سليمان جودة
أرجو أن ننتبه بكل ما نملكه من وعى إلى أن غداً الأحد ليس مجرد يوم يؤدى فيه الرئيس المنتخب عبدالفتاح السيسى يمينه الدستورية.. لا.. فالأحد 8 يونيو ليس مجرد يوم لأداء يمين دستورية، سبق أن أداها رؤساء كثيرون قبل الرجل، وإنما هو يوم يمثل نقطة بداية لدولة ثالثة، لا نعرف بعد ما الذى سوف يكون فيها، لأنها تتشكل الآن بجميع ملامحها فى علم الغيب!
فمن قبل، كانت عندنا دولة محمد على، الذى أنشأها عام 1805، ودامت حتى عام 1952، وحين سقطت هذه الدولة بقيام ثورة يوليو، كانت قد تركت لنا جيشاً قوياً خاض فتوحات فى كل اتجاه، وكانت قد تركت لنا أحزاباً، وبرلماناً، وحياة ديمقراطية ناشئة وفناً حديثاً، ودار أوبرا، وكانت قد تركت لنا السكة الحديد، ثانى سكة حديد من نوعها فى العالم بعد بريطانيا، وكانت قد أنبتت أم كلثوم، وعبدالوهاب، وعبدالحليم، والعقاد، والحكيم، وطه حسين، وسيد درويش، وطلعت حرب، وعشرات، بل مئات الأسماء المضيئة فى كل مجال.
تلك كانت الدولة الأولى خلال القرنين الماضيين، وفيما بعدها، جاءت دولة عبدالناصر، التى استمرت من 23 يوليو 52 إلى اليوم، 7 يونيو 2014، نعم.. كانت هذه الفترة كلها هى دولة عبدالناصر، وكان «مرسى» نفسه، خلال العام الذى حكم فيه، جزءاً من دولة عبدالناصر، لأن الإخوان حين حكموا، فإنهم مارسوا الحكم بذات أدوات عبدالناصر، وبنفس المنطق الذى ساد فى أيامه، ولم يكن هناك أى اختلاف من أى نوع، وهى دولة دامت 62 عاماً، من 1952 إلى 2014، وكان أهم ما يميزها أن الغلبة فيها كانت للجيش دون منازع، فهو المؤسسة الأقوى دون منافس، وهو المؤسسة التى حكمت طوال الوقت، حتى وإن كان ذلك من وراء ستار.
ولا أعرف ما هو الاسم الذى يمكن أن يعطيه القارئ الكريم لدولة عبدالناصر هذه، ذات الرؤساء الستة: نجيب، عبدالناصر، السادات، مبارك، مرسى، منصور؟!.. لا أعرف ما إذا كانت دولة الانحياز للفقير - مثلاً - أم دولة النهضة التى أرادها عبدالناصر، أم دولة التجربة والخطأ؟!.. ولا أعرف ما إذا كان الخطأ هو الذى تفوق على التجربة، إذا ما أخذنا بالاسم الأخير؟!.. إننى، لذلك، أترك اختيار اسمها لك أنت، بحسب ما ترى من رصيدها فى حياتك كمواطن، الآن، فى نهاية الـ62 عاماً.
أما الغد.. والغد تحديداً.. فهو بداية لدولة ثالثة، بالمعنى الحقيقى للكلمة، وسوف تدوم هذه الدولة، طوال أيام السيسى، وطوال السنوات التى سوف يحكمها، سواء كانت أربعة أعوام، كفترة أولى، أو ثمانية، إذا ما حكم فترتين وفقط بحسب نص الدستور، وسوف تدوم إلى الحاكم الذى سوف يأتى من بعده، بإذن الله.
وإذا كنا قد اتفقنا، أو شبه اتفقنا، على أن دولة محمد على، كانت دولة نهضة، وأن دولة عبدالناصر، لا اتفاق على اسمها حتى هذه اللحظة، فما هو، يا رب، الاسم الذى يمكن أن نعلقه على باب الدولة الثالثة التى تبدأ صباح غد.. ما هو بالضبط؟!
لا أعرف، ولا أظن أن غيرى يستطيع أن يقطع بأنه يعرف، ولكن ما أعرفه، أنه لا بدائل أمامنا فيها، سوى النهضة، ولا شىء سواها.