توقيت القاهرة المحلي 03:24:39 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ليس للحكومة أن تتفرج!

  مصر اليوم -

ليس للحكومة أن تتفرج

سليمان جودة


نتفرج نحن فى القاهرة، حكومة وشعباً، على ما يجرى فى اليونان هذه الأيام، وكأن الحكاية هناك مجرد فُرجة، أو كأنها تخصهم وحدهم، رغم أنها ليست فُرجة بالمرة، ورغم أن فيها درساً بالغ الأهمية لكل حكومة مسؤولة، تريد فعلاً ألا يصل الأمر بمواطنيها، فى أى يوم، إلى ما وصل إليه مع الشعب اليونانى فى عاصمته أثينا!
ولابد أن المتابعين لما يدور على الأرض اليونانية، طوال أيام وأسابيع مضت، قد لاحظوا أن صحف العالم لا تتوقف عن نشر صور لمواطنين يونانيين أصابهم ما يشبه الانهيار، أمام فروع البنوك، حين ذهبوا إليها لصرف معاشاتهم، فلم يجدوا فيها شيئاً، وسقط كل واحد فيهم مُغمى عليه فى مكانه، وفى المقابل، كانت هناك عشرات الصور الأخرى لمواطنين يسألون الناس فى عرض الشارع أن يعطوهم، وأن يجودوا عليهم.. بأى مال!

وكانت الصور كلها فى النهاية، تقول بأنك أمام بلد زادت ديونه على حد الأمان، حتى وصلت إلى 331 مليار دولار، وحين حدث هذا، فإن الدائنين قد طلبوا وقفة، وقالوا بأنهم لن يمنحوا اليونان دولاراً واحداً زيادة بعد اليوم، إلا إذا كان ذلك مصحوباً بأسلوب حياة مختلف لليونانيين.. أسلوب يأتى ضمن خطة تقشف حقيقية، يفهم منها كل يونانى أن ما كان متاحاً أمامه، من قبل، لم يعد متاحاً، وأن عليه أن يعتمد على نفسه، بأكثر مما يعتمد على غيره، وأن يحذف من حياته بنوداً فى الإنفاق، لا سبيل أمام الجميع سوى حذفها كلها!

الغريب حقاً أن رئيس الوزراء اليونانى قد أجرى استفتاءً، يوم الأحد الماضى، راح يسأل اليونانيين فيه عما إذا كانوا يقبلون بخطة التقشف التى يطلبها الدائنون أم لا؟!.. وبمعنى آخر، فإن السؤال المطروح فى الاستفتاء قد جاء وكأنه يسأل المواطن اليونانى، عما إذا كان يقبل أن يعيش على قدر فلوسه، وعلى قدر دخله، مهما كان قليلاً، أم أنه يريد أن يظل يعيش كما هو، مستديناً من آخرين ضجوا بدورهم، من استدانة اليونان منهم، عاماً بعد عام؟!

وكان الطبيعى أن يرفض الشعب اليونانى، فى غالبيته، سؤال الاستفتاء، وأن يقول «لا» للتقشف الذى عليه أن يلتزم به، إذا أراد الحياة من جيبه، وليس من جيب غيره!

ولأن الذين تستدين منهم اليونان لا يجدون فلوسهم فى الشارع، فإنهم قد أفهموها، بكل لغة ممكنة، أنه لا دولار واحداً بعد الآن إلا إذا كان مقترناً ببرنامج تقشف جاد فعلاً.. برنامج يقول، بكل وضوح، إن من أراد أن يعيش مترفاً فليكن ذلك على حسابه!

وقد كنت، ولاأزال، أراقب ما يحدث عندهم، وأسأل نفسى عما إذا كانت حكومتنا قد أخذت الدرس الواجب منه، أم أنها مثلنا تتفرج.. إنه إذا جاز لآحاد المصريين أن يتفرجوا، فلا يجوز ذلك للحكومة بأى حال!

إجراء واحد على الأقل كنت أنتظره من حكومتنا، هو أن تأتى بقائمة وارداتنا أمامها، ثم تمسك قلماً، لتشطب به كل ما ليس له لزوم فى هذه القائمة، وهو كثير للغاية.. وهناك بالطبع إجراءات عديدة أخرى مطلوبة، وبسرعة، غير أن هذا الإجراء تحديداً، هو ما كنا ننتظره ابتداءً، ولانزال!

حكومتنا مثلنا تتفرج على المسلسل اليونانى، وهو عيب كبير فى حقها، فضلاً عن أنه يتناقض تماماً مع مقتضيات المسؤولية الملقاة على كتفيها إزاء كل مواطن.

عندى سؤال محدد للمهندس محلب: ماذا بالضبط دار فى خاطرك وأنت تتابع مسلسل اليونان، الذى يتأزم ساعة بعد ساعة؟!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ليس للحكومة أن تتفرج ليس للحكومة أن تتفرج



GMT 03:24 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

الأوركسترا التنموية و«مترو الرياض»

GMT 03:19 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

بعيداً عن الأوهام... لبنان أمام استحقاق البقاء

GMT 03:07 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

جاري الشاعر

GMT 02:44 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا وسيناريو التقسيم

GMT 02:38 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

عز الشرق أوله دمشق

GMT 02:35 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

الاندلاع الثاني للصراع السوري

GMT 02:29 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

كامل الشناوي وأكذوبة (لا تكذبي)

GMT 02:24 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

الأخلاق والتنوع والحرية (9)

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 17:41 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة
  مصر اليوم - أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة

GMT 17:46 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تواصل النجاح على المسرح بعد السينما
  مصر اليوم - منة شلبي تواصل النجاح على المسرح بعد السينما

GMT 04:49 2018 الأربعاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

"الأرصاد المصرية " تعلن عن درجات الحرارة المتوقعة الأربعاء

GMT 03:57 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

توماس توخيل يتوج بـ11 لقبًا قبل بداية مشواره مع منتخب إنجلترا

GMT 12:10 2021 الأحد ,24 كانون الثاني / يناير

صدام جديد بين مانشستر يونايتد وليفربول في كأس الاتحاد

GMT 12:38 2021 الأربعاء ,20 كانون الثاني / يناير

تفاصيل القبض على والد طفلة التعرية في الدقهلية

GMT 07:05 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

تعرف على أبرز 5 أسباب للشعور بالتعب طوال الوقت
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon