سليمان جودة
أذكر أن المهندس إبراهيم محلب، كان قد قال فى أعقاب أحداث الشيخ زويد الإرهابية، يوم أول يوليو، إننا فى حالة حرب، وأذكر يومها أنى تلقيت اتصالاً من خبير السياحة العالمى عنان الجلالى، يُبدى فيه انزعاجه من تصريح رئيس الحكومة، ويخشى أن يكون له تأثير سيئ على صناعة السياحة والاستثمار عموماً.
وكان تقدير الجلالى أنك إذا كنت تخاطب العالم بأنك فى حالة حرب، فما الذى سوف يدعو المستثمر، أو السائح، ليأتى إليك؟!
ولأن الرجل يعيش أغلب وقته فى الغرب، فهو يعرف عقليتهم هناك جيداً، ويعرف بأى خطاب بالضبط يجب أن نتوجه إليهم به، فى كل صباح، وكان هذا كله مبعث تخوفه من تداعيات تصريح الحرب، الذى أطلقه محلب منفعلاً بالطبع بما كان يريده الجبناء فى الشيخ زويد، لولا أن أبادهم جيشنا العظيم، وأعطاهم وأعطى الذين وراءهم درساً لا يمكن نسيانه.
وفى صباح الخميس الماضى، نقل زميلنا أحمد عبدالمقصود، فى الأهرام، عن المستثمر السياحى شريف شاهين، أن مؤتمر البنوك الإيطالية، الذى كان من المقرر إقامته فى سهل حشيش بالبحر الأحمر، قد تم إلغاؤه، وأن إلغاءه خسارة كبيرة، لأنه من أكبر المؤتمرات الإيطالية التى تقام خارج إيطاليا، وأنه كان من المخطط أن تنقل ست رحلات طيران المشاركين فى المؤتمر، من رجال بنوك، ونجوم سينما، ونجوم كرة، وغيرهم، لولا الإلغاء الذى جاء بتأثير من تصريح المهندس محلب!
اللافت للانتباه بقوة، أن ديفيد كاميرون، رئيس حكومة بريطانيا، أطلق فى يوم تصريح رئيس حكومتنا، تصريحاً مماثلاً تماماً، وقال إن بريطانيا تواجه حرباً من الجماعات الإرهابية، وإنه يتوقع هجمات منها، وإنه يتحسب لها، ويعمل على وأدها فى مهدها.. ولكن أحداً فى إىطاليا، ولا فى غير إىطاليا، قد أخذ تصريح كاميرون ليوظفه ضد السياحة فى لندن مثلاً!
فما المعنى؟!.. المعنى أن هناك مَنْ يتربص بنا على وجه الخصوص، داخل البلاد، من أعضاء «جماعة» بلا وطنية، وبلا ضمير، وبلا شرف، وخارج البلاد من الأوباش الذين لايزالون يتعاطفون معها، رغم كل ما ترتكبه فى حق المصريين من عنف.
والمعنى أيضاً، أن علينا أن نأخذ بالنا جيداً، كمسؤولين، ونحن نخاطب العالم، تعليقاً على أعمال الإرهاب عندنا، وألا نتورط إلى حكاية حالة الحرب هذه، لأنها رغم كونها حقيقية إلا أنها لا يجب أن تقال هكذا، لأن هناك صيغة أخرى، أو أكثر من صيغة فى الكلام، تؤدى الغرض تماماً، ولا تؤدى إلى تداعيات تضر السياحة فى بلدنا.
يمكننا أن نقول مثلاً إننا لسنا وحدنا فى مواجهة الإرهاب، وإن العالم معنا، لأنه يواجهه مثلنا فى أكثر من عاصمة، وإننا دون غيرنا نواجه مؤامرة داخلية وخارجية واضحة، وإننا قادرون على القضاء عليها، وإننا نستعين فى ذلك بالله تعالى، وبإرادة قيادتنا السياسية وشعبنا، وبأصدقائنا بامتداد العالم الذين يقدّرون ظروفنا.