سليمان جودة
حتى الآن، تبدو السياحة، كصناعة، بعيدة عن أن يكون لها موقع متقدم فى أولويات العمل لدى الرئيس، ثم تبدو وكأن كل ما يهم الدولة منها أن يضع كبار رجال هذه الصناعة ما يجب أن يضعه كل واحد فيهم فى صندوق «تحيا مصر»، مع أنها - كصناعة مرة أخرى - يمكن أن تكون كنزاً حقيقياً لنا، ويمكن ببعض الاهتمام بها من جانب الرئيس أن تجمع فى عام ما سوف يجمعه هذا الصندوق فى سنينه كلها!
ويأسف المرء طبعاً، حين يجعل الرئيس قاسماً مشتركاً أعظم هكذا، فى أغلب ما نطالب به مسؤولينا.. ولكن.. ما حيلتنا إذا كان هذا هو واقع الحال، وما حيلتنا إذا كانت أى قضية لا تتحرك فعلياً إلا إذا مد رئيس الدولة يده إليها.. ما حيلتنا؟!
وعندما تكون هذه هى إمكانات البلد فى السياحة، وتكون هذه هى شواطئه، وهذه هى شمسه، وهذه هى آثاره، وهذا هو طقسه بامتداد أغلب شهور العام، ثم يكون هذا هو عائدنا المتواضع للغاية من وراء هذه الصناعة، فليس لهذا من معنى، سوى أن خللاً من النوع الفادح قائم فى أرضنا، وسوى أننا عاجزون، حتى هذه اللحظة، عن تسويق ما لدينا فى أعين الآخرين فى العالم كله!
مثلاً.. هل يعلم رئيس الدولة أن تركيا التى تطاول رئيسها الأرعن علينا مراراً، ولايزال، إنما يذهب إليها فى كل عام 35 مليون سائح، مع أن فترة النشاط السياحى عندها ستة أشهر من العام كله، وأننا، فى المقابل، يزورنا عشرة ملايين بالكثير، سنوياً، مع أن إمكانات السياحة لدينا متاحة 12 شهراً فى العام، لا ستة أشهر، ولا تسعة؟!
إحصائية من هذا النوع لابد لرئيس الدولة ألا ينام الليل حين يجدها أمامه، ولابد بعقليته التى تعرف الإنجاز فى العمل، ولا تعرف غيره، أن يفكر فى الأمر بطريقة مختلفة، وأن يكون عائد العام القادم من وراء السياحة ضعف عائد العام الحالى.. كيف؟!.. أنا سوف أقول كيف!
المسألة ليست فى حاجة إلى أن يدخل رأس الدولة فى تفاصيل، فليس هذا عمله، ولا هذا هو شغله، لأنه يريد من كل مسؤول نتائج على الأرض، ولا يهمه كرئيس، ولا يجب أن يهمه، كيف ستتحقق هذه النتائج، ولذلك فما أطلبه منه أن يطلب هو من وزير السياحة أن يجمع كبار رجال الصناعة، ثم يجلس معهم الرئيس ساعة، وربما أقل، بحضور الوزير.
ماذا سوف يقول فى هذه الساعة؟!.. سوف يقول لهم إنه يريد العام المقبل، الذى يبدأ فى اليوم التالى لاجتماعه بهم، أن يكون عائد سياحتنا مضروباً فى اثنين، وليس أقل، فإذا سأله أحدهم كيف؟! كان عليه أن يجيب بأنه لا يعرف كيف، ولكن كل ما يعرفه أنه يريد العائد مضروباً فى اثنين لا أقل، وأن كل ما يستطيع أن يقوم به كرئيس أن يطلب من رئيس وزرائه أن يوفر لهم، كرجال صناعة سياحية، ما سوف يحتاجونه خلال هذا العام، وأن يذلل لهم أى عقبات فى الطريق.
خطوة كهذه، من جانب رأس الدولة، تضمن أن يتضاعف العائد فعلاً لا قولاً، لأنه سوف يضع رجال السياحة واحداً واحداً، أمام مسؤوليتهم، وسوف يكونون مسؤولين أمامه، وأمام الوزير هشام زعزوع، وسوف لا يكون أمام رئيس الحكومة إلا أن يوفر لهم ما يريدون ويحتاجون، وسوف لا يكون أمامهم، والحال هكذا، بديل آخر.
جربها يا سيادة الرئيس.. وسوف ترى أن خطوة كهذه، من جانبك، أجدى بكثير من أن يتربعوا جميعاً، أو بعضهم، للصندوق، مهما كان حجم التبرع.. جربها وسوف ترى ونرى معك.