سليمان جودة
فى أيام الرئيس عدلى منصور، صدر تصريح عن رئاسة الجمهورية يقول إن الرئيس سوف يزور السعودية ومن بعدها الإمارات، لتقديم كلمة شكر إلى الذين وقفوا معنا هناك، فيما بعد 30 يونيو.
وأذكر يومها أن أصدقاء مصريين مقيمين فى الكويت أبلغونى بأن التصريح الصادر عن الرئاسة بهذا الشكل قد أحدث استياء بين قطاعات لا بأس بها من الكويتيين، الذين أحسوا بأن وقفتهم مع القاهرة، فيما بعد 30 يونيو، ولم تكن تقل عن وقفة الرياض، ولا وقفة أبو ظبى- ليست فى موضع التقدير الذى كانوا يتوقعونه منا، خصوصا بالطبع، على مستوى رئاستنا!
وأذكر أيضاً، أنى كتبت فى هذا المكان ونبهت إلى أهمية تدارك الخطأ الذى وقع فيه تصريح الرئاسة وبسرعة، وأظن أن هذا قد حدث، كما أظن، كذلك، أن الرئيس منصور قد صحح الأمر، فى حينه، بطريقته، فقطع الطريق على معارضة إخوانية بغيضة فى الكويت كانت قد راحت تجلد حكومتها على مساعداتها للقاهرة، وكانت قد راحت تستغل الموضوع، شعبياً، على أسوأ ما يكون.
المزعج أن المسألة نفسها تكررت، قبل أيام، وبالصورة ذاتها تقريبا، دون أى سبب مفهوم!
تكررت حين وقف الرئيس يتكلم فى القوى السياسية التى حضرت لقاءه بعد تفجيرات سيناء، فقال إن جامعة سوف تنشأ باسم الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز، فوق جبل الجلالة، وإن تجمعاً سكنياً سوف ينشأ أيضاً، باسم الشيخ محمد بن زايد، وإن هذا كله سوف يكون فى مقام الاعتراف بفضل البلدين، فى دعم مصر، سياسياً فيما بعد ثورتها التى أعادت 25 يناير إلى طريقها الصحيح.
ومما قال الرئيس، فى لقائه ذاك، إن الجامعة سوف تنشأ بجهود وبإنفاق منا وكذلك التجمع السكنى الذى لم يحدد مكانه.
وما سمعته فى المرة الأولى، من أصدقاء مصريين يعيشون فى الكويت ويحملون هموم بلدهم فى وجدانهم، سمعته هو نفسه، هذه المرة أيضا، وبانزعاج أشد، بعد أن لاحظوا أن قطاعاً ليس هيناً للرأى العام فى الكويت يتململ، بعد تصريحات الرئيس، التى خلت من أى إشارة إلى تقدير للإخوة فى الكويت، يماثل تقديرنا الذى أعلنه رئيس الدولة فى كلامه لكل من السعودية والإمارات العربية معا!
ولأن الأمر لا يقتصر على تململ قطاع فى الرأى العام الكويتى، وإنما يمتد إلى معارضة إخوانية تصطاد فى الماء العكر كعادتها، وتنتهز مثل هذه الثغرات ربما غير المقصودة، على أسوأ ما تكون الانتهازية، فإننى أضع الأمر من جديد أمام الذين يعنيهم الأمر فى الرئاسة، لعلهم يتداركون خطأ من هذا النوع بالطريقة التى يرونها!
إن التحالف الذى نشأ فى صفنا، فى المنطقة من حولنا بعد 30 يونيو، لا يقل أهمية عن تحالف القوى السياسية وقتها فى الداخل، ولابد أن نكون أحرص عليه، بمثل حرصنا على تحالف مختلف قوانا فى داخل حدودنا.
وهنا، قد يكون من المناسب أيضاً، أن ألفت انتباه الذين يعنيهم الأمر فى القصر الرئاسى، إلى أن الرئيس إذا كان قد زار السعودية والكويت والإمارات، فمن الضرورى أن تتم الجولة بالذهاب إلى البحرين فى أقرب فرصة ممكنة، ففيها ملك كان إلى جوارنا فى كل الأوقات، كما أن فيها شعباً محباً لنا، ولابد أن مثل هذه الأشياء الدقيقة، ذات المعانى الكبيرة، لا يجوز بأى حال أن تفوت علينا.
لا يجوز أن تفوتنا أبداً، لأن هناك خصوماً سياسيين لنا، لا همّ لهم فى دنياهم سوى استغلال ما قد يفوت علينا فى زحام الأحداث، فلا تعطوهم الفرصة.. أى فرصة!