سليمان جودة
عندى اقتراح للحكومة المصرية أتمنى لو أنها أخذت به، وهى تتكلم مع الخارج، حول جماعة الإخوان، وكيف أنها جماعة عنف وإرهاب، وليست جماعة اعتدال!
ففى كل مرة تأتى فيها سيرة الإخوان، مع الأمريكان مثلاً، تكتشف أنهم يحاولون إقناعك بأن الجماعة الإخوانية جماعة معتدلة، وأنها لا علاقة لها بجماعات العنف التى تعربد فى المنطقة، وأن الإخوان أبرياء من العنف الذى يجرى ارتكابه فى كل يوم، تقريباً، وفى مناطق متفرقة بالبلد!
تقول لهم إن الإخوان يمارسون العنف، ويحرضون عليه، وإن تاريخهم، منذ نشأوا كجماعة، عام 1928، يقول بذلك، وإن شخصاً من الشخصين اللذين قتلا المستشار الخازندار، عام 1928، كان سكرتيراً خاصاً لحسن البنا، ومؤسس الجماعة، وأول مرشد لها، فلا تجد، وأنت تقول هذا الكلام، آذاناً صاغية سواء فى واشنطن، أو فى لندن، أو حتى فى برلين التى عاد منها الرئيس مؤخراً!
تقول لهم إن الإخوان إذا لم يكونوا يمارسون الإرهاب اليومى، فى حياة المصريين، بشكل مباشر، فإنهم مسؤولون عنه، على نحو غير مباشر، لأنهم على الأقل يوفرون المناخ العام الذى يسمح بارتكاب أعمال عنف وإرهاب، فلا تجد هنا أيضاً آذاناً صاغية، رغم أن الكلام فيه منطق، ورغم أن فيه عقلاً!
تعود فتقول لهم إننا إذا افترضنا، نظرياً، أن الجماعة بريئة من أعمال العنف، التى تقع عندنا بشكل شبه يومى، فإنها بعدم إدانتها لهذه الأعمال، بوضوح، تسمح للذين قد يمارسون الإرهاب، باسمها، وتحت لافتتها، أن يفعلوا ما يشاءون من وراء هذه اللافتة، فتكتشف أن إدارة أوباما، فى واشنطن، لا تريد أن تقتنع، رغم أنه كلام مقنع، ورغم أنه كلام متسق مع بعضه، ورغم أن مقدماته تتوافق مع نتائجه.
تعود من جديد، لتقول لهم إن العمل الإرهابى الذى وقع بالقرب من معبد الكرنك، صباح أمس، هو مسؤولية الإخوان أولاً وأخيراً، لأنهم إذا لم يكونوا قد ارتكبوه، فإنهم وفروا الجو الملائم لارتكابه، وأتاحوا لفاعليه الحقيقيين أن يرتكبوه، وهم مطمئنون إلى أن هناك جماعة إخوانية جاهزة، سوف تتحمل المسؤولية المباشرة أو غير المباشرة عنه، فتكتشف، للمرة الثالثة، أو العاشرة، أن الأمريكان يغلقون آذانهم، رغم أنهم، بينهم وبين أنفسهم، مقتنعون بما تقول.. ولكن.. قاتل الله المصالح التى وعدهم بها الإخوان على حساب وطنهم، وحين يكونون فى الحكم، فى المنطقة!
تعود لآخر مرة، فتقول إن بديهيات علم الجريمة تقول إنك عند وقوع أى جريمة، لابد أن تفتش، ابتداءً، عن المستفيد من وراء وقوعها، وإن «الجماعة» إذا لم تكن وراء وقوع جريمة الكرنك فإنها مستفيدة من وقوعها، فتشعر بأن الذى تخاطبه أنت، فى الولايات المتحدة على وجه الخصوص، قد بدا عليه أنه فقد حاسة السمع!
لذلك، فاقتراحى هو أن نجدد، فى خطابنا معهم، وأن نجرب العكس، وأن نقول لهم إن الإخوان فعلاً معتدلون، وإنهم لا علاقة لهم بالعنف والإرهاب فى الكرنك، وفى غير الكرنك، وإنهم يحبون الكرنك، ويموتون فيه، وإنهم ملائكة، ولكن المشكلة أن المصريين الذين خرجوا بالملايين فى 30 يونيو 2013 لا يحبون هذا الاعتدال، ولا يريدونه، ولا يريدون جماعته، ولا يقبلون الملائكة حين يكونون من هذا النوع.. هذا هو مزاج المصريين، وهم أحرار فيه!