سليمان جودة
أطلب من الأستاذ محمد عبدالهادى علام، رئيس تحرير «الأهرام»، أن يتخذ الإجراء المناسب، إزاء محرر الخبر الذى نشرته الجريدة، صباح الخميس، عن إغلاق مركز تجارى تابع لشركة الإسكندرية للمجمعات الاستهلاكية، بعد افتتاحه للجمهور بساعات!
كان الخبر يقول، وبعنوان بارز، إن جماهير الإسكندرية حين توجهت إلى المركز، الذى جرى افتتاحه بحضور المحافظ، ووزيرين، الأحد الماضى، قد فوجئت بإغلاقه بالضبة والمفتاح!
ولأننى أثق فى «الأهرام» وفى أخبارها فإننى تناولت الخبر، فى هذا المكان، صباح أمس الأول، داعياً المهندس إبراهيم محلب إلى أن يتخذ القرار الذى يراه، لأنه- كرئيس حكومة- يظل مسؤولاً عن حرمة كل قرش فى المال العام.
وما كادت «المصرى اليوم» ترى النور، حتى كان الرجل على التليفون يبلغنى بأنه طلب من الوزير المسؤول تقريراً عاجلاً عن الواقعة، وأن الوزير قد توجه بنفسه إلى المركز المذكور، واتصل برئيس الوزراء من داخله، وهو يعمل بشكل عادى، ويفتح أبوابه للجمهور بشكل طبيعى، بما يعنى أن الخبر غير صحيح بالمرة!
ولعل الموضوع، فى مجمله، يكشف عن جانب آخر مهم، لابد أن نتوقف عنده، وهو جانب يتصل بأداء أغلب المحافظين، كل واحد منهم فى محافظته، وفى مكانه!
فأمس الأول كان يوم جمعة، والمفترض أن رئيس الحكومة فى إجازة، ومع ذلك فقد كان هو الذى اهتم، وهو الذى تحرك، وهو الذى اتصل، وهو الذى بنفسه تابع الأمر إلى نهايته!
لذلك، ظللت بعد اتصاله أسأل نفسى: أين المحافظ المسؤول الذى هو طرف مباشر فى الموضوع؟!.. وإذا كان رئيس الوزراء سوف يظل من موقعه فى العاصمة يتابع مسألة تخص مركزاً تجارياً فى الإسكندرية، فما هو دور محافظ الإقليم بالضبط، وما هو مبرر وجوده فى الأصل، إذا كانت قضية من صلب اختصاصه تغيب عنه هكذا، ويغيب عنها بشكل تام؟!.. أين هو؟!
لست بالطبع أتهم المحافظين السبعة والعشرين، المنتشرين فى أنحاء البلد، لا أتهمهم كلهم، ولكننى حين أرى المهندس محلب يتنقل، طول النهار، من مكان إلى مكان بامتداد الوطن، أشعر عن يقين بأنه ما كان ليفعل هذا لو أن المحافظ المسؤول قد نهض بما يتعين عليه أن ينهض به، وسارع هو إلى المكان ذاته، وأعفى رئيس الحكومة، بالتالى، من القيام بمهمة هى بالتأكيد ليست مهمته، ولكنها مهمة كل مسؤول يتلوه فى مواقع المسؤولية، بدءاً من الوزير، مروراً بالمحافظ، ووصولاً لرئيس الحى!
ما نفترضه أن المحافظ تحديداً- أى محافظ- يأتى إلى منصبه ليرفع عبئاً عن القاهرة، وعن المسؤولين فيها، لا ليضيف أبداً أعباء أخرى على العاصمة، وعلى مسؤوليها، لأن الزمان الذى كان الشخص يصبح فيه محافظاً، على سبيل مكافأة نهاية الخدمة، قد ولى وانقضى، أو هكذا نفترض، وإذا لم يكن بعض المحافظين يصدق أنه زمان مضى، فما أتمناه من الرئيس، ومن رئيس الحكومة، أن يعزلا، وعلى الفور، أى محافظ يذهب إلى محافظته، ثم ينام ويتركها لتسيِّر أمورها بنفسها، وبقوة الدفع التلقائى!
وفى وقت من الأوقات، كان اللواء عادل لبيب محافظاً لقنا، على بعد نحو ألف كيلو من القاهرة، وكان إنجازه هناك واصلاً للعاصمة فى كل صباح.. واليوم يبذل المرء جهداً ليتذكر اسم هذا المحافظ، أو ذاك، فضلاً عن أن يرى أثر عمله على الأرض!
جرياً على مقولة طريفة للبابا شنودة، يرحمه الله، أخشى أن يكون المحافظ، فى أغلب المحافظات، لا عمل له سوى أنه «يحافظ» على البعد عن الناس!