سليمان جودة
فى كتابه الذى صدر تحت عنوان «طريقى» راح الدكتور كمال الجنزورى يسرد وقائع حياته كلها، منذ نشأته فى المنوفية، إلى دراسته فى الولايات المتحدة، مروراً بتعيينه محافظاً، ثم وزيراً، إلى أن صار رئيساً للحكومة لأربع سنوات انتهت فى أكتوبر 1999!
غير أن ما لفت نظرى بقوة أن الرجل لم يذكر حرفاً فى الكتاب عن المستشار طلعت حماد الذى رافقه السنوات الأربع كلها، وزيراً لشؤون المتابعة فى مجلس الوزراء!!.. وهو لم يرافقه، وفقط، وإنما يستطيع كل الذين تابعوا الأمور العامة، خلال تلك السنوات الأربع، أن يقطعوا، بأن الجنزورى إذا كان قد حقق نجاحاً خلالها، كرئيس حكومة، فإن مثل هذا النجاح يعود فى جزء كبير منه إلى طلعت حماد على وجه التحديد!
يعود إليه، لأنه كان يمارس مهام منصبه وقتها، كما يقول الكتاب، وكان لا ينام فى كل مساء، إلا إذا تأكد أن ما نوقش وتقرر فى اجتماعات مجلس الوزراء، يجرى تنفيذه فعلاً على أرض الواقع، دون تخاذل، ودون تقاعس، ودون إهمال محزن من نوع ما نراه!
إننى أذكر جيداً، كيف أن وزير شؤون المتابعة فى تلك الأيام كان كرباجاً يلاحق كل مسؤول فى موقعه، ابتداءً من الوزير المختص، فى أى ميدان، مروراً بالمحافظ، وانتهاءً ربما برئيس الحى ذاته.. وكان «حماد» يفعل ذلك بهمة عالية للغاية، وكان مدعوماً بقوة فيما يفعله من رئيس وزرائه، وقد وصلت ملاحقته لبعض المسؤولين أيامها إلى حد أنهم كانوا يذهبون ليشتكوا منه عند رئيس الدولة!
وأظن أن رئيس الدولة قد جاء عليه وقت، خلال الأعوام الأربعة، بدأ فيه يغار من طلعت حماد، بالمعنى السياسى للغيرة، مع أن ما كان يفعله كان يصب كله فى النهاية لصالح رئيس الدولة، وليس فى صالح رئيس الحكومة، ولا حتى فى صالح وزير شؤون متابعته!
وإذا كان الجنزورى قد تجاهل أى إشارة، فى كتابه، إلى دور ذلك الوزير إلى جانبه، فهى مسألة غير مفهومة بالمرة، كما أنى لا أعتقد أنها جاءت سهواً، ولابد أنها مقصودة تماماً.. أما لماذا هى مقصودة، فإن صاحب الكتاب هو وحده الذى يستطيع أن يجيب!
وتستطيع أن تقول، إن ما يقوم به المهندس محلب، فى الشارع، منذ أصبح رئيساً للحكومة، كان «حماد» يقوم به فى أيامه، وزيادة، ولكن بشكل مختلف، وبأداء آخر!
وحين كنت ضيفاً على برنامج «كلام تانى» على قناة دريم، مساء الجمعة، فإن مقدمته الأستاذة رشا نبيل، حين فتحت الاتصالات المباشرة مع الجمهور جاءها كلام كثير من مواطنين عاديين، يقولون بأن الحكومة الحالية ينقصها رجل مثل طلعت حماد، ليتفرغ «محلب» بعدها، لما يجب أن يتفرغ له، ويحرمه منه بقاؤه طويلاً فى عرض الشارع، يتابع هذا، ويوقظ ذاك من المسؤولين النائمين على أنفسهم!
لا أعرف ما إذا كان «حماد» نفسه يصلح للمهمة ذاتها، الآن، فنستدعيه لها دون أى حرج، أم لا؟!.. ولكن ما أعرفه أننا أحوج الناس إليه، بمهمته تلك، أو إلى رجل مثله، ينهض بالمهمة كما نهض هو بها زمان، وأكثر!
إن حاجتنا إلى مسؤول متابعة حقيقية، فى مجلس الوزراء، إذا كانت تمثل قيراطاً أيام الجنزورى، فهى تمثل 24 قيراطاً فى أيام محلب، ولو كان هذا المسؤول موجوداً هذه الأيام، لكنا قد سألناه، مثلاً، عما تم فيما سمعنا عنه، أيام مؤتمر شرم الاقتصادى من أرقام وأعمال، وقد مر على المؤتمر، الآن شهران تقريباً، دون حس عنه ولا خبر، ولكان هو، أقصد وزير المتابعة، قد راح يتابع، بإلحاح، قبل أن نسأله!
مسؤؤلون كثيرون فى أكثر من اتجاه، وفى أكثر من موقع، فى حاجة لعشرة كرابيج، لا إلى كرباج واحد، من نوعية ما كان «حماد» يحمله فى يده، موقظاً النيام فى كل صباح، من الإسكندرية إلى أسوان!