى الموقف الكويتى قوياً، واضحاً، فى مقابل موقف بريطانى غائم، ومائع وبلا معنى ولا يمكن الاعتماد عليه أبداً!
إن اللجنة التشريعية فى مجلس الأمة الكويتى سوف تنظر، اليوم، مشروع قانون معروضاً عليها، يقضى بتصنيف جماعة الإخوان مع جماعات أخرى، خرجت من جعبتها جماعات إرهابية، وهو مشروع يقضى أيضاً بالسجن 20 عاماً لمَن ينتمى إلى هذه الجماعات، ومنها بالطبع، بل فى مقدمتها، الجماعة الإخوانية!
ولا أحد يعرف ما إذا كانت اللجنة سوف توافق على المشروع أم لا، ولكن الذين طالعوا الصحف الكويتية، صباح أمس، لابد أنهم قد لاحظوا أن مصادر قد سرّبت لها أن التوجه العام هو الموافقة على مشروع القانون!
وحتى إذا لم توافق، أو إذا أجلت الموافقة لموعد آخر أو.. أو.. فإن مجرد عرض مشروع قانون بهذه القوة، وبهذا الوضوح، وبهذا الحزم، يدل على أن صانع القرار فى الكويت يعلم تماماً حقيقة الإخوان كجماعة، ويعلم حقيقة أفكارها، ثم يعلم، وهذا هو الأهم، حقيقة أهدافها فى الكويت فيما بعد 25 يناير، بوجه عام، وفيما بعد وصول الجماعة للسلطة فى القاهرة بشكل خاص!
إن كل الذين تابعوا حركة المنتمين إلى «الجماعة» فى تلك الفترة فى الكويت يعرفون جيداً أن الهدف الأساسى كان هو تقويض النظام الحاكم فيها، وبمعنى آخر إسقاط أسرة الصباح الحاكمة، والإتيان بنظام إخوانى أو تابع للإخوان فى مكانها، بما يتيح تحقيق هدف أكبر، هو تحويل الكويت، كدولة، إلى مجرد خزانة للإنفاق على المشروع السياسى الإخوانى فى المنطقة كلها، وليس فى الكويت وحدها!
كان هذا هو الهدف، وكان واضحاً، ولم يكن سراً، وكانت الحركة فى اتجاه تحقيقه علنية، لولا أن الدولة هناك قد استطاعت أن تتعامل معهم بطريقتها، وأن توجه إليهم ضربات متلاحقة، وهادئة أفشلت المخطط تماماً!
إننا جميعاً لا يمكن أن ننسى أن «الجماعة»، عندما وصلت للسلطة فى مصر، اكتشفت أن خزانتها شبه خاوية، وأن المشروع السياسى الإسلامى الوهمى الذى تتبناه فى حاجة إلى إنفاق كبير، وأن هذا الإنفاق لا تقدر عليه إلا دول بحجم الكويت اقتصادياً، ولذلك اتجهت الأعين كلها نحو الإمارة الكويتية، وبدأ العمل على الفور، طوال العام الأسود للإخوان عندنا، من أجل هدم أركان إمارة آل الصباح، والاستيلاء على ثروة الدولة، لإقامة صرح المشروع الوهمى فى مصر، وفيما حولها!
ولأن نوايا الإخوان فى غاية السوء، ولأنهم يعضون دائما اليد التى تمتد لهم، ولأنهم لا يقيمون وزناً لأى وطن، حتى ولو كانوا قد نشأوا فيه، ونعموا بخيراته، فإن الله تعالى قد رد كيدهم عليهم، وكشف سوء نواياهم، ثم سلط عليهم المخلصين لأوطانهم، فى مصر، أو فى الكويت، وفى غيرهما، لأنهم، كإخوان، لا يعرفون شيئاً عن بناء الدول.. إنهم متخصصون فى هدمها!