سليمان جودة
زار القاهرة، أمس الأول، عضو فى الكونجرس الأمريكى، اسمه داريل عيسى، والتقى الرئيس، وقال إنه بحث معه تقرير منظمة «هيومان رايتس ووتش» حول فض اعتصام رابعة فى 14 أغسطس 2013.
التقرير، كما يعرف المتابعون لشأنه، صدر قبل مرور عام على الفض بيومين، والمنظمة التى أصدرته، تقول عن نفسها إنها دولية، وتصفها قناة الجزيرة بأنها حيادية، لأنها دولية، وهو كلام ساقط لمن يتأمله، لأن كون هذه المنظمة منظمة دولية لا يعنى أبداً أنها حيادية، فإذا قيل عنها فى قول آخر إنها أمريكية، فإن هذا وحده، بل هذا على وجه الخصوص أدعى لأن تكون غير حيادية بالمرة، وأن تكون أبعد المنظمات عن حكاية الحيادية برمتها، وهو، مع كل أسف، ما يؤكده تقريرها المنحرف الأخير!
ولا أحد يعرف ما الذى سأل عنه العضو الأمريكى عيسى، حين التقى الرئيس، ولا نعرف أيضاً بماذا رد الرئيس، عندما سُئل من الأخ عيسى عن التقرير خصوصاً، وعن حائط مبكى رابعة عموماً!
ولكن ما نعرفه أنه كان على حكومتنا أن تخرج فى نفس يوم إعلان التقرير إياه، فتقول لنا وللعالم كله، من خلال مؤتمر صحفى تنقله كل الكاميرات، إن ما جاء فى تقرير المنظمة هذه الأمريكية الدولية، كذا، وإنه خطأ فى كيت، وإن الصحيح هو كذا.. وكذا.. بالمعلومة، وبالصورة، وبالرقم.
كيف رضيت حكومتنا أن تسكت إلى اليوم، بينما المنظمة التى يقال عنها إنها حيادية، تتاجر بالقضية فى كل محفل عام؟!.. كيف يرضى مسؤولونا المعنيون بالسكوت هكذا، بينما هذه المنظمة، من خلال تقريرها المكشوف، تصور الذين اعتصموا فى الميدان الشهير أنهم ملائكة أطهار، وتصور قوات الشرطة، ومعها بعض مسؤولينا فى المقابل أنهم شياطين أبالسة؟!
كيف لم تبادر الحكومة، من خلال مسؤوليها المعنيين، بتنفيد ما جاء فى التقرير من أكاذيب، أكذوبة، أكذوبة، منذ أول لحظة تم إطلاقها فيها على الناس؟!.. كيف تسكت حكومتنا، بينما هناك من يتعامل مع ما جاء فى تقرير المنظمة «الحيادية» على أنه حقائق؟!.. كيف لم تبادر لتقول للعالم إن الاعتصام الذى تتباكى عليه المنظمة، بقى فى مكانه 45 يوماً، وهو ما لم يحدث فى أى اعتصام فى أى دولة على وجه الأرض؟!
كيف لم نبادر، من خلال حكومتنا، لنقول للعالم كله إن المعتصمين فى ذلك الميدان تلقوا إنذاراً، وراء إنذار، وراء إنذار، بأن ينصرفوا آمنين إلى بيوتهم، فرفضوا، وصمموا على الرفض؟!
كيف لم نخرج على الدنيا، لنقول لها بأعلى صوت، إن الشرطة المصرية التى يتهمونها، عن غير حق، قد فتحت ممراً آمناً، فى يوم الفض نفسه، وطلبت من الجميع هناك أن ينصرفوا، فانصرف بعضهم، كما تابعنا كلنا فى الصور يومها، وصمم البعض الآخر على البقاء، فكان من الطبيعى أن يتحمل عواقب بقاء غير مبرر، وغير مقبول؟!
كيف لم نبادر لنقول لكل عواصم العالم إن 114 ضابطاً وجندياً من الشرطة قد سقطوا يوم الفض، وفى الأيام التالية له، وهى أيام شهدت إحراق 40 كنيسة، وإحراق أقسام شرطة، واعتداءات وقطع للطرق من جانب أتباع الجماعة الإخوانية؟!
كيف لم نأخذ صور التمثيل بجثث ضباط وجنود قسم كرداسة، فى يوم الفض نفسه، ثم نعيد عرضها على العالم، ليعلم كل صاحب ضمير حى فيه أن ما حدث فى هذا القسم، من قتل، وتمثيل بالجثث، وسحل، لا يفعله إنسان بإنسان، فما بالك إذا كان الذى فعل وقتل، وسحل، ومثل بالجثث، يقول بما قاله الله - تعالى - وقال رسوله الكريم؟!
من السهل جداً نسف أغلب ما جاء فى التقرير، إن لم يكن كله، ولا يجب أبداً أن نسكت عنه، والغريب أن بعض الذين يطلقون على أنفسهم أنهم أصحاب رأى بيننا قد خرجوا يدافعون عنه، ودموعهم الكاذبة على عيونهم الوقحة، مع أن ما جاء فيه، فى غالبيته، يدل على أنك لابد أن تحصى أصابعك إذا ما صافحت أحداً ممن ساهم فيه ولو بكلمة.