سليمان جودة
قد أتقبل من المهندس إبراهيم محلب، رئيس الحكومة المكلف، أن يقضى أسبوعاً فى اختيار أعضاء حكومته الجديدة - أقول قد - لأسباب ثلاثة، أولها أن الرجل لم يأخذ وقته فى تشكيل حكومته، فى المرة الأولى، قبل مائة يوم، وبالتالى فهو اليوم يرمم بنياناً قديماً، أكثر مما ينشئ بنياناً جديداً، وثانى الأسباب أن منصب الوزير لم يعد مغرياً، هذه الأيام، كما كان - مثلاً - قبل 25 يناير 2011، ولذلك، فإننا نتصور أن يعتذر كثيرون.. وأما السبب الثالث فهو أن «محلب» لم يكن على يقين، قبل انتخابات الرئاسة، من أن الرئيس الفائز سوف يعيد تكليفه، ولهذا، فهو لم يكن مستعداً للحظة كهذه، كل الاستعداد!
هذه أسباب ثلاثة، مع أسباب ثانوية أخرى، قد تجعلنى أتقبل أن يقضى رئيس حكومتنا المكلف أسبوعاً بكامله، ليخرج علينا فى نهايته بحكومة تتعلق بها أنظار المصريين، وغير المصريين، ويعلق الجميع عليها آمالاً عريضة.
ولكن.. ما لا أتقبله، وما لا أفهمه، وما لا أستسيغه، أن يستغرق الرئيس السيسى الفترة نفسها، وربما فترة أطول منها، فى اختيار أعضاء الفريق الرئاسى الذى سوف يساعده، ويدعمه ويعاونه.
فالرئيس دخل مكتبه صباح الاثنين، واليوم هو الجمعة، وبعد غد سوف يكون قد مضى أسبوع كامل، يبدو الرئيس خلاله وحيداً فى القصر، فلا نعرف من هو مدير مكتبه، ولا من هو مستشاره السياسى، ولا من هو مستشاره الاقتصادى، ولا من هو مستشار الأمن القومى.. ولا من.. ولا من؟!
أقول هذا لأن وضع الرئيس فى الاختيار يختلف عن وضع رئيس حكومته، ولأننا نتخيل أن يكون الرئيس، طوال فترة الدعاية الانتخابية، وطوال الأيام التى سبقت إعلان النتيجة، والتنصيب الرسمى، قد استقر بشكل نهائى على الأسماء التى سوف يشغل أصحابها هذه المواقع وغيرها من حوله، ونتخيل أيضاً أنه قد دخل المكتب، صباح الاثنين، وأسماؤهم جميعاً فى جيبه، وقراراتهم جاهزة للتوقيع على مكتبه!
لقد قال هو، أكثر من مرة، إنه لا وقت عنده يضيعه، وقالها أيضاً كثيرون بيننا، وقد كان هو يعنيها، بمثل ما كان الذى قالها بيننا يعنيها تماماً، ولابد أن كل دقيقة، لا كل ساعة، تمضى دون البدء فى العمل المنظم فوراً، بفريق رئاسى واضح، ومعلن، إنما هى دقيقة غير محسوبة، وأكاد أقول ضائعة، بينما نحن أحوج الناس إليها!
إننى أتصور أن الرئيس لا ينام، بل أتصوره يفكر وهو نائم، وليس فى يقظته فقط، غير أننى أتكلم عن ملامح الصورة عند الناس، لا عنده، لأن الحماس الهائل الذى تراكم لدى المواطنين، إزاءه، ولصالحه، لابد أن يبقى على ما هو عليه، وفى درجته المتدفقة، وأن يتواصل، وألا يضعف، أو ينقطع بأى حال، ولا سبيل إلى تواصل الحماس إلا بتصدير الإحساس للملايين، فى كل لحظة، بأن كل موقع حول الرئيس قد امتلأ بمن يليق به، من الرجال الأكفاء فى لحظته، وأن العمل قد بدأ منذ الدقيقة الأولى!
سيادة الرئيس.. الناس تتطلع، منذ صباح الاثنين، إلى الرجال الذين سيكونون حولك، فهؤلاء هم حلقة الوصل بينك وبين أى مواطن، وليس من المفهوم أن تظل الحلقة مفقودة، أو بمعنى أدق غائبة، بامتداد أسبوع كامل، مع أنك قطعاً مستقر على أفرادها، كحلقة، منذ وقت مبكر، فلماذا التأخر فى الإعلان عنهم، فى حين أن الظرف العام يجعلنا نتصورهم وقد دخلوا المكان قبلك، لا معك، ولا بعدك!
إن فريق الرئيس عدلى منصور جرى الإعلان عنه بعد دخول الرجل إلى القصر بساعات، لا أيام، وهذا بالضبط ما نعنيه!