توقيت القاهرة المحلي 21:12:59 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الأمريكى عندما يكذب

  مصر اليوم -

الأمريكى عندما يكذب

سليمان جودة

سوف تقف حائراًَ وأنت تتابع كلام وزير الخارجية الأمريكى، فى أعقاب لقائه مع الرئيس السيسى، أمس الأول، وسوف تسأل نفسك: هل يُصدِّق الوزير الأمريكى نفسه، وهو يطلق مثل هذا الكلام بيننا؟!.. وإذا كان يصدق نفسه، فهل يتوقع أن يصدقه الذين سوف يسمعون كلامه؟!
فالوزير يقول، مثلاً، إن بلاده ليست منحازة إلى أى طرف فى الأزمة العراقية الحالية، وهو كلام كما ترى، لا يقال إلا لمجانين!
لا يقال إلا لمجانين، لأن أى متابع لأزمة العراق منذ بدايتها عام 2003، حين احتلها الأمريكان، سوف يدرك أن الأزمة من أولها إلى آخرها، إنما هى صناعة أمريكية مجردة، وأن واشنطن ليست فقط منحازة بشكل سافر إلى أحد أطراف الأزمة، بل طرفها الأكبر، وهو رئيس الوزراء الحالى نورى المالكى، وإنما هى التى رعت دستوراً عراقياً طائفياً بامتياز، منذ أول لحظة!
الدستور العراقى الذى تم وضعه، فى ظل الاحتلال الأمريكى الأعمى، هو الذى كرّس منذ البداية، ولايزال يكرس، لما يعانيه العراقيون، فى لحظتنا القائمة، ثم لما يعانيه العراق كله، كبلد، من عام 2003، إلى الآن!
وهو، كدستور، كان قد كرس لذلك، عندما راح فى نصوصه ومواده، ينصر طائفة عراقية على أخرى، بدلاً من أن يجعل العراق للعراقيين جميعاً، دون تفرقة بين أى منهم، على أى أساس، وقد كان هذا هو المفترض!
وإذا كان الرئيس أوباما، قد قال عند بدء الأزمة المشتعلة هذه الأيام، إن بلاده تريد عراقاً موحداً، وإن العراق الموحد سوف يقوم على أكتاف وإرادة قواه السياسية وأبنائه، دون غيرهم، فالجزء الثانى من العبارة صحيح تماماً، لأن الرهان فى العراق، اليوم، يجب أن يكون على وطنية كل عراقى.. وعلى مدى ولائه لبلده وحده، دون غيره، ولو توافرت مثل هذه الوطنية، ومثل هذا الولاء للدولة العراقية وحدها، فلن تستطيع أى قوة النيل من العراق، ولا من وحدته، ولا من سلامة أراضيه.
وأما الجزء الأول من العبارة، فهو كذب فى كذب، لأنه لا رصيد له على الأرض، بأى درجة، ولأن القول بأن الولايات المتحدة الأمريكية تريد عراقاً موحداً، إنما هو كلام فارغ، ولا يصدقه الواقع أبداً، وإلا.. فإن الحرص على وحدة العراق، وعلى أن يكون بلداً موحداً، كان يقتضى من زمان، أن يوضع دستور للبلاد، يوحد بين أبنائها، ولا يفرق بينهم، ولا يجعل من مواطنين بعينهم، درجة أولى، ثم يجعل ممن سواهم، مواطنين درجة ثانية، وكان يقتضى كذلك، ألا تدعم الولايات المتحدة نورى المالكى، طوال سنوات وجوده فى الحكم، وهى ترى وتعرف أنه يمزق البلاد بسياسته، ولا يحفظها!
هذه هى الحقيقة العارية، التى يدركها أى عربى، وتتعامى عنها الولايات المتحدة، ويتصور مسؤولوها عندما يتكلمون بغيرها، بل بعكسها، أن العالم لا يرى الحقيقة كما هى، وأنه سوف يصدقهم، وأن العراقيين لا يرون حجم ما ألحق الأمريكيون ببلادهم من ضرر فادح ولا يرون أنهم كأمريكان، هم المسؤولون وحدهم عن كل أذى لحق بأى عراقى، ابتداء من عام الاحتلال التعيس، ثم أنهم مسؤولون أيضاً، وهذا هو الأهم، عما أصاب الدولة العراقية كلها!
وقد كان الوزير الأمريكى، الذى يتصور أن مستمعيه بلا عقول، يتكلم بالمنطق ذاته، عندما قال بعد لقائه مع الرئيس، كلاماً جميلاً كثيراً، عن علاقة بلاده بالقاهرة، ثم نطق بعبارة جعلت كلامه كله، بلا وزن، وبلا قيمة، حين قال إن طائرات الأباتشى المصرية المحتجزة لدى واشنطن، سوف يجرى تسليمها لنا فى أسرع وقت ممكن!
فليس لهذه العبارة من معنى، سوى أن الولايات المتحدة تدعم الإرهاب، ثم تكرر طول الوقت أنها تقاومه، لا لشىء، إلا لأنها تعرف، ونحن نعرف، أن هذه الطائرات تساعد على مطاردة فلول الإرهاب فى سيناء والقضاء عليها، ومع ذلك تحتجزها، وتقول إنها سوف تسلمها فى أسرع وقت ممكن.. يعنى بالعامية المصرية فى المشمش!
لم يبالغ ونستون تشرشل، رئيس وزراء إنجلترا الأشهر، عندما قال يوماً، بأن الأمريكان لا يصلون إلى الطريق الصحيح فى علاقتهم بالعالم من حولهم، إلا بعد أن يجربوا كل الطرق الخطأ!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأمريكى عندما يكذب الأمريكى عندما يكذب



GMT 09:38 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

لمن يهتف المتظاهرون؟

GMT 09:36 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

من دفتر الجماعة والمحروسة

GMT 09:35 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

السلام في أوكرانيا يعيد روسيا إلى عائلة الأمم!

GMT 09:33 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

«وباء العنف الجنسي» في حرب السودان

GMT 09:32 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

أيُّ غدٍ للبنان بعد الحرب؟

GMT 09:30 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

المتحف المصري الكبير

GMT 09:29 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

اعتقال نتنياهو بين الخيال والواقع

GMT 09:28 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

أما رابعهم فهو المُدَّعي خان

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 11:01 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر تتفاوض مع شركات أجنبية بشأن صفقة غاز مسال طويلة الأجل

GMT 09:48 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

جيش الاحتلال يعلن اغتيال 5 قادة من حماس
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon