سليمان جودة
لست ضد تشكيل تحالف يمثل الأغلبية فى البرلمان الجديد، فبرلمان بلا غالبية فيه، هو برلمان عاجز تماماً عن فعل شىء، وهو برلمان غير قادر على تمرير أى مشروع قانون معروض عليه بالموافقة أو بالرفض، ولا حتى على برنامج الحكومة المرتقب.. فما الحل؟!
فهمتُ من النائب علاء عبدالمنعم، أن ما يسمى بـ«تحالف دعم الدولة» يسعى إلى خلق حل لهذه المعضلة.. معضلة أن يولد برلمان دون غالبية فيه لأحد، أو لطرف منظم يستطيع أن يوافق على مشروع قانون هنا، وأن يرفض مشروع قانون آخر هناك!
صحيح أن المستقلين غالبية فيه، ولكنهم فى النهاية مستقلون، أى أن كل واحد يمثل نفسه، ولا يوجد إطار جامع يضمهم معاً، وبالتالى، فعند الممارسة البرلمانية، سوف يكون لكل واحد منهم رأى يختلف عن رأى زميله الجالس إلى جواره!
ثم إن المشكلة الأكبر، هى أن الأحزاب العشرين الممثلة فى البرلمان، لا تمثل الغالبية مجتمعة، بافتراض أنها التقت، وأنها تآلفت، وأنها تحالفت.. وهو ما لم يحدث إلى الآن، ولن يحدث، لأن بينها خلافات أكبر من قدرتها على أن تجلس على مائدة واحدة!
وما فهمته من النائب عبدالمنعم أيضاً، أن التحالف الذى يجرى تشكيله حالياً، سوف يضم أحزاباً، وسوف يضم مستقلين، وأن المستقل فى داخله، لن يفقد استقلاليته، ولن يفقد الصفة التى فاز بها، لأنه إذا فقدها، سقطت عضويته بنص الدستور.. فالغرض كله، هو أن تكون هناك غالبية تسعف البرلمان بالموافقة، أو بالرفض، عند عرض أى شىء عليه.
بعد هذا الإيضاح من النائب المشاغب، ليس عندى اعتراض، على أن تتشكل غالبية لهذا الهدف، ولكن اعتراضى إنما هو على اسم التحالف الجديد، ثم على مضمونه الذى سوف يقوم على اسمه، وقد قالت أخبار منشورة، إنه يبحث لنفسه عن اسم جديد!.. وهى خطوة جيدة، ولابد منها.. لابد!
هى كذلك لأن إطلاق اسم «دعم الدولة» على تحالف داخل البرلمان، معناه أن الآخرين خارجه لا يدعمون الدولة، وهو ظن غير صحيح بالمرة، ثم إن تحالف الغالبية لا يولد فى أى برلمان، ليدعم الدولة، وإنما ليمارس عملاً برلمانياً مجرداً، فالعمل البرلمانى الخالص لوجه الله، ولوجه الوطن، هو داعم للدولة بالضرورة، دون حاجة إلى لافتات نرفعها مسبقاً، كما أن دعم الدولة ليس حكراً على أحد!
إن البرلمانات نشأت فى العالم، من أجل وظيفتين لا ثالث لهما، أولاهما تشريع القوانين، والثانية هى الرقابة على أعمال الحكومة، وخصوصاً على إنفاق المال العام الذى ننفقه منذ 25 يناير 2011، دون أى رقابة، ولذلك، فالإعلان عن أن تحالف الغالبية، يهدف لدعم الدولة، ينطوى على بدعة لا تعرفها البرلمانات فى أنحاء العالم، ويوجه البرلمان عندنا لأداء وظيفة، هى ليست من بين وظيفتيه الوحيدتين!
نريد لمجلس النواب أن ينجح، ونرغب فى أن نساعده، ولكنه لابد أن يساعد نفسه أولاً، بأن يحرص على أن يراعى الأصول فى عمله، وأن يكون تحالف الغالبية فيه قائماً على أساس قوى، لا تنال منه المفاجآت فى المستقبل، فيفقد مُسماه فى لحظة، إذا ما انسحب منه هذا، أو تخاذل ذاك!