سليمان جودة
نريد أن نختبر هؤلاء اللاهثين نحو البرلمان الجديد، ونريد أن نعرف بالدليل العملى ما إذا كانوا كلهم فعلاً أصحاب قضية، وراغبين فى خدمة الوطن، من خلال التواجد داخل مجلس النواب، أم أن فيهم، من هذه النوعية، واحداً هنا.. وآخر هناك.. بينما الغالبية تلهث نحو برلمان 30 يونيو لأهداف أخرى تماماً؟!
عندى طريقة للاختبار لن تخيب، وهى سهلة، وتحتاج فقط إلى شجاعة من المسؤول الذى يعنيه الأمر فى الدولة، ولو أنه بادر بها فسوف يغربل هؤلاء اللاهثين نحو مجلس النواب الجديد فى لحظة، وسوف تؤدى هذه الطريقة، التى سوف أشير إليها حالاً، إلى عملية فرز فورى، بل لا أبالغ إذا قلت إن عدد المتقدمين للانتخابات بأوراقهم سوف يهبط لأقل من واحد على عشرة، من الذين أعلنوا فعلاً أنهم يريدون أن يكونوا أعضاء فى برلماننا الجديد!
إن اليوم هو ثانى أيام تقديم أوراق الترشيح إلى اللجنة العليا للانتخابات، ولايزال أمامنا عشرة أيام، وخلال هذه الأيام العشرة سوف ترى بعينيك أن السباق إلى عضوية مجلس النواب القادم يبدو كأنه سباق نحو الجنة!
ولابد أن المواطن العادى، الذى يتابع الأمور من بعيد، يضرب يداً بيد، وهو يراقب صراعاً لم يحدث أن رآه من قبل، من أجل دخول البرلمان.. ولابد أن هذا المواطن ذاته يتساءل، فى حيرة بالغة، عن حقيقة الكنز الموجود تحت القبة، والذى يريد كل متسابق إليها أن يفوز به قبل غيره، وأن يكون الكنز له هو، دون سواه!
إن عندى الكثير، مما لا أزال أستطيع أن أضيفه، عن سوريا، التى كنت فيها، قبل أيام، وعن مأساتها، وعن مأساة شعبها، وعن دورنا نحن الغائب هناك دون أى مبرر.. ولكنى لم أستطع أن أقاوم الرغبة فى الكتابة عن حكاية البرلمان الجديد، وعن هذا الجنون الذى أصاب كثيرين، فى سبيل اللحاق بمقعد من بين مقاعده، وهو جنون وصل إلى حد استباحة أى شىء، إذا كان الثمن هو عضوية مجلس نواب هو الأول بعد ثورة المصريين على الإخوان!
تريدون أن تختبروا هؤلاء جميعاً؟!.. وتريدون أن تتبينوا الصالح من الطالح فيهم؟!.. وتريدون أن تفرزوا صاحب القضية بينهم، من النصاب صاحب المصلحة؟! تريدون هذا كله، وغيره؟!.. حسناً.. ألغوا الحصانة البرلمانية، واجعلوا العضوية دون حصانة، وعندها فقط، سوف تكتشفون أن أغلب الذين تقدموا بأوراقهم، وأغلب الذين لايزالون يجهزون أوراقهم قد صرفوا النظر!.. افعلوها وسوف ترون بأعينكم وسوف يرى كل واحد منا بعينيه!