سليمان جودة
فى لقاء مع عمران الزعبى، وزير إعلام سوريا، قال إن الدولة فى بلاده، ثم فى أى مكان آخر، تحتكر ممارسة العنف، وإنها حين تمارسه، فإنها تفعل ذلك فى إطار القانون، ومن أجل تطبيق القانون، وإنه ليس من حق أى طرف آخر، أياً كان، أن ينافسها على أرضها فى هذا الاتجاه، ولا فى أداء هذه المهمة.
قلت له خلال اللقاء الذى جرى فى دمشق الأربعاء الماضى: كلامك متفق عليه، منذ نشأ فى العالم شىء اسمه دولة، ولا جديد فيه تقريباً، ولكن المشكلة أن الدولة فى سوريا، وهى تقوم بمهمة مشروعة كهذه، تدوس على حق أبرياء كثيرين فى الحياة، ويسقط منهم الكثيرون، منذ بدأت الأزمة فى سوريا، قبل أكثر من أربعة أعوام إلى الآن.. ولا أحد يستطيع أن يدافع عن النظام السورى الحاكم فى هذه النقطة تحديداً!
ثم قلت: بما أنك وزير الإعلام، فأنت لسان حال الدولة، ونريد أن نسمع منك رداً.
قال وهو ينظر إلى الساعة فى يده: الآن.. الساعة هى الثانية والنصف بعد الظهر، وأحب أن أقول، إننا كدولة فى إمكاننا أن نقضى على الإرهاب تماماً فى تدمر، على سبيل المثال، قبل الساعة الخامسة، أى خلال ساعتين ونصف الساعة على الأكثر، وما يمنعنا من هذا، هو الخوف على حياة أبرياء سوف يسقطون فى الطريق.
قلت: ولكن العالم كله يواجه الإرهاب على أرضه بنسب مختلفة، دون أن يسقط عنده هذا العدد من الأبرياء الذين يسقطون على الأرض السورية!
قال: هذا صحيح نسبياً.. ولكن ما العمل، إذا كان أهل الإرهاب على أرضنا يتخذون من المدنيين دروعاً بشرية، ويحتمون بهم.. ثم ما العمل إذا كانوا كلما دخلوا منطقة راحوا يتخفون تحت القباب فى الأحياء القديمة وبين البيوت؟!
ودخلنا فى حوار طويل.. هو يرى أن بريئاً لا يسقط هناك إلا على سبيل الخطأ، وإلا إذا كانت القذيفة التى أصابته تقصد إرهابياً يتخفى وراءه فى الأصل.. وأنا من جانبى، أتكلم بالقاعدة الشهيرة التى تقول إن إفلات مائة مجرم من العقاب أفضل من ظلم برىء واحد.
والقصة أنك إذا ما كنت فى دمشق، فسوف ترى أشياء ثم تسمع كلاماً مختلفاً عما تراه من خلال الإعلام هنا، وعما تسمعه هنا، بما فى ذلك حكاية أطفال درعا الذين كانوا سبباً فى نشأة الأزمة عند البداية، فى مارس 2011.
إذا ما كنت هناك، فسوف لا تستطيع فى الغالب أن تدينهم، ولا أن تبرئهم، وسوف ترى عن قرب، أنهم فى معركة إرهابيين جاءوا من أنحاء العالم وتجمعوا على أرضهم، وأن الهدف هناك أيضاً من جانب الإرهاب، ليس النظام الحاكم، كما قد يبدو لنا.. الهدف هو الدولة السورية.. هو الوطن السورى.. هو الشعب السورى.. تماماً كما هو الأمر عندنا، وإن كان بصورة مختلفة.
ولذلك كله، كنت ولا أزال على يقين، من أن هذا فى إجماله حدث، ثم تضخم، حين غابت مصر عن موقعها فى سوريا.. ولابد أننا مدعوون للعودة والحضور بقوة، وبسرعة، من أجل سوريا الوطن بالأساس وأولاً.. لا من أجل الحكومة ولا النظام الحاكم أبداً!