سليمان جودة
حضرت حفلاً، مساء الثلاثاء، دعت إليه جامعة النيل لتكريم الذين تعتقد أنهم ساندوها فى الإعلام، لاسترداد حقها من مدينة زويل، على مدى سنوات ثلاث.
ولم أكن منتبهاً إلى أن محنة الجامعة مع المدينة طالت حتى دامت ثلاثة أعوام، لولا أن الدكتور عبدالعزيز حجازى قد لفت نظر الحاضرين إلى ذلك، وهو يستعرض جانباً من جوانب المحنة فى كلمة قصيرة، لكنها شاملة.
وحين تكلم الدكتور إبراهيم بدران فإنه قد بعث الأمل فى نفوس مستمعيه، كما أنه بث فيهم التفاؤل ليس بمستقبل الجامعة فقط، وإنما بمستقبل البلد بكامله، وكان تفاؤله مرتكزاً على يقين منه فى قدرة الإنسان المصرى على أن يصنع المعجزة، إذا أراد، ولعل معجزة 30 يونيو 2013 هى أقرب دليل.
من جانبى كنت أستمع إلى الدكتور حجازى، والدكتور بدران، ومعهما الدكتور طارق خليل، رئيس الجامعة، وأنا منشغل بشىء آخر.
كنت منشغلاً، بينى وبين نفسى، بحكاية جامعة النيل مع أرض مطار إمبابة معاً، وكيف أن الأقدار قد شاءت للذين سعوا إلى حل لهما أن يحتفلوا بالحل فى أسبوع واحد!.. فيا لها من مفارقة!
لقد كان لى دور فى الحالتين، وما كتبته عن الجامعة، وعن أرض المطار، يمكن أن يملأ كتاباًَ ضخماً، وأن يكون، فى جانب من جوانبه، دليلاً على أن الأمور من هذا النوع فى بلدنا تستغرق وقتاً دون لزوم، ودون مبرر، ودون حاجة أبداً إلى تضييع وقت، أو تبديد جهد.
هل كنا - مثلاً - فى حاجة إلى ثلاث سنوات.. نعم ثلاث سنوات كاملة، لندرك فى نهايتها، أن لجامعة النيل حقاً عند مدينة زويل، وأن هذا الحق لابد أن يعود، وأن البلد يتسع للمدينة وللجامعة معاً، وأن إقامة إحداهما، كمشروع، لا يجوز أن تكون على حساب الثانية؟!.. هل تحتاج بديهية واضحة كهذه إلى ثلاث سنوات من أعمارنا، وعمر البلد، لكى ندركها فى النهاية؟!.. وإذا لم تكن تحتاج، فلماذا يا رب يأتى القرار فى بلادنا متلكئاً، متأخراً، بطيئاً هكذا يترقب؟!
ولو أن رئيس أى حكومة من الذين سبقوا المهندس إبراهيم محلب، بامتداد ثلاث سنوات وأكثر، قد أدرك أن أرض مطار إمبابة، البالغة 215 فداناً، يجب أن تتحول على الفور، إلى رئة إضافية للعاصمة تتنفس منها، لكان قد وفر على الرجل عناء التفكير فى المسألة لشهور، ولكان قد وفر علينا نحن إضاعة كل هذا الوقت، وكل هذا الجهد، فى حكاية هى أقرب، من حيث طبيعتها، إلى بديهيات الرياضة التى تقول إن حاصل جمع واحد زائد واحد يساوى اثنين، ولا يمكن أن يساوى ثلاثة أبداً!
قالها الدكتور حجازى فى كلمته، وكيف أن حل «معضلة» جامعة النيل مع مدينة زويل كان فى حاجة إلى 24 ساعة فقط من المسؤول المختص، لا 36 شهراً بأى حال!
وقلناها مراراً، ونقولها، عن أن أى مدينة فى العالم يخلو بجوارها مطار قديم فإنها تنتهزها فرصة، وتضمه إلى قائمة حدائقها العامة، ثم توزع بعضاً من مدارسها بين أشجاره، فيتحقق لها هدفان فى لحظة: منح طلاب المدارس فرصة الدراسة فى مكان أخضر مفتوح، وإعطاء فضائها، كمدينة، فرصة أيضاً فى أن يتحرك هواؤه، ويمتلئ بالأكسجين، والنسمات المنعشة!
كان أبناء الجامعة يحتفلون، مساء الثلاثاء، مرة، وكنت أحتفل بينى وبين نفسى، مرتين، وكنت ومازلت أتمنى أن ينتبه جميع مسؤولينا إلى أننا مطالبون بأن ننجز فى ساعة ما كان يمكن إنجازه من قبل فى يوم.. فلا وقت عندنا نضيعه، بل هو أثمن ما نملكه فى هذه الأيام.